سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إسبانيا مترددة بين دعم المغرب في ملف الوضع المتقدم والاستجابة للضغوط الممارسة عليها اقتصاديون : من مصلحة إسبانيا استغلال رئاستها الأوربية لجعل المغرب شريكا اقتصاديا استراتيجيا
يرى أستاذ الاقتصاد ومدير مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث محمد الشيكر أن من مصلحة إسبانيا في ظل آثار الأزمة الاقتصادية العالمية أن تجعل من رئاستها الدورية للاتحاد الأوربي للنصف الأول من 2010 فرصة ليصبج المغرب شريكا اقتصاديا استراتيجيا لها، وليس فقط التركيز على الأهمية الاستراتيجية للمغرب من الناحية الأمنيةً بفعل قضايا الهجرة ومراقبة الحدود. وأوضح الشيكر ل «المساء» أنه من مصلحة الأوربيين وإسبانيا البحث عن إمكانيات اقتصادية خارج التراب الأوربي لتعزيز خططهم لاسترجاع اقتصادياتهم عافيتها من آثار الأزمة، خصوصا أن الصين تتحرك بسرعة على الصعيد الاقتصادي في القارة الإفريقية. وأضاف الشيكر أن من مصلحة إسبانيا أيضا الدفع بتسريع مفاوضات الوضع المتقدم بين المغرب والاتحاد الأوربي، لأنها ستكون المستفيد الأول من آثارها على علاقاتها مع المغرب أمنياً واقتصادياً، مضيفا أن إعطاء مضمون حقيقي للوضع المتقدم يتطلب من الأوربيين إرادة سياسية ومن المغرب تقديم عرض اقتصادي جذاب والتوفر على قدرة تفاوضية قوية.إلا أن إسبانيا نفسها، حسب الشيكر، تجد نفسها تحت ضغط المزراعين الإسبان المتخوفين مما يحمله هذا الوضع المتقدم من مزايا إضافية للصادرات الفلاحية المغربية، التي صارت مجموعة منها تنافس نظيرتها الإسبانية والأوربية عموما منافسة شرسة. وأضاف الشيكر أن الاتحاد الأوربي لن يوقع أي اتفاق زراعي سيكون فيه ضرر على أحد أعضائه مثل إسبانيا. واعتبر الباحث في مركز الدراسات الإسبانية البرتغالية في الرباط عبد العلي الباروكي أن ما ميز العلاقات المغربية الإسبانية على الصعيد الاقتصادي في السنوات الثلاث الأخيرة هو إعراب الجانب الإسباني غير ما مرة عن دعمه لحصول المغرب على الوضع المتقدم في علاقته مع الاتحاد الأوربي، مع ما يعني ذلك من أهمية للمصالح الاقتصادية الإسبانية في المغرب، بحيث تحتل إسبانيا المرتبة الثانية بعد فرنسا فيما يخص المبادلات التجارية للمغرب مع دول العالم، وتبلغ قيمة المبادلات بين المغرب وإسبانيا 50 مليارا و535 مليون درهم، أي بنسبة 14.8 في المائة من أصل 342 مليارا و607 ملايين درهم، إجمالي قيمة المبادلات الخارجية للمغرب مع العالم. وأضاف الباروكي في تصريح ل «المساء» أن إسبانيا سبق أن وعدت بعقد لقاء من مستوى عال بين المغرب والاتحاد الأوربي لتطوير العلاقات على جميع المستويات بما فيها الاقتصاد، وهو ما التزمت به من خلال احتضان مدينة غرناطة الإسبانية في مارس المقبل للقمة الأوربية المغربية، التي تعد من بين مقتضيات حصول المغرب السنة الفارطة على صفة الوضع المتقدم في علاقاته مع الأوربيين. إلا أن الباحث المغربي أشار إلى أن الظروف تتغير عندما يتعلق الأمر بالشق الفلاحي في علاقة المغرب بالاتحاد الأوربي، فإسبانيا مارست ضغوطا لدفع الاتحاد الأوربي للتوقيع بسرعة على اتفاقية الصيد البحري مع المغرب بحكم أنها المستفيد الأكبر من هذه الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في 2007، إذ من أصل 119 سفينة ستصطاد في المياه المغربية، هناك 100 سفينة إسبانية. بالمقابل فإن إسبانيا لم تسلك لحد الساعة نفس السلوك، حسب الباروكي، فيما يخص الاتفاق الزراعي لما يحمله من تهديد للمنتجين الإسبان والأوربيين عموما لأنه يرفع حصة الصادرات الزراعية المغربية نحو الاتحاد الأوربي، وبالتالي، يضيف المتحدث، ليس من مصلحة إسبانيا تسريع المصادقة على الاتفاق في مؤسسات الاتحاد، فقد أعلنت قبل بضعة أيام وزيرة الفلاحة الإسبانية «إلينا إسبينوزا»، التي تشغل في الوقت نفسه منصب رئيسة مجلس الاتحاد الأوربي لوزراء الفلاحة، أنه من غير المحتمل أن يصادق في مؤسسات الاتحاد الأوربي في غضون ستة أشهر على الاتفاق الزراعي المبرم بين المغرب والاتحاد في 16 دجنبر الماضي، وبررت الوزيرة الإسبانية ذلك بأن أجندة مجلس وزراء الاتحاد إلى غاية يونيو المقبل لا تتضمن التوقيع الرسمي على الاتفاق الزراعي المغربي الأوربي. ويرى الباروكي أن هذا التصريح يعكس رغبة مدريد لجبر خواطر المزارعين الأوربيين، وخصوصا الإسبان، المتخوفين من تنامي قوة حضور الصادرات الفلاحية المغربية في السوق الأوربية، سيما الطماطم، وكانت هناك جهات تضغط على الحكومة الإسبانية من الداخل بدعوى الضرر الذي ستلحقه الامتيازات، التي حصلت عليها الصادرات المغربية على المنتجين الإسبان. إسبانيا ليست الوجهة المفضلة للمقاولين المغاربة من أجل الاستدانة تعد إسبانيا ثاني زبون للصادرات المغربية وثاني مزود أيضا للسوق المغربية بالسلع والخدمات، بقيمة 21 مليارا و256 مليون درهم، و29 مليارا و279 مليون درهم على التوالي، بحيث تستوعب السوق الإسبانية 20.6 في المائة من الصادرات المغربية، ويتم تأمين حاجيات السوق المغربية بنسبة 12.2 في المائة من الواردات الإسبانية. وفي تحليل لوضع الاستثمار الدولي المباشر في المغرب، يذكر مكتب الصرف أن حجم الاستثمار الإسباني ناهز في نهاية 2008 نحو 50 مليار درهم، وهو ما يمثل 16 في المائة بعدما كانت لا تتجاوز 34 مليار درهم سنة 2005، مما مكن الجارة الإيبريبة من احتلال المرتبة الثانية بعد فرنسا التي استحوذت على نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة. بالمقابل تراجعت حصة استثمارات إسبانيا في رأسمال الشركات المدرجة في بورصة الدارالبيضاء، رغم احتفاظها بالمرتبة الثانية بعد فرنسا، من 8.71 مليارات درهم سنة 2007 إلى 7.29 مليارات درهم سنة 2008، وهو ما يمثل 13.8 في المائة من رصيد الاستثمارات الأجنبية في القيم المتداولة في البورصة، إلا أن استثمارات الإسبان غير المقيمين في المغرب في الأسهم المتداولة في البورصة احتلت المركز الأول لتصل إلى 3.8 مليارات درهم (بنسبة 17.8 في المائة من استثمارات غير المقيمين) بعدما كانت في المركز الثاني في نهاية 2007. والملاحظ من خلال إحصائيات مكتب الصرف أن إسبانيا ليست الوجهة المفضلة للقطاع الخاص المغربي فيما يخص الاستدانة، بحيث احتلت المرتبة السابعة في سنة 2008 من حيث توزيع رصيد الدين الخارجي للقطاع الخاص، بحجم إقراض بلغ 551 مليون درهم، وهو ما لا يشكل سوى 8.5 في المائة من إجمالي الرصيد، في حين يصل إقراض فرنسا إلى نسبة 26.2 في المائة وإيطاليا إلى 14.2 في المائة.