الاتفاق الذي توصلت إليه المكونات الانتخابية لمجلس الدارالبيضاء تحت إشراف سلطات الولاية، بقدر ما يوحي بنوع من(الانفراج) في وضعية الشلل التي تعيشها العاصمة الاقتصادية للمملكة منذ أزيد من عام، فهو أيضا يثير أسئلة جوهرية لها علاقة بنوعية المنتخبين الذين ابتليت بهم المدينة ومستوياتهم السياسية والتدبيرية، ومنسوب المصداقية والأخلاق المتوفر لديهم. لماذا حصل الشلل إذن؟ ومن يتفق مع من ومن يعارض من اليوم في مجلس الدارالبيضاء؟ ومن يفسر اليوم للبيضاويين كيف تحول من شرب الحريرة معتصما في الشارع ذات رمضان احتجاجا على ساجد إلى متفق معه اليوم؟ ومن يفسر لنا كيف توزع التفويضات بالتوقيع اليوم وعلى أي أساس؟ إن الدارالبيضاء تعاني منذ مدة من توقف مشاريعها، ومن شلل كبير في مصالح السكان، وفي تدبير عدد من الملفات الأساسية والقضايا الجوهرية، وعندما توقع الأطراف ما أسمته (ميثاق شرف) بينها، فذلك يجب أن يبنى أولا على رفع حالة الشلل، وعلى إيجاد الحلول لمشاكل الناس ولملفات المستثمرين، أي على وقف حالة الفوضى والتسيب في التخطيط والتسيير والإدارة، وبالتالي أن تعاد للدار البيضاء الحياة.. هذا هو المطلوب اليوم، وهذا هو ما يجب أن يبرز بشأنه شرف المنتخبين وميثاقهم. المشكلة الثانية التي تفرزها حالة الدارالبيضاء، وطالما لفتنا الانتباه إليها هنا، أن المدينة ومجلسها ابتليا بكائنات انتخابية وجدت نفسها وقد تحولت من وضعية (شناقة الانتخابات والأصوات) إلى وضعية المنتخبين أصحاب الحل والعقد في أمور أكبر مدينة في البلاد، وصرنا أمام أشخاص تنعدم لدى غالبيتهم المهارات السياسية والتكوينية والتدبيرية الضرورية لتسيير مجلس مثل مجلس الدارالبيضاء، كما أنهم يفتقرون إلى المصداقية اللازمة، وهذا الواقع يوجه ضربة قوية لتجربتنا الجماعية برمتها، ولأفقنا الديمقراطي ككل، وهنا البعد الوطني في خطورة ما شهدته الدارالبيضاء، والدرس الذي علينا كلنا التمعن فيه، والسعي لعدم تكراره في المستقبل. ليس من حق أحد، وخصوصا نخب الدارالبيضاء وفعالياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والجمعوية، أن نترك المدينة تحت رحمة الفوضى، وتدار بأساليب(الشناقة) والسماسرة، وتكون فريسة بين أيدي انتهازيين لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية الضيقة، كما أنه ليس من حق أحد، دولة وأحزابا، إغفال تطبيق القانون عندما يتطلب الأمر ذلك، وخاصة عندما تدخل مدينة مثل الدارالبيضاء في وضعية (بلوكاج) ويستمر ذلك أزيد من سنة، فهنا مصالح الناس هي التي تخسر، ومشاريع المدينة والبلد هي الضحية، وسمعة المملكة ومصداقيتها هي المتضررة... هل سيطبق منتخبو الدارالبيضاء اليوم ميثاقهم؟ هل سيرفع الانتهازيون أيديهم عن المدينة؟ المستقبل سيؤكد لنا مدى مصداقية كل ما جرى. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته