في هذه السلسلة من الحوارات، يتحدث ادريس اليعكوبي، القيم الديني على جامع القرويين، عن هذه المؤسسة وتاريخها ومرافقها وجامعتها. الجامع الذي أسس منذ ما يقرب من 12 قرنا تم ترميمه في الآونة الأخيرة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بأمر من الملك محمد السادس، وذلك بعدما أدى فيه صلاة جمعة ووقف على وضع بنايته المتآكل. وبالرغم من تاريخه العريق، وبالرغم من أنه يوجد داخل المدينة العتيقة لفاس ولا يمكن الوصول إليه إلا عبر أزقة ضيقة، فإنه لا يزال قبلة للزوار والسياح الأجانب، كما لا يزال قبلة لطلاب العلم والمعرفة. وحتى برامج العلم فيه طرأت عليها تغييرات وأصبحت تدرس فيه اللغات الأجنبية إلى جانب العلوم الشرعية. ادريس اليعكوبي يقربنا من هذه المؤسسة وخصوصياتها ومرافقها طيلة أجزاء هذا الحوار. - وماذا عن الأجواء في رمضان؟ < الأجواء في الجامع لها روحانيتها الخاصة، يحس بها الإنسان المتردد يوميا على القرويين، ولاسيما سكان المدينة القديمة. وبالنسبة إلى القرويين أثناء رمضان، فإنها تكون غاصة بالمصلين ويتلى فيها القرآن في كل ناحية، وهناك سنة سنها العلماء وهي أنه يقرأ حزبان بعد الظهر جهرا قرب الصومعة.. قراءة يقشعر لها جلد من يسمعها. - وكيف تمر الأيام العادية في الجامع؟ < السكينة موجودة والطمأنينة موجودة، والمصلون يرتادون المسجد بشكل دائم ويأتون من كل الأسواق المجاورة. - وما هي أهداف زيارة الأجانب للقرويين؟ < الكل حسب نيته. هناك من يأتي للتبرك وهناك المثقف الذي يبحث على التراث وجماليته، والبيت قائم منذ 12 قرنا خلت وزيادة. - وهل يحضر الغرباء الدروس التي تعطى للتلاميذ؟ < في بعض الأحيان، ولكن ليس بكثافة ودون أن يتم التشويش على الطلبة والأستاذ. - وهل لايزال العالم أو الفقيه يمسك بالعصا؟ < لا أحد يأخذ العصا هنا إلا خطيب الجمعة، والتعامل يشبه تعامل الأب مع ابنه. والأساتذة كلهم يمتازون بأخلاق طيبة ويعطون الطالب أكثر من وقته. واللغات الأجنبية يدرسها أساتذة مغاربة مختصون، عادة ما يتم اختيارهم من الجامعة. - وأنت كقيم ديني، ما هي أهم اختصاصاتك؟ < أنا مسؤول عن الحراسة ومسؤول عن الأذان وأسهر على مراقبة المسجد عند غياب الإمام، لأن المسؤول الأول والأخير هو الإمام. - وكيف تتعامل الوزارة مع الجامع؟ < الجامع تابع للوزارة منذ القدم، ونفس الصلة الموجودة بينهما لازالت هي السائدة. - ومداخيل الجامع؟ < هي ليست من اختصاصنا، هي مسؤولية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي عبارة عن أوقاف موجودة منذ القدم، منها مزارع فلاحية ومنها دكاكين للتجارة ومنها دور للسكن. - وهل هناك أملاك كثيرة للجامع؟ < حسب ما يروج عند الساكنة القديمة لفاس، فإن مداخيل القرويين تعادل كيلوغراما من الذهب كل يوم. لطالما سمعنا بهذا لما كنا صغارا. لكن المداخيل هي من اختصاص الوزارة. - وكم يكلف المؤذن مثلا؟ < المؤذن تقريبا يتقاض 900 درهم شهريا، وهي مكافأة وليست وظيفة، وفي السابق كان المؤذن لا يقتصر على الأذان، إذ يمكن أن يكون تاجرا أو صانعا. بخلاف ما هو عليه الحال الآن، فالقيمون الدينيون متفرغون للمهام التي يقومون بها. - وبالنسبة إلى الحارس؟ < الحارس يتقاض مبلغ 1500 درهم شهريا. وأوقات العمل بالنسبة إليه تصل، في بعض الأحيان، إلى 16 ساعة. - والإمام والخطيب؟ < لست أدري - وكيف ينظر القيم إلى هذه الأوضاع المادية؟ < كل إنسان إنسان يطمح إلى المزيد، لأن تكاليف الحياة في ارتفاع مستمر. - في ما يخص الوعظ، هل هو مفتوح في وجه أي كان؟ < لا هناك مختصون، ولا يمكن فتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب. الوزارة تتكفل بهذا الجانب. - هل هناك طالبات بالجامع؟ < حاليا لا توجد طالبات، هن لم يأتين للتسجيل، ولا أعتقد أن الوزارة ترفض طلباتهن. -الجامع قريب من الزاوية التيجانية ومن مولاي ادريس الأزهر؟ < هاتان المؤسستان يشرف عليهما أبناء العائلة، تحت وصاية الوزارة، بخلاف القرويين والتي تتبع نظام الوزارة بدون تحريف ولا تغيير. - وبالنسبة إلى القيمين في القرويين كيف يتم استقطابهم؟ < القدماء يقولون إن المؤذن المرشح لخلافة مؤذن آخر بعد وفاته تتم الاستشارة مع المؤذنين الموجودين في القرويين حول صلاحه ومدى إجادته للأذان. الآن، عليه أن يكون حافظا بعض الشيء من القرآن ويحسن الأذان ويقدم طلبا للوزارة ونفس المسطرة تعتمد بالنسبة إلى الباقي.