التدبير المفوض، علاقة عمدة الدارالبيضاء بشركة ليديك، صندوق الأشغال والطريقة «الغامضة» التي تصرف به الأموال المودعة به، الوثائق المتعلقة بصرف ميزانية مجلس المدينة وحكاية «الشلل» الذي تعيشه حاليا العاصمة الاقتصادية للمغرب بعد تفكك أغلبية العمدة وفشلها في تمرير الحساب الإداري وسط أصوات تدعو إلى إعادة هيكلة جديدة للأغلبية. هذه مجمل القضايا التي تداول فيها عمدة المدينة محمد ساجد، في أول ندوة شهرية احتضنها، الخميس المنصرم، مقر جريدة «المساء» مع أربعة أعضاء من المجلس نفسه هم كمال الديساوي رئيس مقاطعة سيدي بليوط عن الاتحاد الاشتراكي, ومصطفى رهين مستشار جماعي بدون انتماء سياسي, والطاهر اليوسفي منسق مستشاري التجمع الوطني الأحرار, ومحمد فهيم عن حزب الاستقلال الموجود في المعارضة. المساء: السيد ساجد، كيف تقيم الوضع الآن داخل مجلس مدينة الدارالبيضاء البيضاء في ظل الحديث اليوم عن "بلوكاج" تام أكبر مدينة في المغرب؟ محمد ساجد: في الحقيقة من الصعب الإنكار والقول بأن العمل غير متعثر، وقد هم هذا التعثر تعثر دورتين، الدورة الأولى خاصة بالفيضانات، التي تمت برمجتها في آخر دجنبر، والدورة الثانية، وهي الدورة العادية لشهر فبراير، التي تضمنت في جدول أعمالها، إضافة إلى الحساب الإداري، مجموعة من النقط التي لها أهمية كبرى بالنسبة إلى المشاريع الكبرى بالمدينة. انعدام إجراء هذه الدورات، الذي كان بسبب التوتر داخل الجلسات بسبب بعض حالات الاضطرابات، التي سادت داخل القاعة، يؤشر على وجود نوع من عدم الانضباط وعدم احترام المساطر المبدئية لتدبير الجلسة، حيث ساد الجلسة الأولى نوع من الفوضى بسبب تصرفات (يصمت) قام بها بعض المستشارين، الذين هاجموا المنصة ونزعوا الميكروفونات. نفس الشيء وقع في دورة فبراير، ولم تستطع الجهات المختصة أن تقوم بواجبها في ظروف حسنة، حيث إن بعض الإخوان في المعارضة صرحوا لي شخصيا وعلنيا بأنهم جاؤوا ليس للنقاش أو التعبير عن رأيهم، بل لمنع انعقاد الدورة. وقد صرحوا بأنهم سيلجؤون إلى جميع الأساليب، منها العنف والحبس... المساء: من تقصد هنا؟ ساجد: أقصد المنسق الجهوي لحزب الاستقلال بالدارالبيضاء، (فهر الفاسي) الذي جاءني قبل انطلاق الدورة، وصرح لي بأنهم عقدوا اجتماعا قرروا خلاله بأن الدورة لن تنعقد نظرا للظروف والمناخ العام الذي تعيشه مدينة الدارالبيضاء. أسباب هذا الموقف يعرفونها أكثر. ولكن هذا هو الأسلوب الذي اعتمد لمنع الدورة من انعقادها بطريقة عادية. وقد استغربت لهذا التصريح. استغربت لأنني أحترم حزب الاستقلال كهيئة عتيدة وكحزب تاريخي، ونعرف أنه من المدافعين عن الديمقراطية. المساء: استمعت إلى تصريح العمدة، الذي ربط حالة الجمود في المجلس بالفوضى داخل القاعة. مات هو تعليقك؟ مصطفى رهين: نشكر جريدة "المساء" على وصفها لما يقع بالدارالبيضاء ب"البلوكاج". فعلا الدارالبيضاء الآن متوقفة، ولكن أنا أقول إن الدارالبيضاء لم تتوقف اليوم، بل كانت متوقفة منذ زمن بعيد، وبالتالي فإن ما ذكره السيد الرئيس من أسباب حول توقف الدورة وربطها ببعض الإشكالات أو الاضطرابات داخل الجلسة، ليس هو الإشكال الحقيقي، وأظن أن الأزمة أعمق من مجرد حدث عابر وقع في دورة أو دورتين، لأن ما وقع في الدورة نتيجة حتمية لبداية كانت غير سليمة، حيث كانت هناك تحالفات، أفضل أن أعتبرها هجينة، لأن بعض الأحزاب لها مواجهات فيما بينها، وهي ممثلة داخل مكتب مجلس المدينة، إضافة إلى طريقة تشكيل المكتب في آخر لحظة. السبب الثاني لما تعيشه الدارالبيضاء هو أن السيد محمد ساجد فقد، بكل صراحة، السيطرة على الأغلبية داخل المجلس. السيطرة ليس على أعضاء الأغلبية، بل حتى على تسيير المجلس لأنه خلال الفترة السابقة للمجلس تشكل حوله "لوبي" داخل المكتب المسير، الذي استحوذ على خيوط اللعبة، واستطاع أن يشكل "لوبيا" من الموظفين وبدأ في تحريك الخيوط من الخلف. هذا اللوبي بدأ يتقوى شيئا فشيئا. وبالتالي، فقد محمد ساجد السيطرة على المجلس، وأظن أن الأخطاء أو الهفوات التي وقع فيها عمدة البيضاء- ويجب التوضيح أننا هنا لا نختزل الأزمة في شخص، ولكن نحن نشخص أسباب الأزمة كيف وقعت- هي أنه بدل أن يتعامل مع مؤسسات حزبية في التسيير داخل المجلس، تعامل مع أشخاص، إذ كان يتعامل داخل المكتب مع أشخاص وليس مع مؤسسات حزبية. وحتى داخل الأحزاب السياسية كان يتعامل مع الأشخاص وليس مع المؤسسات. وعندما نقول حزبا فلانيا فلا يعني هذا أن شخصا بعينه يمثله، لكن العمدة ربط علاقات مع أشخاص، فأصبحت هناك أجندات لأشخاص وليست لهيئات سياسية داخل مجلس المدينة. وأذكّر السيد الرئيس أنه قبل الوصول إلى دورة الحساب الإداري أو دورة "ليدك"، كانت هناك اضطرابات في الدورات التي سبقتها، لكنها لم تخرج إلى العلن بنفس الحدة، بسبب أن المكتب كان يعد جدول أعمال يتضمن نقطا عديدة. وأقول بصراحة، ولأول مرة، للرأي العام من خلال جريدة "المساء" إنه كانت هناك مفاوضات تعقد بين المستشارين مع السيد الرئيس، عبر أعضاء في المكتب، وبالحوار كنا نصل إلى حذف نقط من جدول أعمال الدورة، حتى لا نصل إلى نفس التوتر الذي شهدته الدورات الحالية. المساء: السيد فهيم، محمد ساجد قال كلاما في منتهى الخطورة واتهم قياديا في حزبكم بعرقلة عرقلة انعقاد الدورة والتهديد باستعمال العنف والسجن، كيف تردون؟ محمد فهيم: نشكر جريدة "المساء" على استضافتها للمعارضة في حوار مع عمدة البيضاء، ليتضح للرأي العام البيضاوي موقف كل هيئة سياسية من طريقة تدبير الشأن العام بمدينة الدارالبيضاء. أولا، لا أعتقد أن هناك "بلوكاج" للمسيرة التنموية بمدينة الدارالبيضاء، لأن الميثاق الجماعي السابق كان ينص على أنه إذا لم يمر الحساب الإداري تتوقف عملية برمجة الفائض، لكن المشرع فطن إلى هذه القضية وأصبحت برمجة الفائض تتم، بغض النظر عن حصول التصويت الإداري للرئيس على الموافقة أو لا. النقط الواردة في جدول الأعمال، التي يقول العمدة إننا وقفنا حجرة عثرة أمامها، كانت عبارة عن شراكة أو اتفاقيات وقعها السيد الرئيس قبل المصادقة عليها داخل المجلس، مثل الشراكة مع مؤسسة لالة سلمى، الموقعة منذ مدة، والمجلس سيساهم بحوالي 12 مليون درهم، ونحن صادقنا بالإجماع على العديد من الاتفاقيات، رغم أن الرئيس وقعها دون العودة إلى المجلس. أما فيما يخص تصريحاته في حق الكاتب الجهوي لحزب الاستقلال (فهر الفاسني)، فعلى السيد الرئيس عدم الوقوف عند "ويل للمصلين"، لأنه يجب على الإنسان أن يتحمل المسؤولية ويتكلم بصراحة، لأن الكاتب الجهوي تكلم مع الرئيس على أن الدورة غير قانونية، لأننا طلبنا، في لجنة المالية، بأن تكون المدة القانونية لكل دورة هي 15 يوما من أيام العمل، ونحن أنهينا هذه الآجال وأصبحنا في تمديد. وقد أجابنا الكاتب العام للجماعة بأنه ليس من حقه الرد على مدى قانونية الدورة، فطلبنا الأسس التي استند عليها العمدة لتمديد آجال القانوني، لكننا في هذه الآجال لم نتسلم كافة الوثائق للاطلاع عليها، وبعضها مغلوط وغير مهيأ من أجل الحساب الإداري، وسأوضح لكم بالدليل القاطع بأنها وثائق لا علاقة لها بالحساب الإداري. المساء: استمعت إلى ما قاله عمدة البيضاء وللتدخلات السابقة. كيف ينظر حزبك إلى ما يقع داخل مدينة الدارالبيضاء؟ كمال الديساوي: أعتقد أن الإشكالية ليست إشكالية عابرة، بل هي مشكل حكامة محلية وتدبير شؤون جماعة الدارالبيضاء، التي يرجعها البعض إلى المكتب الحالي، ونحن نرجعها إلى سنة 2003. فمن المتعارف عليه أن الأغلبية تتكون انطلاقا من برنامج واتفاق سياسي ومن المكتب الذي سينفذ هذا البرنامج خلال المدة الانتدابية. لا يخفى عليكم الظروف التي مر منها انتخاب مكتب 2003 ولا حتى مكتب 2009، حيث يتم تغيير الاتفاق بين ساعة وأخرى: "اجتماع الرابعة صباحا يتغير مع العاشرة صباحا طُحن من طُحن...إلخ". وفي ظل فرز مكتب بدون برنامج سياسي أصبح التدبير الفردي "الخارج" عن جميع المعايير المتعارف عليها، سواء عالميا أو مغربيا، بالنظر إلى التقدم في العمل الجماعي. أصبح الرئيس يضع البرنامج، الذي يعتبره الأصح لمدينة الدارالبيضاء، وعطل جميع المؤسسات الجماعية. ذلك أن الميثاق الجماعي في إطار وحدة المدينة نص على المقاطعات الجماعية والأدوار التي يمكن أن تلعبها، وكذلك على اختصاصات مكتب مجلس المدينة، في إطار توزيع الأدوار، حيث إن عمل القرب موكول للمقاطعات والملفات الكبرى للمدينة، لكن أصبحنا نفتقر إلى تدبير معقلن للخدمات البلدية كالإنارة العمومية الموكولة لشركة "ليدك"، حيث إن العديد من الأحياء تنعدم فيها الإنارة العمومية، فالمفوض (مجلس المدينة) لا يقوم بذلك، والمقاطعات الجماعية، التي من المفروض أن تقوم بذلك نزع عنها هذا الاختصاص. ونفس الأمر بالنسبة إلى جمع النفايات، الذي تسيره موظفة واحدة بتراب الدارالبيضاء، وكان على الرئيس والمكتب أن يقروا، في إطار توزيع الأدوار، أن توكل هذه المهمة إلى المقاطعات، ويوكل لها أمر المراقبة والتتبع، وأن تفرض غرامات جزائية على الشركات التي تخرق دفتر التحملات. جميع الخدمات البلدية أصبحت تدار في إطار تفويض للشركات، أكثر من هذا، فإن العنصر البشري، الذي يراقب الحفر وصيانة الطرق منعدم، ولا من يحرك ساكنا، وفي الغالب نلجأ إلى مديرية الشؤون الجماعية من أجل تقديم الدعم لنا لإنجاز بعض الأشغال. إذن لا يوجد تدبير معقلن للآليات وتوزيع الأدوار. كما أن اللجان الدائمة ليس لها من كلمة دائم إلا الاسم، وهي تستدعى على عجل، أياما قليلة قبل انعقاد دورة المجلس، من أجل دراسة نقط وردت في جدول الدورة بدعوى أن القانون ينص على أن اللجنة يجب أن تقوم بهذا الإجراء المسطري، وليس اللجان هي التي تعد نقط جدول الأعمال...