سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بنمنصور: إخراج السماع من الزوايا لعب دورا في نشر ثقافة السماع الصوفي شيخ المادحين والمسمعين بالمغرب قال ل«المساء» إن نشوءه في أسرة تتنفس المديح كان سببا في تعلقه بهذا الفن
يعد عبد اللطيف بنمنصور واحدا من أبرز المسمعين في المغرب ومن رواد الموسيقى الأندلسية، إذ هو أول من جمع ديوان الحايك المخصص لأشعار الآلة الأندلسية في المغرب. ولد بنمنصور بالرباط عام 1926، وفي عام 1958 أنشأ«جمعية هواة الأندلس»، وعين رئيسا للجنة العلمية التي عهد إليها بتسجيل «أنطولوجيا الآلة» من عام 1989 إلى عام 1992، كما يعتبر المسؤول عن إعداد برامج المديح النبوي في الحضرة الملكية من سنة 1965 إلى 1970، ثم من 1997 إلى اليوم. له عدة إصدارات في المجال، من بينها» تهذيب الأشواق في جيمية الشيخ الحراق» عام 1962، وحقق «كناش الحايك» عام 1977، كما له ديوان شعري بعنوان «نفحات العرف والذوق في مدح طه سيد الخلق». في الحوار التالي يتحدث الشيخ بنمنصور عن تجربته في مجال المديح والسماع. - كيف كانت بدايتك مع فن المديح والسماع؟ حفظت القرآن على يد الفقيه الشيخ الحاج ادريس برادو، وكان حافظا متقنا زاوجت فيه بين ميزتي الحفظ والفهم، حتى أني كنت وما أزال معروفا لدى أصدقائي وجلسائي بسرعة بديهتي في استحضار الشواهد من آي القرآن الكريم على الوقائع والأحداث. وبعد ذلك درست الألفية وبقية علوم الآلة على يد الأستاذ الجليل سيدي عبد الله الجراري، والد المستشار الملكي الدكتور عباس الجراري، كما انتسبت إلى مجالس الفقيه الكبير والمحدث النحرير الأستاذ سيدي محمد بن المدني الحسني لسنوات، وبعد الإحاطة بحظ وافر من العلوم الشرعية وغيرها انخرطت في خطة العدالة بعد اجتياز اختبار دقيق سنة 8491. - هل كان للأسرة دور في توجيهك إلى هذا الاختيار؟ اعتبارا لكون الدر من معدنه كما يقال، فإن نشوئي في أسرة وبيئة تتنفس المديح والسماع كان السبب المباشر في تعلقي وولعي بهذا الفن الراقي، ذلك أن جدي لوالدتي هو الفقيه العلامة العدل الفهامة سيدي عبد السلام اكديرة مقدم الزاوية الحراقية الدرقاوية بمدينة الرباط في إبانه، ووالدي محمد بنمنصور كان من أوفى مريدي هذه الزاوية وخادم مقدمها، وضمن هذه البيئة الصوفية الربانية تربيت ونشأت أتنسم أريج مجالس الذكر والسماع بكرة وعشيا، فكان أن وقر هذا الفن في سويداء قلبي واحتل الصدارة في مسار اهتماماتي وانشغالاتي، سيما وأن جدي رحمه الله كان يرعاني ويهذبني ويحدثني بحديث أهل المديح والسماع، وبعد أن اشتد عودي أخذ جدي يصحبني معه إلى الزاوية الدرقاوية حيث تشربت نفسي أصول المديح والسماع على يد فطاحل المسمعين والمادحين آنذاك. - أنت تعتبر من المجددين في هذا المجال، ماهي معالم التجديد والإضافات التي قدمتموها في مجال المديح والسماع في المغرب؟ يعرف أهل هذا الفن من المسمعين والباحثين أنني أسهمت بحظ وافر في تجديد عدد من الموازين وإثرائها، وتشذيب عدد من القصائد وتصحيحها، كما كان لي شرف تلحين عدد من «الأدراج»التي لم تكن موجودة في الموسيقى الأندلسية، أذكر منها أدراج نهاوند، السيكا، الحصار وغيرها، كما أخرجت عددا من «الإنشادات» التي كانت مفقودة مثل الحصار ومختصر الاستهلال مثلا، مع العلم أن كل درج من الأدراج التي لحنتها يتضمن ما ينيف على عشرين صنعة، ولا ريب أن أهل هذا الفن يعلمون ما يتطلبه إنجاز عمل كهذا من جهد كبير. وفي الجملة أستطيع التأكيد على أن لي أكثر من ألف تلحين موزع بين مختلف الموازين والصنائع، حتى أنك لا تكاد تجد مجلسا من مجالس الذكر في طول البلاد وعرضها يخلو من إحدى نفحات عملي وشغلي في هذا المجال، والحمد لله. - لم يعد السماع الصوفي مقتصرا على الزوايا في السنوات الأخيرة، وإنما أصبحت تقام له مهرجانات خاصة، ما رأيك في هذه الظاهرة؟ أشرف بأن كان لي حجر السبق، بدعم من جمعيات وطنية رائدة، في الخروج بصنائع المديح والسماع، وخاصة جانب السماع، من بين جدران الزوايا، وتقريبها إلى جمهور المهتمين عبر إقامة سهرات مشهودة للمديح والسماع بأكبر المسارح ضمن فعاليات مهرجانات ولقاءات خاصة بهذا الفن الراقي، ولقد كانت تجربة المهرجان الوطني لجمعية أبي رقراق بسلا من 9891إلى 4991 رائدة في هذا المجال، وتبعتها مهرجانات فاس وتازة ومراكش والدار البيضاء وغيرها، وهي محطات كان لها الأثر البالغ في نشر ثقافة السماع الصوفي بين الناس. - ما قصة البيان الذي أصدرته احتجاجا على تكريمك من قبل إحدى الجمعيات الوطنية التي تهتم بالمديح والسماع؟ نعم، أصدرت بيانا ضد هذا التكريم المزعوم، وأود أن أوضح بأنني لم أتوصل بأي استدعاء رسمي لحضور المهرجان المذكور، فكيف أكون مكرما في مهرجان لم أدع إليه؟، لقد زج باسمي في فقرات المهرجان دون موافقة مني، والزج باسمي في ملتقى ترعاه جهات مسؤولة دون التزام بالأخلاق والأدبيات المرعية يعتبر استغلالا غير مشروع لرأسمال رمزي بذلت أكثر من نصف قرن في نحته وبنائه خدمة لديني ووطني، وهنا أنوه بالموقف التضامني الذي اتخذه عدد من الجمعيات الوازنة على الصعيد الوطني، التي قاطعت المهرجان المذكور احتجاجا على هذا التعامل غير المسؤول مع شيوخ المديح السماع ورموزه.