الرواتب الشهرية التي تحددها مافيات الاتجار في الرقيق الأبيض للمغربيات ببيروت لا تختلف عن تلك التي تستخلصها الفتيات عند رأس كل شهر من الشبكات التي تنشط في عمان، عاصمة الأردن. العقود التي حصلت «المساء» على نسخ منها توضح أن معظم المغربيات يشتغلن بأجر شهري لا يتجاوز 600 دولار، في أحسن الأحوال، مقابل تقديم خدمات مختلفة تتراوح بين الرقص ليلا وتلبية رغبات الزبناء ب«مُجالستهم»، ونهارا يتم «كراؤهن» لزبناء يقضين معهم وقت الظهيرة بمقابل مادي يذهب مباشرة إلى خزائن المافيات. الفتاة تبقى الحلقة الأضعف في سلسلة المستفيدين ماليا من عمليات تهجير الفتيات واستغلالهن، أجرها واضح في العقود وقد يضاف إليه بعض «الإكراميات» التي قد يجود بها بعض الزبناء عليها بعد أن يكون قد دفع القسط الأكبر منها إلى صاحب المحل. أما بالنسبة لخزينة المافيا المتحكمة في العملية بأكملها، فمداخيلها تبقى كبيرة، ويبدو من خلال عمليات حسابية بسيطة أن التجارة في الرقيق الأبيض تدر أرباحا طائلة على أصحابها. في كباريه «جيبولي نيوفاس»، بمنطقة جونيه، توجد 20 فتاة مغربية يعملن كمجالسات، ولدعوة إحداهن إلى الطاولة فالزبون مجبر على دفع سعر قنينة شامبانيا يصل سعرها إلى 120 دولارا، لأن نظام الكباريه يفرض ذلك، والنظام ينص على أن كل كأس تتجرعه الفتاة من القنينة يدفع الزبون مقابله 30 دولارا، وبعملية حسابية بضرب عدد المجالسات، اللاتي يبلغ عددهن 20 فتاة، في 120 دولارا، سعر قنينة الشامبانيا، فإن الليلة الواحدة بمعدل قنينة لكل فتاة يبلغ فيها مدخول صاحب الكباريه إلى 2400 دولار، أي ما يناهز 876 ألف دولار في السنة، دون احتساب باقي نفقات الزبون. وإذا علمنا أن عدد كؤوس قنينة الشامبانيا يبلغ ستة وعن كل كأس تشربه الفتاة يدفع الزبون 30 دولارا، فإن صاحب المحل يربح عن شرب كل فتاة لقنينة شامبانيا 180 دولارا، وإذا قمنا باحتساب ما تشربه الفتيات العشرين فإننا نحصل على رقم 3600 دولار في اليوم الواحد مقابل الشرب، وهو ما يعطي رقما سنويا يصل إلى مليون و314 ألف دولار. أي أنه بعملية حسابية بسيطة بجمع المداخيل المتفرقة لتجارة شبكة تتحكم في عشرين فتاة مغربية نجد أن هذه الشبكة تحصل على مدخول سنوي يصل إلى مليونين و190 ألف دولار، وإذا زاد عدد الفتيات المُسيطر عليهن، تزداد الأرباح، وهذا الرقم حصلنا عليه باحتساب ليال عادية، وليس الليالي الخاصة، التي تنظم على شرف بعض الأغنياء في بيروت، التي قد تتضاعف مداخيل المافيا فيها عشرات المرات... عمليات الاتجار في الرقيق الأبيض حول العالم تدر أرباحا تصل إلى 36 مليار دولار سنويا، وهو رقم في ارتفاع متواصل، حسب تقرير صادر، مؤخرا، عن وزارة الخارجية الأمريكية. الرقم المعلن عنه يتضمن مداخيل جميع مراحل البيع والشراء، انطلاقا من إعداد الوثائق الإدارية من البلد المصدر لفائدة الفتاة التي سيتم تهجيرها ومصاريف الوسطاء والسلطات الأمنية، التي غالبا ما تتواطأ مع مافيات التهجير وبيع الفتيات، إلى غاية وصول «البضاعة» إلى بلد الاستقبال.