أعمال التخريب التي شهدها مقر بلدية الرباط يوم الجمعة الماضي هي حلقة جديدة من مسلسل «البلطجة» السياسية التي باتت لصيقة بمشهدنا السياسي الذي تردى إلى حالة بؤس غير مسبوقة. ما وقع ببلدية الرباط دفع حزب العدالة والتنمية إلى توجيه اتهامات مباشرة إلى مستشاري حزب الأصالة والمعاصرة بممارسة البلطجة، وتبني سلوكات تعود إلى «القرون الوسطى»، في الوقت الذي تم نقل تفاصيل هذا الشغب السياسي إلى الأمين العام ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران من أجل تحديد كيفية التعامل مع الأزمة الجديدة التي تهدد بحالة «بلوكاج» مزمن ومرشح للتصعيد. لقد بات جليا أن العمل السياسي في بلادنا يعاني أزمة إنتاج فكر سياسي، وأمام هذا العجز يصبح اللجوء إلى العنف والبلطجة السبيل الوحيد لإثبات الذات، حتى بات المواطن البسيط، قبل المواطن المهتم، حائرا لا يفهم ما الذي يجري، ويتساءل عن دواعي تردي سلوك ممثليه السياسيين. إن اللجوء إلى العنف في ممارسة السياسة لا تبرير له سوى أن المصالح المادية هي التي تحرك السياسيين، إذ لو كانت مصلحة المواطن هي الدافع لَتَجسد ذلك على أرض الواقع بلغة الحوار والنقاشات الإيجابية وليس بالعنف. لقد صار من اللازم أن تراجع كل الأحزاب في هذا البلد آليات الممارسة السياسية من داخل منظومة الأحزاب السياسية نفسها، فهذه الممارسة النقدية هي فقط التي ستمكن، أو على الأقل تساعد الأحزاب على التخلص من الاستماتة في تحقيق المصالح الشخصية الضيقة، التي لا تؤدي سوى إلى بقاء دار لقمان على حالها.