أصيب المنسق الجهوي للقوات المساعدة، صباح أول أمس الخميس، على مستوى يده اليمنى أثناء «اجتياح» ما يقرب من 100 فرد من «المخازنية» ل«دوار صفيحي» بمركز فاس بغرض استكمال «مجهودات» هدمه. عندما رشقه بالحجارة عدد من «مقاومي» هذه العملية التي استمرت ليومين، وانتهت مساء أول أمس ب«مسح» شبه كامل لحيين صفيحيين يعدان من أقدم الأحياء بالمدينة. وفي الوقت الذي قال فيه مصدر مقرب من المسؤول إن الذين رشقوه، رفقة عناصره، بالحجارة هم غرباء عن هذا الحي، فإن شهود عيان أكدوا أن «احتجاجات» عفوية لساكنة الحي، تزعمتها نساؤه، ضد عناصر السلطة المحلية كانت وراء هذه الإصابة. ولاستكمال عملية «مسح» كل من حي «البومبي» وحي «حمان» بملحقة عين عمير بمنطقة سايس، عمدت السلطات إلى اعتقال عدد من الشبان قررت الاحتفاظ باثنين منهم رهن الاحتجاز إلى حين إنهاء هذا التدخل. ولهدم ما يقرب من 100 «براكة»، «أغرقت» السلطات المحلية المنطقة برجال القوات المساعدة وعدد كبير من أعوانها، ودفع هذا «الحصار» مقاومي قرار الهدم إلى الانسحاب من ساحة «المعركة»، وفُرض على الأسر القيام بهدم «براريكهم» بأنفسهم، في حين تمت الاستعانة بجرار تابع للسلطة لمحو ما تبقى من آثار هذه «المنازل» التي يعود تاريخ بناء جزء كبير منها إلى سنوات الاستعمار. وتندرج هذه العملية، التي يصفها سكان هذه «البراريك» بالمفاجئة، في إطار خطة وضعتها السلطات المحلية للقضاء على دور الصفيح بجهة فاس. وتقول ولاية جهة فاس بولمان إن هذه الخطة ستؤدي إلى القضاء على ما يقرب من 1000 «براكة» بالجهة. وبالرغم من أن عملية إخلاء هذه المنطقة قد انطلقت منذ 2006، فإنها تعثرت، ما دفع السلطات إلى تنظيم «إنزال» لفرض إخلاء أرض تؤكد بأنها تابعة للأملاك المخزنية. ومنحت للمرحلين بقعا أرضية في تجزئة بمنطقة بنسودة، وهي المنطقة التي توصف بكونها أحد معاقل العمدة شباط. وفرض عنصر المفاجأة على بعض الأسر، بعد عملية الهدم، مواجهة مصير مجهول. وبات بعضها في العراء ليومين مستمرين، رفقة أطفال ورضع ومسنين. وقالت مليكة بسام، وتبلغ من العمر 55 سنة، وهي تمسح دموعها، إنها ستمضي، رفقة عائلتها، الأيام القادمة في العراء، في انتظار تدبر أمرها. أما سعيد بسام، وهو مياوم يبلغ من العمر 43 سنة، فقد أشار، وهو يمسح دموعه، إلى أنه لم يشتغل منذ 5 أشهر وسيكون مجبرا، رفقة صغاره الخمسة، على إمضاء لياليه في الخلاء في انتظار حصوله على مساعدة من محسنين. فيما سيعيش عدد كبير من أطفال هذه العائلات انقطاعا وهدرا دراسيا، دون أن تبالي بمصيره أي جهة من الجهات. وقال أحد المشرفين على العملية إن البقع التي منحت لساكني هذا الحي معفاة من تصاريح الرخص وتتوفر على صكوك عقارية ومحفظة وسيتم ربطها بالمجان بالماء والكهرباء وقنوات الصرف الصحي. ووصف أحد أعوان السلطة المرابطين بهذه المنطقة الصفيحية الوضع ب«المأساوي»، موردا بأن الساكنة تعيش بدون ماء صالح للشرب ولا كهرباء ولا قنوات للتطهير، وفي «دور» أشبه ما تكون ب«الكهوف». وسيكون بإمكان المستفيدين من العملية بيع بقعهم بمبالغ مالية وصفت بالكبيرة بالنظر إلى الارتفاع الذي سجله العقار في تجزئتهم الجديدة، ليتحولوا بعد ذلك إلى شقق السكن الاجتماعي بمركز المدينة. وسيبقى مصير حوالي 20 عائلة «تقطن» هذا الحي معلقا، في انتظار تعميق البحث حول تاريخ «توطينهم» بحي «البومبي». ولجأت السلطات المحلية إلى «شهادات» مسنين ولدوا وترعرعوا في هذه المنطقة للحسم في ملفاتهم. وكانت هذه الحالات العالقة، طبقا لأحد المسؤولين الإداريين بدائرة سايس، قد أطاحت، منذ 3 أشهر، بأحد أعوان السلطة برتبة «مقدم» يباشر مهامه في أقدم حي صفيحي بمركز فاس، وذلك بعدما وجهت له لجنة تأديبية تهمة عدم تقديم تفسيرات حول حالات سماسرة قيل إنهم حلوا سكانا بهذا الحي في ظروف مشبوهة. «براريك» تختفي وأحياء عشوائية تنبت في هوامش فاس استخف أحد المستشارين الجماعيين بفاس ب«الحرب» التي أعلنتها السلطات المحلية بجهة فاس على الأحياء الصفيحية بها. وقال إن السلطات مطالبة بالحزم في معالجة ملف البناء العشوائي الذي أنتج غض الطرف عنه في الآونة الأخيرة أحياء بكاملها دون أي تراخيص أو تصاميم. وعاد، في شهر غشت الماضي، إلى الواجهة ملف «حي ادريسي»، والذي لا تزال «عماراته» تشيد في الخفاء والعلن دون أي التزام بالقانون. واتهم أحد ملاك هذه الأرض التي تبنى عليها هذه «العمارات» أحدَ المستشارين الجماعيين بالتورط في العملية بشكل مباشر. ولم يستبعد احتمال تورط عدد كبير من المسؤولين المحليين المنتخبين والإداريين في هذا الملف. ودعا، في شكايات وجهها بالبريد المضمون، وزيرَ الداخلية إلى فتح تحقيق عميق في ملف «الهراويين» بفاس. وكانت أخبار قد راجت عن حلول لجنة مركزية من وزارة الداخلية بفاس للاستماع إلى عدد من هؤلاء المسؤولين المحليين، إلا أن الاستقلالي حميد فتاح، رئيس مقاطعة سايس نفى أن يكون على علم بوجود أي لجنة للتحقيق في الملف، كما نفى أن يكون قد تم الاستماع إليه في هذا الملف. لكن خبر تنامي البناء العشوائي في هوامش المدينة هزت أركان عدد من المقاطعات والملحقات الإدارية بالمدينة. وكانت «المساء» قد عاينت، في بداية شتنبر الماضي، أوراش البناء في وقت متأخر من ليالي رمضان في حي ادريسي، المحاذي لحي «عوينات الحجاج»، أكبر الأحياء الهامشية بالمدينة بكثافة سكانية تقارب 70 ألف نسمة، انطلق «تشييده» بشكل عشوائي في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي وارتفعت وتيرة بنائه بعد أحداث 14 دجنبر 1990، واستمر البناء به وتراجع في بداية الألفية الثانية، قبل أن يعود الحديث عنه من جديد في الأشهر الأخيرة.