إلخ. في ظل هذه المعطيات، كان طبيعيا أن نصل إلى الباب المسدود في وقت معين، وهو ما وصلنا إليه خلال الدورتين السابقتين. نحن في إطار المعارضة البناءة نصوت على جميع المشاريع، التي تكون في صالح المدينة وفي صالح البيضاويين، وقد نبهنا التسيير، ونحن مع عقد الجلسات، في إطار القانون، وحتى لو كنا شخصين فلا بد من ممارسة الآلية الديمقراطية عبر المرور إلى التصويت. المساء: رفع التجمع الوطني للأحرار، الذي يوجد ضمن الأغلبية، توصيات إلى رئيس الحزب تتضمن عدة سيناريوهات، منها استقالة الرئيس. ما هو موقف حزبكم مما يقع داخل مجلس البيضاء؟ الطاهر اليوسفي: باعتبارنا أحد مكونات الأغلبية، كما قلتم، وكنا في التسيير وما زلنا كذلك، ونحن متضامنون، في إطار أغلبية مسؤولة بطبيعة الحال، وفي نفس الوقت أغلبية من المفترض أن تطرح بعض الانتقادات البناءة. في إطار هذه الندوة، يمكن طرح التساؤل التالي: هل المشروع الذي جاء به الميثاق الجماعي حول وحدة المدينة هيئت له جميع الظروف كي نصل إلى مدينة عصرية، أي أن ننتقل من 27 جماعة و27 رئيسا سابقا و27 كاتبا عاما سابقا إلى جماعة واحدة برئيس واحد ومكتب واحد وكاتب عام واحد كذلك، والمرور إلى السرعة القصوى في إنجاز المشاريع. أظن أن نظام وحدة المدينة له سلبياته وإيجابياته، لكن هذا النظام لم يمنح له الوقت الكافي من أجل تنزيله على أرض الواقع، وبالتالي ما نعيشه حاليا، وبشكل عملي، هو نتيجة السرعة في الانتقال من نظام جماعات متعددة إلى نظام جماعة واحدة في إطار وحدة المدينة (عدد هائل من الموظفين، المنتخبين، الآليات)، حيث انتقل المنتخب من رقعة صغيرة يشتغل بالقرب من المواطن إلى رقعة أوسع، وأتفق مع الرأي القائل بأن المقاطعات أصبحت صلاحياتها جد محدودة، وهو ما أدى إلى نفور من طرف المواطنين من العمل الجماعي أو السياسي، وهذا واقع نعيشه، وهذه واحدة من الإشكالات المطروحة الآن. أظن أننا لم نستطع، كأغلبية أو معارضة، أن نخرج من هذه الوضعية إلى ترسيخ مدينة حقيقية من أجل تلبية حاجيات المواطنين. المدينة الآن جاءت وسط مجموعة من التراكمات، أخذت جهدا حقيقيا من التدبير في المرحلة الأولى من نظام وحدة المدينة، وهذا واقع، لكن خلال المرحلة الثانية، أي منذ 2009، بدأ وقت التقييم، وربما الحساب الإداري، الذي كان سببا في إثارة هذه الزوبعة، كان سببا في الشروع في التقييم الحقيقي لوضع المدينة منذ الشروع في تطبيق نظام وحدة المدينة. الآن يجب على الجميع، سواء كانوا مسؤولين أو منتخبين، وسواء كانوا في الأغلبية أو المعارضة، أن يتحملوا مسؤولياتهم، لأن الشارع ينتظر منا الشيء الكثير، وهنا أطرح تساؤلا عريضا: هل الانتخابات في مدينة الدارالبيضاء، التي لم تتجاوز فيها نسبة التصويت 20 في المائة إلى 26 في المائة في بعض المناطق، أفرزت لنا فعلا نخبة لتسيير مدينة الدارالبيضاء؟ هذا إشكال حقيقي لا يمكن لنا إنكاره. المساء: يعاب على السيد ساجد عدم استجابته لطلبات فرق حزبية، سواء داخل الأغلبية (العدالة والتنمية، الحركة الشعبية) أو في المعارضة (الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي). هل يمكن القول إن ساجد فشل في تدبير المدينة، خاصة أنك الآن بدون أغلبية وفي مواجهة الجميع؟ ساجد: في المرحلة الثانية من التدبير في إطار المدينة الموحدة عشنا بعض الظروف، التي لم يسبق لنا أن عشناها في الفترة السابقة. كانت لدينا معارضة محترمة تتوفر على طاقات من حزب الاستقلال ومن الاتحاد الاشتراكي ومن التقدم والاشتراكية، وكان هناك جو من النقاش والحوار والانتقاد، لكننا استطعنا دائما أن نجتنب مواقف من التعطيل والعرقلة، ولم يسبق لنا في الولاية السابقة أن شاهدنا هذا النوع من التعثر الذي عشناه خلال المدة الأخيرة، فقد كانت لنا معارضة محترمة. وأنا شخصيا، بحكم انتمائي إلى الأغلبية لم ألغِ دور المعارضة، فدورها ضروري وصحي وتجعلك في بعض اللحظات تفكر في إعادة قراءة عدة محاور. دعونا نتكلم بصفة عامة عن تدبير المدينة من خلال مجلس موحد. هذه عملية ضخمة واختيار سياسي خاص بالمدن الكبرى بالمغرب، وكان مفروض مع بداية هذا النظام أن تواكبه إجراءات إدارية عملية من أجل تمكين هذه المدن الموحدة من القيام بمهامها على مستوى مجلس موحد. ولما بدأنا في 2003 منح لنا مشروع لهيكلة تنظيمية لهذه المدن الموحدة، تضم عددا من المديريات شبيهة بالمديريات الموجودة على مستوى الإدارات المركزية، بنفس الإمكانيات المادية والبشرية التي من ِشأنها مواكبة توحيد المدن. مشروع الهيكلة هذا لم يخرج إلى حيز الوجود منذ 2003 إلى الآن. المساء: ولماذا لم تتم هيكلة الموظفين، رغم أنه مطلب الفرق بالأغلبية؟ ولماذا تمت هيكلة مديرية الجبايات المحلية بمعزل عن باقي المديريات بالمجلس؟ ساجد: دعني أقول إنه للجواب عن مدى قانونية دورة فبراير، يقول السيد فهيم إن الدورة غير قانونية، وأنا أقول العكس. في اعتقادي، تعتبر الدورة مفتوحة لما يكتمل النصاب وتنطلق الأشغال، وبالتالي فإن دورة فبراير لم تنطلق لأنه لم يكن هناك نصاب، ومنه فإن الآجال المتعلقة ب15 يوما الذي تتحدث عنه المعارضة لا يسري في هذه الحالة لأن الدورة أصلا لم تنطلق. الجلسة الثانية التي انعقدت يوم 29 مارس توفر خلالها النصاب، وشرعنا في قراءة جدول الأعمال. في هذه الحالة يمكن احتساب آجال 15 يوما، ونحن مرغمون على عقد الجلسة الموالية في إطار 15 يوما (تنعقد الجلسة اليوم الثلاثاء 19 أبريل)، وفي اعتقادي هذا ليس هو المبرر الوحيد لمنع انعقاد الدورة. المساء: السيد رهين، في نظرك ما هي النقط التي لم يستجب لها العمدة وجعلت المعارضة تصعد من لهجتها، وترفع في بعض الأحيان سقف المطالب، التي كانت أبرزها المطالبة بإقالة نواب الرئيس؟ رهين: لا بد من الإشارة قبل الإجابة عن هذا السؤال إلى أننا، كمعارضة، لا نريد أن نقف على شكليات مدى قانونية الدورة، إذا كنا سنتفق على المصلحة العامة، فإن الجوانب الشكلية ليست هي الأساس. وردا على كلام الرئيس بأن المجلس كانت له معارضة محترمة، أقول له: نحن هنا لا نضع أحكام قيمة. وأظن أن أهم مشكل، وأنا أقول هذا بحكم أنني كنت في المجلس السابق أنتمي إلى الأغلبية، إذ كنت أترأس إحدى اللجان، بأن أهم مشكل الذي قسم الأغلبية هو مشكل شركة "ليدك"، لأن محمد ساجد وضع نفسه رهن إشارة شركة "ليدك" 100 في المائة، وسأقول لماذا؟ لأن الاتفاقية مع الشركة أنجزت قبل حلول ساجد بالمجلس، والذين أشرفوا عليها لا سامحهم الله، لأنهم لم يهتموا بمصلحة المواطن، ولكن عند قدوم مجلس المدينة ومعه محمد ساجد كعمدة للبيضاء بدأت تظهر عيوب الاتفاقية، وبدأ يظهر تخاذل أو عدم انضباط شركة "ليدك" لمضمون الاتفاقية، رغم عيوبها، وقد نبهنا العمدة آنذاك، وقمنا بحملات جمع التوقيعات والكثير من الحركات الاحتجاجية، ولكن للأسف يظهر أن العمدة له نقطة ضعف مع شركة "ليدك"، ولا يريد الدخول معها في مواجهة. والمواجهة التي أتحدث عنها هي إرجاع هذه الشركة إلى "بيت الطاعة". إنها لم تنفذ الاتفاقية على علاتها. كذلك هناك صندوق الأشغال ب"ليدك"، الذي أصبح بمثابة "اللوح المحفوظ"، لأن صندوق الأشغال هو أهم صندوق في الدارالبيضاء، وهو الذي يضم المبالغ المرصودة للاستثمارات المتعلقة بالبنيات التحتية، فيما العديد من المنتخبين لا يعرفون حجم المبالغ الموجودة بهذا الصندوق. "واش فيه درهم ولا فيه 200 مليار". هناك نقطة أخرى تتعلق باللجنة الدائمة للمراقبة. هذه اللجنة بمثابة عين مجلس المدينة على الشركة، لأنها هي التي تراقب، لكنها الآن مجردة من جميع صلاحياتها، وسأقول لكم كيف ذلك؟ أولا، جميع الصفقات التي تنجزها شركة "ليدك" تتطلب حضور هذه اللجنة، لأنها هي التي تتابع هذه الصفقات، لكن هذه اللجنة تغيب عن القرارات التي تهم الصفقات، إذ يتم فقط مدها بالتقرير المتعلق بتلك الصفقات. ثانيا، الاتفاقية تشير إلى أن هناك نسبة معينة من رقم المعاملات ب"ليدك" يذهب إلى هذه اللجنة من أجل تمويل تحركاتها ومراقبة الشركة، لكن ما يحصل الآن أن هذه اللجنة لا تتسلم أي مبالغ من شركة "ليدك". مسألة أخرى تتعلق بالفواتير التي تستخلص من جيوب البيضاويين.. من يراقبها؟ وشبكة المياه.. من يراقبها؟ لا أحد. شركة "ليدك" ملزمة، حسب الاتفاقية، بإعادة تجديد أكثر من 672 كلم من شبكة الماء الصالح للشرب بمدينة الدارالبيضاء، لكنها لم تنجز سوى أقل من 5 في المائة، والسيد الرئيس لا يلزمها بذلك. شركة "ليدك" تستخلص عشرات المليارات، والرئيس لا يطالبها بصرف هذه المبالغ. إذن هذه الشركة، وأقولها بكل صراحة، هي سبب الاحتقان الكبير داخل مدينة الدارالبيضاء. كما أنها تسببت كذلك في شرخ نفسي وعاطفي بين البيضاويين والمنتخبين. والسؤال المطروح لماذا السكوت عن خروقات هذه الشركة؟ المساء: كان الاتحاد الاشتراكي من المعارضين لشركة "ليدك". هل الظرف الحالي يسمح بإعادة النظر في العقدة مع شركة "ليدك"؟ الديساوي: إذا سمحتم، بداية، فإن تدبير أي مؤسسة يقاس على أمرين: تدبير الموارد البشرية، وكذا التدبير المالي. لكن ما نشهده أن خدمات الجماعة أصبحت منوطة بإدارات التدبير المفوض، وبالتالي تصبح أهمية المراقبة والمتابعة مسألة أساسية، وكان على الجماعة أن تضع مساطر قانونية وأن تعمل على تكوين موارد بشرية وتوزع الأدوار بين الجماعة والمقاطعات من أجل مراقبة شركات التدبير المفوض. وفي غياب المراقبة والمتابعة طبيعي، إذن، أن الشركات التي تهدف إلى الربح في خدمة عمومية من إنارة عمومية وتوزيع الماء والكهرباء، يصبح الربح هو الأساس بالنسبة إليها، فيما تغيب جودة الخدمات والمتابعة، وبالتالي نصبح أمام إشكال كبير بين المواطنين والمنتخبين، الذين ينتظرون منا الدفاع عن مصالحهم، ونفس الأمر أقوله على شركات جمع النفايات وشركات