فيما لا زالت عودة الانفصالية أمينتو حيدر إلى المغرب الجمعة الماضي، تثير جدلا في الأوساط السياسية، هاجمت مصادر من داخل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية خليهنا ولد الرشيد، رئيس المجلس، متهمة إياه ب«التقصير» و«الغياب»، ومشيرة إلى أن التطورات الأخيرة التي شهدتها قضية الوحدة الترابية تكشف بالملموس «حقيقة الوضع الذي يعيشه المجلس». وقالت المصادر، التي تحفظت عن ذكر اسمها، إنه كان من المفروض على رئاسة المجلس أن تدعو إلى عقد دورة استثنائية للمجلس بالنظر إلى حجم التطورات المتسارعة التي عرفتها قضية الوحدة الترابية في الآونة الأخيرة، والمخطط الذي يستهدفها منذ الزيارة الاستفزازية التي قام بها بعض انفصاليي الداخل إلى مخيمات تندوف ولقائهم بأجهزة الاستخبارات العسكرية الجزائرية، مضيفة: «ما يثير الاستغراب أن تحركات الرئيس اقتصرت على الجبهة الإعلامية فقط، وإن كان لا يمكننا إنكار حضوره القوي في الإعلام الإسباني والقنوات العربية، إلا أننا سجلنا غيابا واضحا على الجبهة الدبلوماسية، حيث لم نلحظ أي تحرك بهذا الصدد، بل لم تتم حتى استشارته، كما كان الأمر بالنسبة للأحزاب المغربية التي سارعت وزارة الخارجية إلى عقد لقاءات بها والتنسيق معها». إلى ذلك، انتقد مصطفى ناعيمي، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، المعروف اختصارا ب«الكوركاس»، والباحث في الشؤون الصحراوية، الدور الذي لعبه المجلس في قضية الانفصالية حيدر التي تنكرت لجنسيتها المغربية، في 13 نونبر الماضي، من خلال إرجاعها جواز سفرها المغربي، وبطاقة هويتها الوطنية، واصفا إياه ب«السلبي». وقال في اتصال مع «المساء»: «عن أي دور يمكن أن يلعبه «الكوركاس» في ما يخص قضية أمينتو حيدر أو غيرها من القضايا في ظل تهميش المجلس، وعدم تفعيل لجانه واحتكار الرئيس لكل الاختصاصات والتزام السلطات موقف المتفرج من ذلك الاحتكار؟»، مشيرا إلى أن الدولة وخاصة وزارة الخارجية والتعاون لا تنظر إلى الكوركاس كمجلس مفعل له حضوره، ومن الواجب استشارته وإشراكه في المبادرات التي تقدم عليها. وفيما لم يتسن ل«المساء» الحصول على تعقيب من رئيس الكوركاس، بالرغم من اتصالاتنا المتكررة به طيلة صباح أمس الإثنين، اعتبر عبد المجيد بلغزال، عضو الكوركاس، أن غياب أي تحرك فعال للمجلس على المستوى الدبلوماسي، هو تحصيل حاصل للوضع الذي يعيشه. وقال في تصريح ل«المساء»: «على كل حال يمكن القول إن الكوركاس دخل عمليا مرحلة الاحتضار، وأن الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، هو بمثابة شهادة على المرحلة التي يمر منها، كما أن نفس الخطاب أظهر بما لا يدع مجالا للشك أن المجلس بعيد كل البعد عن المهام التي أحدث بموجبها، وعلى الأخص لعب دور الوساطة ومنافسة البوليساريو على تمثيلية الصحراويين، الذي راهنت عليه الدولة في سعيها لوضع حد نهائي لمشكل الصحراء والوحدة الترابية في الجنوب».