أقدمت السلطات أول أمس على هدم 15 مسكنا بالدواوير الصفيحية بمنطقة عكراش بالرباط باستعمال القوة العمومية وقوات التدخل السريع التي حاصرت المكان ومنعت السكان من أخذ أمتعتهم، مشردة بذلك عشرات الأسر والعائلات الفقيرة التي تقيم بتلك الدور الصفيحية لمدة تصل إلى 50 سنة، وتعرضت خلال عملية الهدم التي تمت في ساعة متأخرة من نهار أول أمس امرأة حامل لجروح، كانت بداخل مسكنها أثناء هدمه، حيث تم نقلها في ظروف صحية خطيرة إلى مستشفى ابن سينا، بينما تم اعتقال زوجها الذي احتج على هدم مسكنه. وكانت قوات التدخل السريع والقوات المساعدة قد حاصرت دوار القهاوي بمنطقة عكراش منذ صبيحة أول أمس الثلاثاء بحضور السلطات المحلية المشرفة على عملية هدم البيوت الصفيحية، غير أن تجمهر السكان وحضور وفد عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذي دخل في حوار مع ممثلي السلطة المحلية حال دون إتمام عملية الهدم، إلا أن ممثلي السلطة المحلية رفضوا إعطاء مهلة للسكان من أجل البحث في هوية المستفيدين من مشروع إعادة إسكان قاطني الدور الصفيحية بمنطقة عين عودة واستثناء غير المسجلين ضمن المستفيدين من الهدم، وبرر ممثلو السلطة عملية الهدم بتلقيهم أوامر بذلك. وقال أديب عبد السلام، من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريحات ل«المساء» إن موضوع الدواوير الصفيحية بدأ عام 1992 بعد إجراء إحصاء بالسكان القاطنين بها لكي يستفيدوا من السكن، كما تم إحصاءان جديدان عامي 2002 و 2003، إلا أن خروقات شابت تلك الإحصاءات لكونها لم تشمل جميع القاطنين الذين لهم الحق في الاستفادة، وفي عام 2002 تم توزيع عدد من البيوت على بعض الأشخاص الذين لا يستحقون مقابل رشاوى وعمولات، مثل عون سلطة بدوار القهاوي استفاد من أربع بيوت ولا يزال يحتفظ بمسكنه بالدوار في نفس الوقت، وتم استثناء حوالي 100 أسرة من الاستفادة من السكن، وجدت نفسها أخيرا أمام قرار بهدم مساكنها دون أي بديل، وذلك للتسريع بإخلاء المنطقة في أقرب وقت لتجهيزها في إطار مشروع تهيئة ضفتي وادي أبي رقراق، حيث يشاع بأن المنطقة سوف تسلم إلى «مستثمر كبير». وانطلق مشروع إعادة إسكان قاطني الأحياء الصفيحية بمنطقة عكراش عام 2004 لوضع حد للسكن المأساوي الذي كانت تقيم به أزيد 1500 أسرة، وسط مطرح للنفايات، وفي عام 2007 نظم سكان دوار القهاوي الذين تأخر إدماجهم في المشروع السكني الجديد بعين عودة وقفة احتجاجية أمام عمالة تمارة، وطلبت السلطات إثر ذلك ممثلي السكان وممثلين عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الجلوس على مائدة الحوار، ومدها بلائحة العائلات غير المستفيدة لدراستها حالة بحالة، وبعد ذلك وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان رسالة إلى وزير الداخلية مرفوقة بلائحة العائلات غير المستفيدة، إلا أنه منذ ذلك الوقت لم يتلق السكان أو الجمعية أي رد من السلطات المحلية على تلك المطالب. وقال أديب عبد السلام، من فرع الرباط بالجمعية، إن ما حصل يعتبر كارثة إنسانية ولا يتماشي مع الخطاب الرسمي حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووصف عملية الهدم بأنها خارجة عن جميع القيم الإنسانية وتمس بحقوق الأفراد في السكن، خصوصا وأن المقيمين بتلك الدواوير جميعهم من الأوساط الفقيرة والمعوزة التي لا تتوفر على أدنى شروط العيش.