إنها الحلقة الثانية من سلسلة الملفات التي قررنا في »المساء» فتحها لتسليط الضوء على وضعية مواطنات مغربيات «محتجزات» و«خاضعات» لمافيا الاتجار في الرقيق الأبيض المغربي في دول مختلفة. من عمان، عاصمة الأردن، ننتقل بكم هذا الأسبوع إلى بيروت، عاصمة لبنان، وننقلكم، عبر خطوط شبكة متخصصة في تهجير المغربيات والاتجار في أجسادهن، للوقوف على أوضاع مغربيات جُردن من جوازات السفر واحتُجزن في فنادق وهن مهيآت لتلبية رغبات زبائن بمقابل يعود إلى خزائن المافيا المتحكمة في الفتيات...في هذا الملف تنفرد «المساء» بنشر بصور حقيقية لمغربيات بيروت ونسخ من عقود عملهن والتأشيرات التي حصلن عليها... بين عمان، عاصمة المملكة الهاشمية، وبيروت، قلب بلاد الأرز، تختلف تفاصيل أوضاع المغربيات المُهجرات، عبر شبكات تستغلهن جنسيا، وتتنوع مظاهر إخضاعهن واحتجازهن واستغلالهن، لكن المشاهد تتكرر، رغم بعد المسافة، لأن أساليب الشبكات النشيطة في هذا «الميدان» متشابهة إلى حد كبير: إهانة، احتجاز، إخضاع، استغلال، سجن وحتى قتل... دون جوازات سفرهن المحجوزة من لدن المتحكمين في خيوط الشبكة، تقطن الفتيات القادمات لتوهن من المغرب إلى بيروت في «فنادق الإذلال»، وهي فنادق، تعدها المافيات لاستقبال «الشابات الجديدات»، ويختلف تصنيف نجومها باختلاف فئة «الزبائن» التي تستهدفها الفتيات. الأجمل من بينهن يقطن فندق خمس نجوم لأنهن يستهدفن زبائن الخليج، والأقل جمالا نجدهن في فندق حقير وسط بيروت، وهن تنتظرن دورهن لتلبية رغبات زبائن قادمين من بلدان آسيا الصفراء... هذا هو «النظام» هنا. وإذا كانت المغربيات “نابمر وان” في بلاد الملك عبد الله الثاني ويعتبرن المفضلات في مجال الدعارة لدى أهل الخليج من السياح الجنسيين ويحتكرن السوق، فإنهن، في “لبنان الطوائف” يتعرضن لمنافسة شديدة من طرف جنسيات أخرى، أهمها العراقية، التي انتشرت في لبنان مع سقوط نظام صدام حسين، إذ شكلت العراقيات مصدر رزق الشبكات المتخصصة في بيع الأجساد العربية بأسعار مختلفة. ما هي معابر مافيات الدعارة للوصول بالمغربيات إلى بيروت؟ كيف تتواطأ السلطات الرسمية المغربية مع هذه الشبكات؟ من يقوم بالإجراءات القانونية لبلوغهن بلاد الأرز؟ كيف توزع أرباح الدعارة؟ ما نصيب المغربيات «اليد العاملة» منها؟... أجوبة هذه الأسئلة وغيرها تجدونها في هذا الملف، مرفقة بوثائق تنشرها “المساء”، بشكل حصري، لعقود «عمل» المغربيات، موقعة من المتعاقدين، وهما في الغالب «الراقصة» وصاحب الكباريه، وننشر أيضا تأشيرات تمنحها السفارة اللبنانية بالرباط لفتيات يمتهن مهنا غير معترف بها في المغرب منها «المجالسة» وغيرها. «المساء» حصلت أيضا على نسخ من جوازات سفر مغربيات توجهن على متن الطائرة ذاتها إلى وجهة واحدة: فندق وكباريه يحملان نفس الاسم، وطرن جماعة وهن يحملن تأشيرات و«عقود عمل» مكتوبا عليها مهن غير موجودة في «قاموس المهن المغربية». أين كانت عيون السلطات الأمنية أمام كل هذا؟ سؤال نجيب عنه أيضا في هذا الملف. عائلات الفتيات تعد حلقة مهمة في عملية النخاسة التي تتعرض لها بناتهن. «المساء» زارت عددا منهن في مدينة الدارالبيضاء ونقلت ما يروج في مخيال هذه العائلات حول وضعية بناتا هناك. تختلف الأجوبة من عائلة إلى أخرى بينما رفضت، بعض العائلات استقبالنا بشكل قاطع وتبرأت من فلذات كبدهها. في هذا الملف حاولنا تسليط الضوء على هذه الظاهرة التي «تحرج» المغرب ومسؤوليه من مختلف الزوايا، لتحديد هوية المتدخلين في عمليات الاتجار بالمغربيات في الدول العربية، وتحديد المسؤوليات، بالدلائل، والكشف عن من له مصلحة في استمرار الوضع على ما هو عليه، لتستفيد منه جهات وتدفع ثمنه مواطنات مغربيات رمى بهن قدر الفقر والحاجة في أحضان «زبائن» يبحثون عن متعة سريعة بسعر باهظ ينتهي إلى خزائن مافيات متخصصة، ويُمنح جزء منه إلى المتدخلين في عمليات إيصال الفتيات إلى «فنادق الدعارة» و«معسكرات الإذلال»!..