في هذه السلسلة من الحوارات، يتحدث ادريس اليعكوبي، القيم الديني على جامع القرويين، عن هذه المؤسسة وتاريخها ومرافقها وجامعتها. الجامع الذي أسس منذ ما يقرب من 12 قرنا تم ترميمه في الآونة الأخيرة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بأمر من الملك محمد السادس، وذلك بعدما أدى فيه صلاة جمعة ووقف على وضع بنايته المتآكل. وبالرغم من تاريخه العريق، وبالرغم من أنه يوجد داخل المدينة العتيقة لفاس ولا يمكن الوصول إليه إلا عبر أزقة ضيقة، فإنه لا يزال قبلة للزوار والسياح الأجانب، كما لا يزال قبلة لطلاب العلم والمعرفة. وحتى برامج العلم فيه طرأت عليها تغييرات وأصبحت تدرس فيه اللغات الأجنبية إلى جانب العلوم الشرعية. ادريس اليعكوبي يقربنا من هذه المؤسسة وخصوصياتها ومرافقها طيلة أجزاء هذا الحوار. - لنتحدث بعض الشيء عن القيمين الدينيين في الجامع.. < فيما قبل، كان هناك 10 مؤذنين، وكان هناك الإمام والخطيب وحارسان. الآن هناك سبعة مؤذنين، لأن من العشرة من أصبح مريضا ومنهم من مات ومنهم من تخلى. هناك إمام ونائب رسمي له وخطيب ونائب رسمي له وثمانية حراس، وهناك «الحزابة» كما ذكرت في السابق، أي من يقرؤون القرآن في الصباح والمساء. وهذا ما جرت عليه العادة في جل مساجد المملكة والتي يقرأ فيها حزب بعد صلاة الصبح وحزب بعد صلاة المغرب. - وما هي مهمة الحراس؟ < السهر على أمن المسجد وعلى سلامته وعلى سلامة المصلين وما يوجد داخله. - والمؤذن؟ < مهمته الأذان، وكل مؤذن له وقته الخاص ثم إقامة الصلاة. وهناك تقسيم للوقت بين المؤذنين: هناك مؤذن الصبح ومؤذن الظهر ومؤذن العصر ومؤذن «حوف» العصر، لأننا نؤذن لصلاة العصر مرتين، بحيث يؤذن المؤذن الأول وبعدها بنصف ساعة يؤذن مؤذن آخر، وهذا الأذان الثاني نسميه «الحوف» وتحل الصلاة بالمسجد. والصلاة تكون في المساجد الصغرى بعد الأذان الأول. وتتم الصلاة في الجامع في آخر وقت حتى يتمكن المصلون من إدراك الجماعة، أي أن من فاتته الجماعة في مسجد صغير يمكنه أن يدركها في المسجد الكبير. ثم هناك مؤذن المغرب ومؤذن العشاء. وفي السابق، كان هناك ثلاثة مؤذنين للعشاء، لكن بشكل مسترسل. - لماذا؟ < لأن لصلاة العشاء مكانتها. وبهذه الطريقة، يستطيع كل الناس سماع الأذان، بمعنى من لم يسمع الأذان الأول فإنه يسمع الثاني، ومن لم يسمع الثاني فهو يسمع الثالث، وبالتالي يستطيع أن يدرك صلاة الجماعة في المسجد. والمسجد يغلق بعد صلاة العشاء، وهذا فيه حرص على تبليغ الناس. - وبالنسبة إلى الإمام؟ < الإمام هو الإمام الراتب ويؤدي الصلوات الخمس، ويتناوب مع نائبه في أدائها، وذلك حسب التفاهم الذي يحصل بينهما. يمكن أن يصلي يوم ويحل محله الثاني، في أحيان أخرى يصلي أحدهما صلوات الجهر والثاني صلوات السر. - والخطيب؟ < الخطيب يأتي كل يوم جمعة. والأستاذ الغازي الحسيني هو الخطيب منذ مدة. ونائبه إلى حد الساعة لم يأت لأن الأستاذ لم يتغيب قط عن أداء الصلاة. - وما هي أعراف الأذان في الجامع؟ < منذ القدم وهي أم المساجد في فاس، أي أنه لا ينبغي لمسجد أن يسبق في الأذان مسجد القرويين. إنه هو الذي يعطي الانطلاقة لباقي المساجد في ما يتعلق الأذان. وفيما قبل، كان النظار يتخذون عقوبات في حق كل مؤذن في المساجد الأخرى إذا ما سبق مسجد القرويين في الأذان. والعقوبة يمكن أن تصل إلى يومين من التوقيف. وهذا لكي لا تفقد القرويين دورها الذي تلعبه. ولازالت القرويين تعطي الانطلاقة للمساجد في الأذان. والمؤذن في القرويين ليس هو الذي يضبط الوقت، هناك عالم من علماء الفلك هو الذي يكون مسؤولا عن التوقيت، وهو الذي يعطي الانطلاقة للمؤذن لكي يؤذن، وحاليا هو الاستاذ الغازي الحسيني. فالمؤذن يوجد في الصومعة والأستاذ في «غريفته»، وهو يدق ثلاث دقات فيقوم المؤذن بالأذان. ويمكن أن ينوب أحدهم عن العالم الفلكي شرط أن يكون ضابطا للوقت. و»الغريفة» عبارة عن محل مملوء بالساعات والتي يتم ضبطها كلها لتسير في اتجاه واحد. أكثر من ساعات «السارية» والتي نسميها «ساعات السارية»، وفيها ساعات مائية وساعات أخرى حائطية، وهذا يتم في مختلف الصلوات. - وماذا عن مسألة رفع العلم؟ < نعم، عند أذان العصر مثلا يرفع علم أبيض اللون في الصومعة. وأثناء الأذان الثاني يتم إنزال العلم. وكذلك يوم الجمعة، أثناء أذان الصبح يرفع العلم الأسود أو الأزرق، وانطلاقا من العاشرة صباحا يتم تبديله بالعلم الأبيض. وبحلول صلاة الظهر وعند الأذان الأول ينزل العلم الأبيض إخبارا للمساجد الأخرى ببداية وقت صلاة الجمعة.