واصلت جرافات عدة عملية هدم منازل ودور صفيحية عن آخرها، يوم الثلاثاء 22 أبريل 2008، في حي لاكانيادا ريال كاليانا، بضواحي العاصمة الإسبانية مدريد بذريعة أنها بنايات غير قانونية وعشوائية، رغم وقوف السكان ومحاولتهم منع الهدم. وذكرت يومية "إلبايس" الإسبانية، أن الهدم جرى بعد إنزال أمني قوي بالحي وإرغام سكان المنازل على إفراغها بالقوة، تحت إشراف عناصر الشرطة، إذ حضر العملية أكثر من خمسمائة رجل أمن، تفاديا لتكرار حدوث الاصطدامات التي عاشتها المنطقة في أكتوبر 2007، حين أدى الطرد باستعمال القوة، الذي تعرضت له أسر مغربية ومن جنسيات أخرى بالبلدة نفسها، وهدم منازلهم، إلى مواجهات بين الشرطة الإسبانية وهذه الأسر، خلفت حوالي 30 جريحا. وأضافت اليومية، استنادا إلى وكالة الأنباء الإسبانية "أوروبا بريس"، أن مجموع المنازل المستهدفة يصل إلى 9، بما فيها منزل رئيس جمعية جيران لاكانيادا ريال، مبرزة أنه إلى حدود العاشرة من أول أمس، أتت الجرافات على كوخ صفيحي تقطنه عائلة مغربية لديها سبعة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين شهرين و12 سنة، إضافة إلى مراهق يبلغ 18 سنة، ومنزل من ثلاثة طوابق وثماني شقق يقطن بها 80 شخصا، معظمهم من المهاجرين المتحدرين من أميركا اللاتينية. وأوضحت، أن مصادر من رئاسة الشرطة الإقليمية أكدت أن الهدم جاء استجابة لأمر قضائي، مثلما حدث في المرة السابقة، وأن العملية ستتواصل رغم رفض السكان، موضحة أن الإفراغ بدأ عند التاسعة صباحا بعد إنزال قوي لعناصر من الشرطة الوطنية، وشرطة مكافحة الشغب والفرسان وممثلين عن المجلس البلدي، إضافة إلى الفرقة الإقليمية للاستعلامات، المختصة في مكافحة الإرهاب والتجمعات القبلية بالحواضر. وعبرت العديد من النساء من سكان الحي عن غضبهن الشديد، ورددن شعارات احتجاجا على قرار الهدم، وصرخن في وجوه عناصر الشرطة "انصرفوا، اذهبوا، قتلة"، فيما أصيبت الشابة المغربية، إيمان (20 سنة)، بانهيار عصبي، خاصة بعد أن علمت أن أسرتها مكثت بالمنزل رغم وجوده بجوار المنزل المهدم. ووصف شهود عيان من سكان المنطقة، حسب وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، ما رآه بالإنزال العسكري على منطقة خطيرة، خاصة مع مراقبة جوية عن طريق مروحية تحوم فوق المكان، وعناصر الوقاية المدنية وسيارات إسعاف "سامو"، استعدادا لوقوع حوادث. وأضاف أن حوالي 40 شخصا من سكان الحي وقفوا أمام طريق الجرافات، وحاولوا منعها من المرور والتقدم نحو المنازل وهدمها. وأبرز المصدر أنه بعد شجارات بين السكان وعناصر الشرطة، تدخل فيها أيضا بعض الصحافيين، بلغت حد السب والشتم والصفير، تمكن عناصر الشرطة من إزاحة السكان واعتقال بعضهم، وبالتالي، تمكين الجرافات من مواصلة عملها. وذكر ميغيل مارتين، الناطق الرسمي باسم جمعية سكان حي لاكانيادا ريال، أن عناصر الشرطة بدأوا يتوافدون على المنطقة منذ الخامسة صباحا، إذ وضعوا حراسا في كل مداخل الحي، الذين أخضعوا مجموعة من المهاجرين المغاربة أثناء عودتهم من صلاة الفجر لتفتيش دقيق، كما طلبوا منهم الإدلاء ببطاقات هويتهم. وقال إن مندوبية "دي ريفاس فاسيامدريد" هي التي تسعى وراء هدم دور ومنازل حي لاكانيادا ريال، موضحا أنها "ترغب في استغلال الأراضي التي بنيت عليها المنازل دون مراعاة لوضعية سكانها، الذين يتكونون في معظمهم من المهاجرين، وعلى رأسهم المغاربة، إضافة إلى بعض المواطنين الإسبان". وذكر أن سكان المنازل الملتصقة بالتي جرى هدمها، لم يغادروا أماكنهم رغم الخطر الذي يهدد حياتهم وحياة أبنائهم، وبعد أكثر من نصف ساعة، تجمع السكان في مقر الجمعية للاتفاق حول الإجراءات الواجب اتخاذها ومنع مواصلة هدم المنازل الأخرى.