عادت شبكات تهجير الفتيات المغربيات لممارسة الدعارة في بلدان الخليج، إلى الواجهة، مع اكتشاف شبكة جديدة بالدار البيضاء، وجهتها هذه المرة لبنان. ويتعلق الأمر بشبكة تقودها امرأة في الخمسينات من العمر بتواطؤ مع شقيقتها وابنة أختها المقيمة بالإمارات رفقة زوجها، الذي يحمل جنسية هذا البلد. وتستغل هذه الشبكات صفة «الفن» من أجل تهجير الفتيات للعمل في كازينوهات وملاه ليلية بدمشق وبيروت وعمان. وتحتوي مجمل العقود التي تحصل عليها الفتيات على صفة «فنانة مجالسة للزبائن»، أو «راقصة مجالسة للزبائن». قد تبدأ الحكاية بتردد بعض النساء على أبواب بعض الثانويات والإعداديات، وكلما وقع نظرهن على شابة جميلة يسارعن إلى إغرائها بالمال لترافقهن بدعوى أنها ستقابل شخصيات كبيرة وغنية، في زيارة بريئة للغاية ويشرحن للتلميذات اللواتي وقع عليهن الاختيار أن الأمر لا يعدو أن يكون جلسة عادية القصد منها الترفيه لا غير، ومن وضعت رجلها في الفخ لا تستطيع منه خلاصا. وقد تبدأ بإعلانات بريئة في ظاهرها عن رغبة جهات مشرقية في تشغيل مربيات أو حلاقات، وما إن يصلن إلى أيدي المتاجرين في الرقيق الأبيض حتى يتحولن إلى عاهرات رغم أنفهن. بل هناك حالات يتقدم فيها سماسرة الجنس في صفة خطاب وفق الأصول الشرعية، ليخطبوا ويتزوجوا ويأخذوا الزوجة إلى إحدى دول المشرق حيث يقومون بتطليقها شرعا ليتركوها فريسة لمافيا الدعارة. وأخيرا قد يبدأ الأمر بالبحث عن فنانات استعراضيات أو مغنيات ما إن يصلن لبنان أو سوريا أو الأردن حتى يتحولن إلى سلعة رخيصة. فقد استنكر حسن النفالي، رئيس الائتلاف المغربي للثقافة والفنون، «استغلال مافيا التهجير لصفة الفن من أجل تهجير الفتيات واستغلالهن في الدعارة». ودعا النفالي، في تصريح ل«المساء»، إلى فتح تحقيق في قضية ال26 فتاة اللواتي تم توقيفهن أخيرا بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، واللواتي ضبطت معهن عقود عمل تشير إلى أنهن «فنانات». كما شدد على أهمية البحث في الكيفية التي حصلن بها على وثائق رسمية تشير إلى أنهن يحملن هذه الصفة. واعتبر النفالي أن هذه الأمور «تمس بكرامة الفنان المغربي، بعد النضال الطويل الذي استطاع خلاله أن يحظى بالاعتراف الرسمي من طرف الدولة وحصوله على مكاسب اجتماعية وصحية». وأكد في هذا السياق أن الحصول على صفة «فنان» تتطلب عدة شروط، في الوقت الذي تسمح فيه بعض اللوبيات لنفسها بمنح هذه الصفة لفتيات يتم استغلالهن في أغراض أخرى خارجة عن إطار الفن. وأكد أن وضعية الفتيات المغربيات اللواتي يستغللن صفة الفن «مؤسفة ومخجلة»، مشيرا إلى أنه التقى بنقيبي الفن بالأردن وسوريا في نشاط فني بالإمارات وتداولا معه في الموضوع. وأردف النفالي قائلا: «بصراحة «خلعوني، ففي سوريا مثلا هناك حوالي 6000 فتاة من هذا النوع. صدمت لسماع هذا الرقم المهول، وقد طلبت منهم الإحصاءات المتوفرة، وطلبوا مني بدورهم ضرورة عقد اتفاقية لضبط هذه المسألة». من جهته، دعا شاهر الحديد، نقيب الفنانين بالأردن، الحكومة المغربية إلى التدخل بحزم لضبط هجرة الفتيات المغربيات للعمل في ملاهي عمان وسوريا ودمشق، تحت يافطة الفن. وكشف ل«المساء» أن 22 ألف فتاة من المغرب وتونس وفلسطين والعراق يشتغلن دون إذن رسمي من نقابة الفنانين، ومجال عملهن معروف، على حد تعبيره، حيث تفد الفتيات تحت غطاء مهن أخرى لإخفاء طبيعة عملهن الحقيقي، والحكومة الأردنية تقوم بتسفير عدد كبير من هؤلاء الفتيات بشكل دوري. وبخصوص المقابل المادي الذي تتلقاه هؤلاء الفتيات، قال نقيب الفنانين بالأردن «في لبنان هناك أسعار محددة في مائة دولار للفتاة، وفي الأردن تساوم الفتاة بأكلها وشربها، وهؤلاء الفتيات منتشرات في جميع المحافظات الأردنية». التفاصيل في الملف الأسبوعي.