يرى -محمد الشمي-، مدير مصلحة الموارد البشرية و الاتصال في أكاديمية التربية والتكوين لبني ملال، أن نجاح المدرسة مرتبط ارتباطا وثيقا بعمل المدرسين وتكوينهم تكوينا متينا، مشيرا إلى أن الخريطة المدرسية أفرزت خصاصا كبيرا في أطر التدريس نظرا للأهداف المتوخى تحقيقها، كمحاربة الهدر المدرسي، والقضاء على الأقسام المكتظة، وتشجيع التمدرس. - شهدت عشرية الإصلاح دينامية على المستوى التشريعي، الهدف منها جعل الموارد البشرية تواكب إيقاع الإصلاح، سواء من جهة الحفز أو التأهيل، هل لكم أن تضعونا في صورة ما تم تشريعه؟ فعلا منذ إعلان العشرية 2000-2009 عشرية وطنية لإصلاح منظومة التربية والتكوين، عرف مجال الموارد البشرية كسائر المجالات الأخرى اهتماما كبيرا، طبقا للدعامة الثالثة عشرة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين التي تنص على حفز الموارد البشرية، وإتقان تكوينها، وظروف عملها، ومراجعة مقاييس التوظيف والتقويم والترقية، ومن أهم التشريعات والقرارات والقوانين الصادرة في هذا المجال، سن نظام أساسي جديد لموظفي قطاع التعليم المدرسي يوم 10 فبراير 2003، أي بعد مرور 17 سنة على صدور آخر نظام أساسي في 04 أكتوبر 1985، وقد جاء هذا النظام الجديد لمعالجة بعض الإختلالات التي عرفها النظام السابق، كما أنه يروم تحيين الوضعية الإدارية والاجتماعية للموظفين، والاعتراف باستحقاقاتهم، ويتيح إمكانية الارتقاء والتطور ويولي للتكوين المستمر والأساسي أهمية بالغة، سواء لأطر الإدارة التربوية أو الأطر الإدارية، ناهيك عن مراجعة شروط ولوج مراكز التكوين التابعة للقطاع، وتوظيف حاملي الشهادات الجامعية العليا في القطاع، وتسوية الوضعية الإدارية والمالية للأساتذة العرضيين - إدارة الموارد البشرية من أكثر أنواع التدبير حساسية وخطورة، فهي تفترض تدبير المتوفر و المتوقع، لكن ألا يعتبر لجوء الوزارة إلى إعادة الانتشار ثم المذكرة 122، وغيرها هو تغليبا للمقاربة العسكرية البعيدة عن خصوصية قطاع التربية والتكوين؟ تدبير الموارد البشرية هو توفيرها وتكوينها وتشغيلها، والوزارة واعية كل الوعي بأن نجاح المدرسة مرتبط ارتباطا وثيقا بعمل المدرسين وتكوينهم تكوينا متينا، كما أن أداء الإدارة التربوية بمختلف مستوياتها مرتبط بتكوين الأطر الإدارية وتأهيلها. صحيح أن هناك عوائق أحيانا ذات طابع محلي أو جهوي تفترض التحلي بالمرونة في تجاوزها، خصوصا في جهة كجهة تادلا أزيلال المعروفة بشساعتها وصعوبة تداريسها، إلا أن الفلسفة الكبرى للميثاق الوطني للتربية والتكوين قادرة على استييعاب هذه الخصوصيات، فانتشار الموارد البشرية اشكالية تعاني منها كل القطاعات الوزارية الأخرى، وهي نتيجة لأساليب التدبير القديمة، غير أن الأكاديميات والنيابات الإقليمية بالدرجة الأولى تدبر هذه الإشكالية في بداية كل سنة دراسية نظرا للتراكمات (فائض في المدرسين في بعض الجماعات وخصاص في أخرى) مع النقابات ذات التمثيلية في اللجن الثنائية تراعي الحالات الاجتماعية للمدرسين، وذلك ضمانا لاستقرارهم