مرة أخرى يعيش مجلس الدارالبيضاء مشهدا غارقا في الرداءة والعبث، ويبرز أعضاؤه أبطالا في جر المدينة كلها إلى...السفه. يوم الخميس الماضي، كانت الجلسة الثانية من الدورة العادية لمجلس المدينة منعقدة، وفي جدول الأعمال كثير نقاط تتطلب مناقشات الأعضاء وقراراتهم، ل كن فجأة، استطاعت نقطة نظام واحدة حول صفقة محطة تصفية المياه العادمة بمشروع محاربة التلوث بالساحل الشرقي للدار البيضاء (البرنوصي)، أن تفجر كل الأوضاع، وتنتقل بالاجتماع إلى ساحة عراك وتبادل السب والشتم، بل والى إمساك بالتلابيب....، ثم توقف كل شيء. إلى متى على البيضاويين إذن أن يتحملوا كل هذه التفاهة؟ إن مدينة كبرى بحجم الدارالبيضاء لا تستحق فعلا أن يدبرها أمثال هؤلاء... يقول بعضهم بأن مجلس المدينة يجب أن يستخلص 300 أو 400 مليار سنتيم في السنة من كراء الممتلكات التابعة له، وهو لحد الآن لم يستطع أن يرصد منها سوى 20 في المائة، ويصرخ البعض الثاني مطالبا بإخراج نتائج الافتحاص المالي لعقد التدبير المفوض مع (ليديك) الذي لم يجهز بعد، ويستنكر السكان والفاعلون في المدينة أجواء الجمود والتيه في المدينة وفي ديناميتها التنموية، ووحدهم المنتخبون غائبون وشاردون. سبق لهؤلاء الذين لم يترددوا اليوم في اللجوء إلى العراك و(المعيار) فيما بينهم، أن وقعوا ميثاق شرف، وبعضهم مسؤول كذلك عن الملفات والصفقات والخروقات والفضائح التي لا يخجل اليوم في انتقادها، وها هم اليوم نسوا كل شيء، ولم يصمد لا ميثاق شرف ولا هم يحزنون، وعادت سلوكات (البلطجة) لتتسيد مشهد اجتماعات مجلس المدينة، وقد تقود الأمور إلى (بلوكاج) جديد. إن كثيرا من منتخبي الدارالبيضاء باتوا اليوم يرتبون مواقفهم وتحالفاتهم وفق ما يتطلعون إليه من أهداف شخصية أو انتخابوية أو حزبية، ولا ضير أن يقودهم ذلك إلى تغيير المواقف والاصطفافات ولو بين ليلة وأخرى، وبعض هؤلاء(المنتخبين)لم يخرجوا بعد من جبة (الشناقة) التي عرفوا بها وتألقوا فيها من قبل، ووحدها المدينة البيضاوية وأهلها يعانيان اليوم من كونهما يتوفران على منتخبين أصغر بكثير من حجم المدينة ومن تحدياتها. الدارالبيضاء في حاجة إلى منتخبين آخرين، ونرددها هنا للمرة الألف، هي تحتاج إلى منتخبين يمتلكون الكفاءة العلمية والتدبيرية، ويتوفرون على الخبرة والنضج السياسيين، وعلى المصداقية السياسية والأخلاقية، وأمثال هؤلاء تعج بهم العاصمة الاقتصادية، ويوجدون داخل الأحزاب الحقيقية، وفي الأوساط الجمعوية والمدنية، وداخل الحقل الاقتصادي والمقاولاتي، لكن الرداءة أبعدتهم. الدارالبيضاء تحتاج اليوم للإنقاذ من(منتخبين)يكبلونها، ويمنعون تطورها وإشعاعها.