مازالت عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي في الدارالبيضاء تستقبل شكايات "الفراشة" الرافضين لمشروع فضاءات تجارة القرب، الذي تشرف عليه جمعية تنمية الفضاءات العمومية. فقد أوضح مجموعة من الفراشة ل"المساء" بأن المشروع، الذي خصصت له مساحة كانت في وقت سابق عبارة عن حديقة كانت هي المتنفس الوحيد لسكان البرنوصي، يتخوف البائعون فيه على سلعهم ويتساءلون عن الطريقة التي سيواجهون بها موسم الشتاء، خاصة وأن المشروع هو عبارة عن خيام بلاستيكية، لا يمكن بأي حال أن تقاوم التساقطات المطرية، مطالبين السلطات بتوفير الوسائل واتخاذ التدابير اللازمة لمنع أي خسارة مادية قد تلحق بهم. وأوضح بعض الفراشة بأنهم مستاؤون ومتأزمون نفسيا لأن الفضاء الذي يعرضون فيه سلعهم غير مبني، كغيره من الأسواق، فضلا عن أنه غير محروس، حيث يؤكد الفراشة بأنهم يتركون سلعهم وأيديهم على قلوبهم، مؤكدين أنهم وجهوا مراسلات للسلطات بشأن الموضوع فأكدت لهم بأن الفضاء محمي بواسطة الكاميرات، وهو الأمر الذي لم يقتنعوا به لهذا فهم يطالبون بتعزيز الحراسة بالفضاء، حتى لا تضيع للتجار سلعهم مستقبلا. وحسب شهادات الباعة، فإن المشروع وضع، من جهة، حدا لمعاناتهم من المطاردات اليومية التي كانوا يواجهونها من طرف رجال السلطة، ومن طرف لوبيات "الفراشة" التي كانت تفرض عليهم إتاوات يومية، في ظل هجوم بعض المنحرفين على سلعهم، وتعرض بعضهم للهجوم بالأسلحة البيضاء، حيث يضيف أحدهم أن المشروع رغم الانتقادات التي وجهت له في البداية إلا أن العديد من "الفراشة" اقتنعوا به واستسلموا للأمر الواقع . فالزائر لقسارية طارق يلاحظ الفرق بعد أن تم إجلاء الفراشة، في مسلسل دام لشهور، حيث أصبح الشارع خاليا من العربات، نفس الشيء بالنسبة للأزقة التي ظلت تحتفظ فقط بأصحاب المحلات، وفي الوقت الذي استحسن بعض المواطنين الأمر، خاصة السكان المجاورين الذين كانوا يعانون من الفوضى والازدحام، وتنفسوا الصعداء بعدما تم القضاء على ظاهرة احتلال الملك العمومي بالبرنوصي، نجد البعض الآخر، مستاء، بعدما كان "الفراشة" يوفرون عليه ثمن العديد من السلع بحكم القدرة الشرائية المتدنية في الأحياء الشعبية، فقد أوضح أحد المواطنين أن حي البرنوصي أصبح، بعد القضاء على "الفراشة"، يعرف كسادا اقتصادي، زيادة على أن سكانه أصبحوا يجدون صعوبة في إيجاد حاجياتهم اليومية من خضروات وفواكه، مما جعلهم يقطعون مسافات مشيا على الأقدام للعثور على أحد الأسواق من أجل اقتناء حاجياتهم. الفراشة الرافضون لمشروع فضاءات تجارة القرب، يؤسسون رفضهم على نقط تعتبر في نظرهم أساسية وهي أن المشروع غير مبني وليس محميا، مطالبين بمشاريع قرب توفر لهم الأمان والطمأنينة، فضلا عن استيائهم من المساحة الضيقة للمحلات مع الرقم الكبير لعدد الباعة المستفيدين. وطالب الفراشة بمحلات ذات بناء حقيقي ومساحة منطقية تستوعب سلعهم وتجعلهم يتحركون بأريحية، مع إعطاء الأولوية للباعة القدامى، محذرين السلطات من عدم الرجوع لتجارب الأسواق النموذجية لأنها في نظرهم أثبتت فشلها ودليل ذلك أن العديد من الأسواق لازالت لحد الآن مغلقة فضلا عن الاختلالات التي شابت عملية الاستفادة منها. يشار إلى أن مبادرة المشروع المذكور التي سيتم تعميمها على العديد من الأحياء في البرنوصي، حيث يتم بناء مشروع مشابه بالقرب من مسجد الفردوس، تأتي كحل وسط لمحاربة ظاهرة احتلال الملك العمومي من طرف "الفراشة"، حيث شملت العملية في بدايتها استفادة أكثر من 80 بائعا من محلات الفضاء الذي يضم 320 محلا، غير أن الباعة الذين لم يستفيدوا ظلوا يعانون من مضايقات السلطات، ولكنهم اليوم، بحسب أحدهم، استسلموا ورضخوا للواقع، رغم ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، خاصة وأن منهم حاملو شهادات عليا.