التدبير المفوض أو الامتياز. لقد أصبحنا نجد شخصا أو شخصين لمراقبة هذه الشركات، فيما نجهل، مثلا، في ملف الإنارة العمومية من هو الشخص المكلف بذلك. وبالرجوع إلى شركة "ليدك"، هناك عقدة أبرمت في 1997 لمدة 30 سنة على خلفية استثمار 30 مليار درهم، 10 مليارات كل عشر سنوات، مع مراجعة للعقدة كل خمس سنوات، ولذلك طالبنا بتجديد العقدة مرارا، و قد وعدنا السيد الرئيس في بداية المجلس السابق سنة 2003 بافتحاص صندوق الأشغال، لكننا إلى يومنا هذا لم نتوصل بأي تقرير عن هذا الافتحاص، وهناك محاضر تثبت تعهده بذلك. وبعد ذلك اتفقنا على تشكيل لجنة سياسية تضم الأغلبية وأيضا المعارضة، لكن البرتوكول الذي تم الاتفاق عليه بأن استثمار 10 مليارات درهم المتفق عليه تحول فقط إلى 3 مليارات درهم فقط. نحن في الاتحاد الاشتراكي كنا نتوخى من خلال مراجعة العقدة إرجاع بعض الأمور إلى نصابها، فإذا بقراءة أخرى تخرج، وقد تنازل المجلس للشركة عن مبلغ يناهز ثلاثة مليارات درهم، ولذلك رفضنا أن نصوت لصالح هذا البرتوكول. المساء: قبل إعطاء الكلمة للعمدة للرد على هذه الملاحظات، ما هي ملاحظات حزب الاستقلال حول مضامين العقدة مع شركة "ليدك"؟ فهيم: نحن كنا ممثلين داخل اللجنة المكلفة بمراجعة العقد، وانسحبنا عندما لاحظنا أن العقدة سوف لن تلبي الطموحات التي كنا نصبو إليها، والتي تخدم مصلحة المواطنين. وموقفنا من شركة "ليدك" هو نفس موقف الاتحاد الاشتراكي. ذلك أننا عارضنا هذه النقطة المتعلقة بمراجعة العقد، بعدما تبين لنا الخلل، الذي ذكره كمال الديساوي. الآن ينص الاتفاق على مراجعة العقدة كل خمس سنوات، والسيد الرئيس قال: يجب أن ينكب فريق مكون من جميع الفرق السياسية على مراجعة العقد، الذي يجب أن يتم في 2011. ما نقوله الآن، بحضوركم وحضور السيد محمد ساجد، رئيس المجلس، الذي يقول إننا اشتغلنا إلى جانب المعارضة بشكل إيجابي وكل واحد عبر من موقعه عن رأيه، وكانت المعارضة المشكلة من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية وأعضاء آخرين ذوي انتماءات سياسية، معارضة بناءة، والآن نقول له إن المعارضة الحالية هي معارضة بناءة، لأن الذي يظهر أنه غير بناء هي الجهات المسيرة، التي في العديد من المرات دقت بسببها المعارضة ناقوس الخطر، لكن لا أحد يجيب عن ذلك. لقد راسلت الرئيس وفق نصوص تنظيمية من الميثاق الجماعي لانتخاب لجنة التتبع، التي تنص عليها المادة 64 من الميثاق الجماعي، ولم نتلق أي جواب، وكأنه عند الاحتكام إلى أغلبية عددية نصبح أمام القائل: "ما شئت لا ما شاءت الأقدار.. فاحكم فأنت الواحد القهار". وبالتالي، فإن المعارضة أصبحت لا تقبل السكوت عن مثل هذه التجاوزات وخرق القانون وتحميل المسؤولية إلى المعارضة بدعوى أنها لا تحترم المساطر، التي ينص عليها الميثاق الجماعي. المساء: من الذي يمنع العمدة من تلبية طلب المعارضة وإضفاء الشرعية على لجنة التتبع بانتخابها عوض تعيينها؟ ساجد: ملف شركة "ليدك" من أهم الملفات داخل المدينة لأنها تدبر مرفقا من المرافق الأساسية التي تهم جميع المواطنين من ماء وتطهير وكهرباء، وهذه المرافق لجأت إليها الجماعة في سنة 1997. واتفاقية التدبير المفوض من طرف شركة "ليدك" لم ننجزها، بل وجدناها قائمة. الديساوي: (يقاطع ساجد) للأمانة تم تفويت ملف الإنارة العمومية في عهدكم. ساجد: هذه العقدة وقع عليها كذلك وزير الداخلية، وبالتالي هذا ليس اختيار الجماعة، بل هو اختيار السلطات العمومية. وقد وقعت هذه العقدة في ظروف يعرفها الجميع. والعقدة تنص على المراجعة كل خمس سنوات، وقد تم توقيعها، حسب بعض التوقعات وبعض البرامج، وكان من الضروري أن تتم المراجعة كل خمس سنوات. لقد شكل المجلس لجنة سياسية تضم جميع الأطياف السياسية بالمجلس، وقد استعنا كذلك بالأطر المغربية الوطنية، حيث استعنا بأطر من المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للكهرباء ووزارة الداخلية وأطر متخصصة بوكالات توزيع الماء والكهرباء، وكان هناك أزيد من 30 إطارا متخصصا وقمنا بتحيين العقدة. وقد اكتشفنا آنذاك أن البرامج الاستثمارية لم تكن، حسب ما هو منصوص عليه، في الاتفاقية، كما اكتشفنا من خلال هذه المراجعة أن ميكانيزمات الزيادة في تسعيرة استهلاك الماء والكهرباء مضمنة داخل التسعيرة، وكانت تؤدي إلى زيادات متكررة في تسعيرة الماء والكهرباء. مسألة خطيرة تم اكتشافها عند مراجعة العقدة، حيث إن التوازن الاقتصادي للشركة تم تأسيسه على نسبة من الربح مرتفعة ومفرطة. واستطعنا من خلال المراجعة ضمان استقرار تسعيرة الاستهلاك، ولم يكن هاجسنا هو الدفاع عن شركة "ليدك"، وأنا لست متفقا مع رأي مصطفى رهين، الذي يقول إننا سجناء شركة "ليدك" وأننا نخدم مصالحها. المساء: هناك من يقول إن ساجد ليده مصالح مشتركة مع شركة "ليدك"، ما هو ردك"؟ ساجد: هذه ادعاءات يجب على من يقولها أن يثبتها. أنا لدي مصالح المواطنين، ومن خلال هذه المراجعة برهنا على امتلاك إرادتنا ونحن مقبلون على مراجعة العقدة في سنة 2011. وأدعو الإخوان بالمجلس إلى اللجوء إلى نفس الطريقة، وأن نكوّن لجنة سياسية للانكباب على المراجعة، التي يجب الشروع فيها منذ اليوم. وفي جدول أعمال الدورة تمت برمجة أولى نقطة، هي المتعلقة بشركة "ليدك" من أجل اتخاذ القرار من أجل مراجعة العقدة، وتكوين لجنة سياسية، وهي كلها من الأولويات. المساء: كمشارك في الأغلبية، ما الذي يمنع، في نظرك، العمدة من انتخاب لجنة التتبع بشركة "ليدك"؟ اليوسفي: في نظري، تقييم عمل ما داخل جماعة معينة ينبع من مدى وقع هذا العمل على المواطنين، لكن ما نلاحظه هو أن الحركات الاحتجاجية الأخيرة في مدينة الدارالبيضاء توضح أن هناك تذمرا لدى الساكنة البيضاوية من خدمات شركة "ليدك". من هذا المدخل، أقول إن شركة "ليدك" التي تقدم خدمة عمومية للمواطن البيضاوي، أصبحت موضع سؤال الآن لدى الشارع البيضاوي، وبالتالي نحن في المجلس لا نتهرب، سواء كتجمع الوطني للأحرار أو أغلبية، من مسألة مراجعة العقدة مع شركة "ليدك"، وحتى مسألة لجنة انتخاب لجنة التتبع بشكل ديمقراطي لا يشكل بالنسبة إلينا أي حرج في التجمع الوطني للأحرار. ومن الأمور التي وضعناها بين يدي الرئيس هو ضرورة جمع شمل الأغلبية وإعطاء حافز جديد للمعارضة البناءة لأن الأساسي بالنسبة إلينا هو الوصول إلى مجلس لخدمة المواطنين. المساء: حزب التجمع الوطني للأحرار المشارك في الأغلبية وضع مجموعة من السيناريوهات لإنقاذ الأغلبية، من بينها المطالبة باستقالة العمدة. هل لا زال لديكم نفس الرأي؟ اليوسفي: بطييعة الحال. سؤالكم يتعلق بقرار صادر عن اجتماع لفريق الحزب، الذي انعقد مباشرة بعد رفع الدورة الأخيرة، والحزب اجتمع ووضع تقييما للأوضاع بمدينة الدارالبيضاء، والأجواء التي مرت فيها دورة الحساب الإداري، وقمنا بتشخيص لواقع الأغلبية والمعارضة، ووضعنا السيناريوهات التي يمكن أن تساعد على جمع شمل الأغلبية، ولم نتخذ قرارات حزبية، ووضعنا تساؤلات في حالة استقالة الرئيس أو تقديم المكتب لاستقالته برمته، وسيناريو تكوين لجنة سياسية، ووضع ورقة طريق إصلاحية جديدة، ووضع ميثاق شرف لمكونات الأغلبية. المساء: قبل المرور إلى محور آخر، لم يجبنا العمدة عن سؤال طرحه مصطفى رهين حول صندوق الأشغال. ساجد: صندوق الأشغال يمول من طرف المساهمات التي يمنحها المنعشون العقاريون والمستثمرون... الديساوي: حتى أصحاب المحلات التجارية الصغرى يؤدون، مثلا، 5000 درهم كواجب المشاركة، و4000 درهم من هذا المبلغ يذهب إلى صندوق الأشغال... ساجد: تقريبا 200 مليون درهم سنويا، وهذا الصندوق غير مستور عليه... المساء: كم هو المبلغ المرصود في صندوق الأشغال؟ ساجد: لا أتوفر على الرقم الحقيقي رهين (مستغربا): لا يتوفر عليه؟! الديساوي: قلتم في 2004 إنكم ستقومون بافتحاص عن طريق مكتب للمحاسبة لهذا الصندوق. أين هي تقارير افتحاص هذا الصندوق؟ ساجد: هذا الصندوق هو الذي يمول المشاريع الاستثمارية، التي تقوم بها شركة "ليدك"، لأن هناك ثلاث طرق للتمويل بالنسبة للشركة: هناك التمويل الذاتي، وهناك مشاريع تمول من هذا الصندوق، ثم هناك المشاريع التي تحتاج إلى شركاء آخرين، ولا شيء يمنعنا من تقديم تقرير حول هذا الصندوق ليست منذ بدايته إلى الآن. سيتم تقديم ملف "ليدك" بكامله خلال دورة أبريل، سواء صندوق الأشغال أو الأشغال أو الاتفاقيات المتعلقة بشركة "ليدك". المساء: نمر الآن إلى النقطة التي أفاضت الكأس وخلخلت الأغلبية، ألا وهي النقطة المتعلقة بالوثائق التي تبرر صرف الميزانية، والتي انعقدت على إثرها 12 جلسة للجنة المالية دون أن تكتمل ولو واحدة منها. لماذا تطالبون الآن بالوثائق؟ رهين: أوجه كلامي قبل ذلك إلى العمدة ساجد. يجب رفع الستار عن ملف "ليدك" لأنه لو رفع الستار ستفجر قنبلة، وأنا ما أصرح به. وبخصوص نقطة الوثائق، كنا دائما نطالب بالوثائق، لكن في السابق كان الرئيس يعتمد على أغلبية عددية لتمرير الحساب الإداري، لكن الآن ما دفعنا إلى المطالبة بالوثائق هو وجود صحوة لدى المنتخبين، وأصبحنا داخل اللجان لا نميز بين من هو في الأغلبية ومن هو في المعارضة، وأصبح الكل يحضر اجتماعات لجنة المالية، كما أصبح الكل يطالب بالوثائق. أنا شخصيا أعتبر أن الحساب الإداري سقط سياسيا، سواء تم التصويت عليه أم لا، لكن الطريقة التي يمر بها الآن الحساب الإداري وغياب الوثائق يظهر أن هناك خللا ما من الناحية السياسية لأن السيد الرئيس، سامحه الله، أصبح يقول ما يراه، كما يقول إنه سلمنا جميع الوثائق. وأنا أقول إن الرئيس سلمنا "أرشيفا" أراد المكتب التخلص منه خوفا من الفئران، لكن الوثائق بالنسبة لي هي عندما يصرح الرئيس بأنه اشترى المادة الفلانية بالمبلغ الفلاني، وأريد منه أن يمنحني الوثائق التي تبرر ذلك والصفقة الخاصة بها. أقول لكم سرا إن ما خرج إلى الجرائد لا يشكل إلا 5 في المائة. (رهين يكشف وثيقة حول صفقة إصلاح "مارشي سنترال" (سنعود إليها في عدد مقبل) وتبرز هذه الوثيقة اختلالات تتعلق بالصفقة، وكذا صفقة أخرى تتعلق ب"تزفيت" أحد الأزقة، ويتعلق الأمر بمنع شركة حصلت على صفقة في منطقة بعين الشق ومنعت في منطقة أخرى). الديساوي: السوق المركزي تابع لمقاطعة سيدي بليوط، وأنا كرئيس لا علم لي بهذه الصفقة. المساء: لماذا يتشبث حزب الاستقلال حاليا عكس السابق بضرورة الحصول على الوثائق المتعلقة بجميع الصفقات التي أنجزها مكتب المجلس؟ فهيم: لا بد أولا من الرجوع إلى النقطة المتعلقة بصندوق الأشغال، لأن الرئيس وقع وثائق من أجل أداء أجور العمال من هذا الصندوق وكذا وقع صرف مبالغ بقيمة 400 درهم شهريا لفائدة عمال الإنارة العمومية، وهذه الحقائق لا يمكن للرئيس أن ينفيها ويوجد وثائق تثبت ذلك. بالرجوع إلى وثائق الحساب الإداري، فالوثائق هائلة العدد، كما صرح الرئيس بذلك، غير محينة وقديمة، وكانت موضوعة، وعندما اقتربت الدورة وطالبنا بالوثائق، أخرجوها لنا، والدليل على ذلك هو أن لائحة الممتلكات تضم بعض البنايات التي تم هدمها وشيدت مكانها مرافق أخرى. وأتوفر على وثيقة تحمل خط مسؤول في التجمع الوطني للأحرار عند لقائنا بالسيد الوالي، حيث طالبنا بتمكين أعضاء اللجنة من الاطلاع والحصول على جميع الصفقات والسندات واتفاقيات الإطار المبرمة والأوراق المالية المتعلقة منها...إلخ. الديساوي: لدينا قرابة 20 ألف موظف، أي ما يمثل 50 في المائة من الميزانية، لكن البعض احتكر بعض الملفات، فيما يوجد الباقي في عطالة، والبعض منهم خارج التراب الوطني. لدينا قرابة 3 مليارات من الفائض المالي، وفي المقابل لدينا الملايير من الباقي استخلاصه، وهذان المعياران يشيران إلى أن التدبير المالي ليس في المستوى المطلوب. الحساب الإداري، الذي يمر من هذه الزوبعة، كان مثل الحسابات السابقة في الدورات السابقة، التي كانت تمرر في الثالثة صباحا، وكنا في بعض الأحيان نتعرض للتهديد والضرب من طرف بعض "البلطجية" عند التعبير عن موقفنا، أمام سكوت الرئيس، أما حاليا وعند أي حركة احتجاج يرفع الرئيس الجلسة، في الوقت الذي يشير القانون الداخلي إلى أن الرئيس بإمكانه أن يطلب من المجلس أن يطرد العضو الذي أخل بشروط انعقاد الجلسة. العمل داخل الجماعة يقاس بالخدمات وجودتها، والبيضاويون يقولون كلمتهم في هذا الشأن، فمثلا كانت الميزانية المخصصة لقطاع النظافة بضعة مليارات، لكنها الآن تضاعفت، وبالتالي هل القيمة المضافة إلى هذه الشركات ارتفعت إلى الضعف، كما أن الإنارة العمومية أصبحت ضعيفة، رغم المبالغ الموضوعة رهن إشارة الشركة. الدارالبيضاء التي كانت تنجب الأبطال، أصبحت عاقرا رياضيا. أصبحنا نعقد مهرجانا سنويا لا يليق بحجم الدارالبيضاء. أظن أن المشرع المغربي يجب أن ينتبه إلى المادة 22 من الميثاق الجماعي، التي تشير إلى حالات التنافي، ويجب إقرار تشريع يمنع أصحاب المشاريع العقارية أو من له مصالح في المدينة أن يتحمل مسؤولية رئاسة الجماعة، لأن المدن الكبرى أصبحت رهينة بيد المنعشين العقاريين. المساء: قررت عقد الدورة يوم الثلاثاء المقبل (ستعقد اليوم) في الوقت الذي لم يعقد أي اجتماع للجنة المالية ودون الإفراج عن الوثائق. هل نفهم من عدم الإفراج عن الوثائق أن ساجد متورط في بعض الملفات أو أنه يتعرض لضغوطات؟ ساجد: أبدا. ويجب إزالة اللبس بالنسبة إلى موضوع الوثائق. أظن بأن المجهود الذي أنجز خلال هذا الحساب الإداري لم يكن سابقا، فالوثائق المتعلقة ب2010 وبعض العقود التي تم توقيعها قبل مجيئي، و التي طلبها بعض الإخوان...، كل هذه الوثائق وفرت للأعضاء. وبالنسبة إلى وثائق الصفقات، كالوثائق التي أشير إليها قبل قليل، توضع داخل قاعة اللجنة، وكل مستشار أراد الاطلاع على أي صفقة يمكنه ذلك. الديساوي: لم يسبق قط للمكتب أن قام بهذا الإجراء. ساجد: دائما توضع وثائق الصفقات رهن إشارة المجلس، والصفقات عمومية تشرف عليها المدينة والولاية والخازن الجهوي، والسيد رهين ذكر صفقة معينة، ويجب الاطلاع على دفتر التحملات و معرفة إن كانت هذه الشركة أجابت عن الشروط المطلوبة في طلب العروض، آنذاك يمكن للإنسان أن يحكم على مدى قانونية الصفقة ومدى أحقية الشركة بالفوز بها. أظن أن الأمر يتعلق بمجرد مزايدات لمعالجة مشاكل أخرى، وكما ذكر السيد الديساوي قبل قليل، فإن المشكل ليس في الحساب الإداري، بل يتعلق بمواقف بعض الإخوان في المعارضة من أجل تصفية بعض الحسابات المتعلقة بانتخابات مكتب المجلس في سنة 2009..... فهيم: (مقاطعا بحدة) لا. لقد تسلمنا وثائق مغلوطة تتضمن تزويرا. لدينا صفقات لأشغال متأخرة منذ سنوات، ولدينا وثائق تتضمن تزويرا، منها ملف عقد فضاء الغابة الخضراء. ليست لدينا حسابات، بل نريد أن نصحح وضعا مختلا منذ سنوات داخل مدينة الدارالبيضاء، التي استشرى الفساد بها، وإضافة قاعة للحفلات إلى عقد الغابة الخضراء هو تزوير. ساجد: هذه الوثائق التي يتكلم عنها الإخوان نحن الذين وزعناها، ونحن الذين عملنا على أن يتسلمها الإخوان، وبالتالي لم تكن هناك أي نية بعدم تسليمها، وعقدة "السقالة" وضعت بشروط استثمارية. المساء: ماهي السيناريوهات المحتملة لتجاوز حالة الجمود بمجلس مدينة الدارالبيضاء داخل الأغلبية؟ اليوسفي: يجب على الرئيس عقد جلسات تقييمية والاستماع إلى مطالب الأغلبية والخروج بورقة تصحيحية، تتضمن اقتراحات الأغلبية، والتي لن يكون الرئيس ضدها، منها ملف إعادة هيكلة الموظفين. كما نطالب بإلحاح بإعادة مراجعة العقدة بما يخدم مصالح البيضاويين والتجاوب مع حاجياتهم. كما نطالب الرئيس بالعمل من داخل الأغلبية على ضمان توازن بين المقاطعات، وخاصة الأحياء الهامشية، إضافة إلى إعادة النظر في مجموعة من العقود وطريقة تدبير الممتلكات. وهناك مجموعة من المشاريع الكبرى بالمدينة لم نتكلم عليها، وللأسف، فإن المكتب لا يتوفر على طريقة تواصلية لإيصالها إلى الشارع البيضاوي. فهيم: الرئيس يتهمنا بممارسة التشويش. نحن معارضة بناءة، وأنا أريد أن أؤسس موقفي عن قناعة. هذه القناعة سوف لن تأتي بدون الحصول على وثائق، وهذه الوثائق بها عيوب، ولدي صفقات لم تحترم فيها الأجال، ولدينا سيارات بيعت وما زالت تؤدى عنها التأمين. ونحن لا نمارس العرقلة، بل نريد تصحيح الوضع. الديساوي: نحن نبقى أوفياء لمبادئنا، كمعارضة بناءة. عبرنا منذ 2003 عن موقفنا من التسيير، وقلنا إنه ليس في المستوى المطلوب، وقلنا إن الدارالبيضاء تشكو من انعدام حكامة محلية في المستوى، وسنظل أوفياء لمبادئنا وقناعاتنا وسنحضر الدورة على أمل أنها ستنعقد، وبطريقة ديمقراطية سنعبر عن موقفنا. لنا رأي في الأمور التدبيرية وكذا في النقص الحاصل في المشاريع التي تحتاجها مدينة الدارالبيضاء، وكذا من ناحية التدبير المالي ومدى قانونية العديد من الأمور بالمدينة، والذي يشك فيما نقوله ما عليه سوى القيام بجولة بالقرب من ملعب العربي بن مبارك ليرى التشويه الذي طاله وعدم قانونية المحلات التي سلمت لبعض الأشخاص، بداية من المجلس السابق لجماعة سيدي بليوط، خصوصا الغموض الذي يلف قرارات استغلال بعض المحلات ومربد السيارات. رهين: بخصوص الحل، الذي يجب التفكير فيه جميعا ليس بخصوص الحساب الإداري فقط، ولكن ما يجب التفكير فيه هو أن بلادنا تعرف حراكا سياسيا وتعرف يقظة سياسية وسط الشباب. إذن قبل اتخاذ أي موقف يجب وضع هذه الظروف السياسية بعين الاعتبار. أنا شخصيا سأعبر عن رأيي بشكل ديمقراطي وحضاري، كما ذكر بعض الإخوان، إذا توفرت للسيد الرئيس الأغلبية للتصويت على الحساب الإداري بالإيجاب إذا كانوا مقتنعين، فهذا يهمهم. أنا شخصيا سأصوت بالرفض على الحساب الإداري، وما يهمني في الدورات المقبلة هو أن يتحمل شخصان خلاله المسؤولية، أولا، السلطات الوصية، لأنها يجب أن تعطي إشارة للشباب الذي يتظاهر وللمواطن الذي يتابع ما يجري، وممارسة مراقبة حقيقية، ونتمنى أن تبرئ أي شخص، لكن أي شخص ثبت بأن اختلس أو بدد المال العام يجب معاقبته كي يكون عبرة للآخرين والتأكيد فعلا على أن المغرب يتغير. ثانيا، أحمل المسؤولية للأحزاب السياسية الممثلة داخل مجلس المدينة، إذ عليها أن تفكر فيما بعد الحساب الإداري، سواء تم قبوله أو رفضه. ويجب مباشرة هيكلة سياسية لمدينة الدارالبيضاء. وأدعو كذلك محمد ساجد إلى تحمل مسؤوليته، وهو يعرف جيدا ما أقصده، إذا كان يريد أن يستمر إلى نهاية الفترة الانتخابية. ساجد: النقاش مشابه للنقاشات الحادة داخل الدورات، وكل واحد يعبر عن موقفه، وأنا أظن أنه يجب علينا جميعا أن نكون في مستوى المسؤولية، سواء كأغلبية أو معارضة، ونضع مصلحة الدارالبيضاء ومصلحة البيضاويين على المصلحة الشخصية والحزبية. أنا أقول داخل مجلس الدارالبيضاء، بغض النظر عن انتماءاتنا الحزبية، بأنني مع مصطفى رهين إذا أعد ملفا وأراد الاشتغال عليه، وليس لدي أي إشكال. المساء: إذا فشلت في تمرير الحساب الإداري هل ستعلن استقالتك؟ ساجد: أنا "ما كرهتش نمشي نعس في داري. أنا عييت وباغي غير نرتاح" المساء: هل هناك ضغوطات تمارس عليك وتمنعك من الإعلان عن استقالتك؟ ساجد: لا أبدا، أنا ولجت عالم السياسة بشكل تطوعي، ولم تكن لدي أجندة للوصول إلى منصب برلماني أو مسؤول عن مدينة كبرى، بل قمت بذلك لإيماني بقيم معينة، يمكن أن تظنوا بأن المنتخبين أو السياسيين ليست لديهم قيم سوى قيم المنافسة والتدافع نحو المناصب، أبدا فالمنتخبون يؤمنون بمبادئ ويشتغلون من أجل الصالح العام. أدار الندوة: مصطفى الفن - سعيد العجل - مراد تابث تصوير: كريم فزازي