لقد وصل الحقل السياسي الحزبي المغربي، إلى درجة من التخلف لم يسبق له أن عاشها، منذ الاستقلال إلى اليوم، وذلك بعد حدث استقدام حميد شباط للعراة والحمير وجمهور الكرة للاحتجاج على الزيادات في الأسعار. إن تزعم شخص جاهل وأمي لحزب سياسي تاريخي، لن تكون نتيجته سوى هذه الرعونة والتخلف الذي أصبح يطبع ممارسة حزب الاستقلال، منذ سطو جماعة "شباط" على مقاليد الحزب.
البارحة عاش المغاربة على هول الصدمة من حدث مسيرة مخدومة وبئيسة، عبر فيها شباط وقيادة حزبه، عن تخلفهم وبعدهم عن شيء اسمه، الأهلية للممارسة السياسية كما هي متعارف عليها في كل بقاع العالم.
جند شباط مجموعة من الشباب العاطل عن العمل من الأحياء الشعبية، واستقدمهم في الحافلات إلى شارع محمد الخامس بالرباط، من أجل ملأ مسيرته الفاشلة ضد حكومة بنكيران.
الطريقة التي يشتغل بها شباط في العمل السياسي، ستزيد من كره المغاربة للأحزاب، وستبعدهم عن السياسة والسياسيين، مادام أنه لجأ لمنطق تجييش الحشود الجاهلة، والدفع بهم لشتم ولعن رئيس الحكومة بأقدح النعوت والأوصاف، إلى درجة توصيفهم لبنكيران بالحمار.
لغة السب والشتم والعنف ضد الصحافيين الذي عرفته المسيرة، دليل قاطع على براءة الاحتجاج الواعي والمنظم والمسؤول من شباط وحزبه، فحتى رجال الأمن انتابهم بالأمس الخوف على مؤسسة البرلمان، وحاصروا مسيرة شباط في ساحة البريد، لأن أنصار شباط زرعوا الرعب في أوساط الجميع، وخلفوا صورة سيئة عن شيء اسمه "احتجاج حزبي على قرار حكومي".
المغرب شهد في السنوات الأخيرة الآلاف من الأشكال الاحتجاجية، من خلال مسيرات ووقفات احتجاجية، كانت ميزتها الأساسية هي السلمية والإبداع في الشعارات وأشكال التعبير عن الغضب من قرارات الدولة.
مسيرة الأمس بالرباط، والتي اختار لها شباط "الحمير" كزعامات للشكل الاحتجاجي، أبانت للمغاربة عن حقيقة البؤس السياسي الذي وصلته بعض الأحزاب السياسية، مما دفع المغاربة للتعليق بشكل ساخر "الحاجة للي متشبه مولاها حرام"، وذلك في ربط بين الرعونة التي شهدتها مسيرة شباط وشكل القيادة الجديدة لحزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي.
من يدفع بشباط والاتحاد الاشتراكي لإضعاف حزب البجيدي، وجب على بنكيران ان يشكره عن هذه الخدمة، لأن الشكل البئيس الذي ظهر به المحتجون في مسيرة شباط، زاد من تعاطف المغاربة مع حزب العدالة والتنمية، وذلك رغم كل قرارات الحزب اللاشعبية في الحكومة. المغاربة ليس أمامهم بديل سياسي أخر ، لقد أصبحوا مخيرين ما بين رعونة شباط ولشكر او البجيدي، ونظرا لنظافة يد قادة العدالة والتنمية وعدم تورطهم في الفساد وأعمال البلطجة، فإنهم سيختارون أخف الضررين وهو حزب العدالة والتنمية.
واهم من يعتقد انه بتوظيفه لأعمال البلطجة سيحد من شعبية البجيدي، لأن المعارضة يجب ان تكون نابعة من الشعب وليست مخدومة، وما يقوم به الآن شباط ، لا علاقة له بالمعارضة، بل هو تمييع وتبخيس للعمل السياسي الحزبي، مما سيدفع باتساع دائرة الفراغ السياسي، وهذا سيكون أكبر خطر سيهدد البلد بأكمله.