مع أسرهم، لذا يتم إعادة الإنتشار داخل الجماعة، أو داخل الجماعة الأقرب أو على أساس مقاييس يتفق عليها داخل اللجنة الإقليمية التي تدبر العملية، ولكن لابد من التفكير مستقبلا في حلول ناجعة للقضاء على هذه الظاهرة تطرح التي بكل صراحة عدة مشاكل في بداية كل سنة دراسية سواء للمدرسين أو الإدارة، وتربك انطلاق الدراسة في بعض المؤسسات التعليمية، بالنسبة للمذكرة 122 فهي جاءت بأفكار إيجابية ومهمة في تدبير الزمن المدرسي تدبيرا عقلانيا في إطار البرنامج الاستعجالي الذي يتوخى إعطاء نفس جديد للمؤسسة التعليمية والحياة المدرسية للمساهمة في الارتقاء بالتعلمات ويراعي حاجيات التلميذ بالدرجة الأولى، إلا أن تطبيقها يطرح بعض الاشكالات في الوسط القروي والمناطق الصعبة. - تعاني هيئة التفتيش التربوي من خصاص على مستوى الأطر، بسبب المغادرة الطوعية وبسبب عدم استقطاب عناصر جديدة، لكن أليس غريبا أن تغلق مراكز التفتيش في مرحلة هي عشرية الإصلاح حيث الحاجة ماسة لهذا النوع من الأطر؟ إن دور هيئة التفتيش التربوي استراتيجي، ولا يمكن الحديث عن أي إصلاح في المنظومة دون انخراطها، ودورها تكويني وتأطيري وتقويمي ولاعلاقة له بالعقاب أو المراقبة بمفهومها السلبي بل هي مراقبة تربوية ومصاحبة والحرص على حسن سير البرامج الدراسية وتطبيق التوجيهات الرسمية، والمنظومة تعرف خصاصا مهما من أطر هذه الهيئة في مختلف المستويات، وفتح مركز تكوين المفتشين وإعادة هيكلته، وفتح سلك خاص لتكوين مفتشي التعليم الثانوي الإعدادي المنصوص عليهم في النظام الأساسي الصادر في 20 فبراير 2003 سيساهم لا محالة في تجاوز الخصاص المسجل، وإرساء وتغطية المناطق التربوية وتفعيلها، وتفعيل الوثيقة الإطار وذلك تطبيقا لما جاء في البرنامج الاستعجالي 2009-2012. - اعتمدت الوزارة في إرسائها للحكامة و المركزية و اللاتمركز على برنامج كندي يسمي “ مشروع تطوير أداء الخدمة لعام 2000 “ وهو برنامج تم استيراده بطريقة شبه حرفية، لتجديد طرائق التدبير، والسؤال هو إلى أي حد يمكن ضمان نجاح هذا المخطط مع أن الواقع المغربي أثبت أنه عصي على مخططات أخرى تم اعتمادها قبله؟ أظن أنك تقصد برنامج PROCADEM هذا برنامج مغربي كندي هدفه هو مصاحبة خبراء كنديين في مجال التربية والتكوين للوزارة قصد إرساء اللامركزية واللاتمركز، وهذا البرنامج لا علاقة له بالمدرسة الكندية في ما يخص التعلمات والبرامج، بل هو يهتم بمجال التدبير ونقل الاختصاصات من الوزارة إلى الجهات والأقاليم، والفريق الكندي يقوم بالتشخيص تم بمقترحات ولا يتم الأخذ بها إلا بعد المصادقة من طرف اللجنة المركزية المحدثة لهذا العرض، والدليل على بداية تطبيق الامركزية و اللاتمركز هو أن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة تادلا-أزيلال كباقي الأكاديميات مؤسسة عمومية بموجب القانون 07.00 تتمتع بشبه استقلالية في مجال التدبير المالي، وتتوفر على تفويضات في المجالات الأخرى، تشمل البشري و التربوي. - هناك انتقادات كثيرة توجه للوزارة في تدبيرها لمشكلات القطاع، منها أنها تعمل على حل مشكلة عبر خلق مشكلات أخرى، مثلا مواجهة مشكلة الخصاص بالتوظيف المباشر، ولكن خلق مشكلة أخرى هي ضعف الجودة، ما هو تعليقكم على هذه الانتقادات؟ لا يمكن لأي شخص غيور على منظومة التربية و التكوين اليوم أن ينفي وجود إكراهات، لكن بالمقابل هناك مبدأ ينبغي أن نؤمن به هنا، وهو أنه ما لا يدرك كله لا يمكن أن يترك كله، ففي المثال الذي أشرتم إليه، فالخريطة المدرسية أفرزت خصاصا كبيرا في أطر التدريس نظرا للأهداف المتوخى تحقيقها، كمحاربة الهدر المدرسي، والقضاء على الأقسام المكتظة، وتشجيع التمدرس. التوظيفات المباشرة تمت من بين حاملي شهادات الإجازة التعليمية التي لا تطرح أي مشكل في الجانب المعرفي للمعنيين بالأمر، يبقى الجانب التطبيقي والديداكتيكي والبيداغوجي هو المطروح، ولتدارك ذلك تم تسطير برنامج تكويني لهذه الأطر على مدى السنة الدراسية حتى يتسنى إدماجهم في المنظومة كسائر الأساتذة المتخرجين من مراكز التكوين، وقد استفادوا من تكوين أولي في البيداغوجية العامة وديداكتيك المواد في بداية شتنبر 2009، كما استفادوا مؤخرا خلال الفترة البينية من الشطر الثاني من التكوين، وسيستفيدون مستقبلا من تكوينات في مجالات أخرى لها علاقة بمهنة التدريس، والتوظيف المباشر لم يكن قط مشكلة في ذاته، بدليل الأعمال الجليلة التي قام به المدرسون الموظفون بطريقة مباشرة خلال السبعينيات والثمنينات من القرن الماضي، أثناء بداية مغربة أطر التدريس، إذ بفضلهم أصبح المغرب الآن يتوفر على كفاءات عالية في مختلف الميادين تخرجت من معاهد ومدارس عليا وطنية وخارجية. - فيما يتعلق بالشركاء الاجتماعيين، وتحديدا النقابات أليس حريا الانتقال من موقع الصراع والعداء إلى موقع التشارك و الانفتاح؟ لا يمكن أن ننعث أي فاعل اجتماعي بالعدو كيفما كان نوعه، ومجال تدخله، وقطاع التعليم المدرسي رائد في مجال التعامل والانفتاح على الشركاء الاجتماعيين بصفة عامة وعلى النقابات بصفة خاصة، ودور النقابات في المنظومة دور أساسي واستراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه، فهي شريك حقيقي في التدبير خصوصا في مجال الموارد البشرية، والوزارة وكل مصالحها الخارجية الجهوية والإقليمية وحتى المحلية تشرك النقابات ذات التمثيلية في اللجن الثنائية في اتخاذ مجموعة من القرارات كما أنها تشارك إلى جانب الادارة في مجموعة من العمليات الإدارية التي لها علاقة بالموارد البشرية: كالحركات الانتقالية (إعادة الانتشار) التعيينات الجديدة في المؤسسات التعليمية.....، وذلك انسجاما مع مقتضيات ميثاق التربية الذي ينص على المقاربة التشاركية كمنهجية للتسيير والانفتاح على مختلف الشركاء الاجتماعيين لوضع الذات، لتجاوز بعض نقط الخلاف التي تبرز من حين إلى آخر، فإن البرنامج الاستعجالي يضم عدة تدابير خاصة بالعلاقة مع الشركاء الإجتماعيين تتوخى بلورة ميثاق علاقة بين النقابات والإدارة قصد توضيح أدوار مسؤوليات كل طرف على حدة، سعيا وراء وضع نمط حديد من العلاقة البناءة، ومأسسة الحوار.