بعد توقف دام سنة وثلاثة أشهر، غاب عنها العمل الجماعي المسؤول من لجن دائمة ودورات يعير خلالها المستشارون الجماعيون الأهمية لشؤون الدار البيضاء والبيضاويين، وتخلل جلساتها نزع الميكروفونات ورفع لافتات«ارحل» ضد محمد ساجد ونوابه، ولم يبق المتتبع يعرف من هي الأغلبية، ومن هي المعارضة، ومن هم نواب الرئيس، ومن هم أعضاء المجلس، ليصاب بالذهول، وهو العارف بخبايا الأمور، فما بالك بالمواطن الذي قيل له إن التدبير الانفرادي السيء للرئيس أوصل الدارالبيضاء إلى وضعية كارثية، وأن ملفات الفساد لا تحصى ولا تعد، وأن ساجد ومن وضعوه على رأس العاصمة الاقتصادية باعوا الدارالبيضاء لشركة ليدك وشركات التدبير المفوض ول«المنهشين» العقاريين. نعم، كل هذه «الحيحة» حصلت وأكثر من ذلك، قيل للبعض إنه «ربيع بيضاوي»، وأن المستشارين لم يبقوا قادرين على السكوت أمام كل هذا الفساد، وقرروا، عن بكرة أبيهم وبجميع ألوانهم السياسية، أن يضعوا «البيضة في الطاس»، حتى يعم حسن التسيير بنخب بيضاوية نزيهة، ويحاكم الفساد والمفسدون... استبشر المواطنون خيراً أمام هذا الكلام «الغليظ» وظنوا أنها صحوة من مستشارين وأحزابهم السياسية لإعادة الاعتبار للسياسة والسياسيين والانتخاب والمنتخبين، وفوق هذا وذاك، للدارالبيضاء والبيضاويين، لكن سكان المدينة، استفاقوا ذات يوم بعد بلوكاج لمصالحهم دام سنة وثلاثة أشهر، بالتمام والكمال، وعلموا أن الأطياف السياسية بكاملها اجتمعت تلك الليلة «الشهيرة» بمركب الأمل (عدا الاتحاد الاشتراكي) وقرروا أن يوقعوا على «ميثاق شرف» لماذا؟ لم يجب الموقعون عن هذا السؤال الذي يطرح نفسه بقوة. هل ميثاق الشرف هذا، سيعوض الميثاق الجماعي؟ بطبيعة الحال، المؤسسات يحكمها القانون، ولا داعي لغيره من المواثيق، فعلاقة المعارضة والأغلبية داخل المؤسسات المنتخبة يحكمها القانون ومصالح المواطنين لاغير، يمكن أن يفهم المتتبعون للشأن المحلي أن توقع أغلبية ما على ميثاق شرف يحدد علاقات أعضائها وبرنامجها ومسؤولياتهم المشتركة، أما أن توقع أحزاب ليست في التسيير، وتعتبر خارج التدبير في المعارضة عن وثيقة، بنودها تتحدث عن التفويضات التي سيمنحها الرئيس لبعض نوابه، فهذا هو العبث بعينه، زد على هذا أن الاتفاق سطر بإضافة أعضاء للمكتب المسير!!، عبث في عبث، لأن عدد أعضاء المكتب محددون قانوناً، ويجب انتخابهم في دوراتهم، ويجب أن تكون هذه النقطة موضوع مداولات ومقررات. الوثيقة تتحدث عن إحداث لجن، رغم أن الميثاق الجماعي، أي القانون، يحدد اللجن، أن تحظى، هي كذلك، بمداولات المجلس في جداول أعمال، وينتخب رؤساؤها ونوابهم في نفس المؤسسات. ترى كيف سيعالج منتخبون هذه الإشكالات الموضوعية والقانونية، هذا عبث، لا يشرف السياسة والسياسيين بالبيضاء ولا منتخبيهم المحليين؟ عارف بخبايا الأمور اعتبر أن الرئيس «الداهية» اهتدى إلى هذه «التنوعيرة» كي يصوت له على الميزانية، وحتى يكمل «سربيسه» بخير. أما «الحيحة» والبلوكاج، فتمخض عنه «ميثاق»؟؟ وأي «ميثاق».