تعيينات أمنية جديدة لتعزيز الكفاءة والجاهزية بالناظور والحسيمة    المغاربة ينتظرون انخفاض أسعار المحروقات وسط تراجع النفط عالميا    لقجع: المغرب يراهن على كأس العالم 2030 كرافعة للتنمية والترويج السياحي    جامعة الكرة والمكتب الوطني للسياحة يوقعان اتفاقية "المغرب أرض كرة القدم"    أكادير.. توقيف ثلاثة أشخاص بحوزتهم أزيد من 3000 قرص مخدر و2.5 كلغ من الشيرا للاشتباه في ارتباطهم بشبكة لترويج المخدرات    باها: الضغط يزداد في "خروج المغلوب"    جيد يقود الطاقم التحكيمي للديربي    منع جماهير اتحاد طنجة من حضور ديربي الشمال بتطوان    تجديد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء يقضي على آمال نظام الجزائر    العواصف تُلغي رحلات بحرية بين طنجة وطريفة    الدكتورة نعيمة الواجيدي تناقش أطروحة الدكتوراه للباحثة ثروية أسعدي    مكناس.. البواري يزور ورش تهيئة موقع الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    هجمات سيبرانية على مواقع مغربية ونفي رسمي لاختراق بيانات حساسة يثير تساؤلات حول الحماية والاستراتيجيات    في مناظرة «المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟» بمؤسسة HEM    طنجة.. توقيف مدير سابق بقناة "ميدي 1 تيفي" على خلفية شكاوى بالنصب والاحتيال    تقرير: المغرب مُهدد بفوات قطار الذكاء الاصطناعي بسبب غياب النصوص التشريعية    منخفض جوي يقترب من المغرب: توقعات بتقلبات جوية وأمطار نهاية الأسبوع    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    في قلب العاصفة: قراءة في ديناميكيات إقليمية متصاعدة وتداعياتها    الصحراء المغربية: دعم دولي وارتباك جزائري    اكتشاف حصري لبقايا مستعر أعظم جديد ي عرف باسم "سكايلا" بأكايمدن    أخبار الساحة    تعيين بدر القادوري مديرا رياضيا جديدا لفريق المغرب الرياضي الفاسي    السعودية توقف آلاف المخالفين وتشدد إجراءات الدخول تمهيدا للحج    المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان تطلق برنامج "نقلة" لتكوين المكونين في مجال الحق في بيئة سليمة    الدولار يتراجع 1,14 بالمائة أمام اليورو    أرقام مقلقة.. انقطاع أزيد من 2500 تلميذ عن الدراسة في "إعداديات الريادة" الجديدة    تأكيد الولايات المتحدة لمغربية الصحراء يثير تفاعلا واسعا في الإعلام الدولي    أحزاب المعارضة تطالب بجلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    بووانو يسائل وزير التشغيل والكفاءات عن حيثيات وأضرار الهجوم السيبراني على وزارته    اتهامات ب "الإهمال" في مستشفى الحسيمة بعد وفاة سيدة أثناء عملية جراحية    مجلس النواب يستعد لافتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024 – 2025    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    الصين تتوعد باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" ردا على رسوم ترامب الجمركية    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهذه الأسباب تحولت البيضاء إلى «مملكة» للباعة المتجولين
حملات أمنية «شبه موسمية» لإخلاء الملك العام والباعة يطالبون بالبديل
نشر في المساء يوم 18 - 10 - 2012

أضحى احتلال الباعة المتجولين للشوارع العامة في عدد من أحياء الدار البيضاء، في الحقيقة،
إشكالا يؤرّق السلطة والمواطنين القاطنين في هذه الأحياء، سواء كان ذلك في أحياء البرنوصي، الأزهر، الحي المحمدي، سيدي مومن أو في غيرها من الأحياء الشعبية الأخرى، التي أضحت تعاني من ظاهرة انتشار الباعة المتجولين، خاصة في المناسبات والأعياد.. وقد خلفت الظاهرة موجة استنكار واسعة في صفوف السكان والسائقين. في مقابل ذلك، نجد أن مجموعة من الباعة المتجولين يلومون الدولة على عدم تخصيص أماكن لهم لممارسة التجارة في أماكن قريبة من المحلات السكنية وليس بعيدا عنها، ضمانا لإمكانية تحقيق الربح المادي لهم وللعائلات والأسر التي يعيلونها ولأن تكون هذه الأسواق خاضعة لقانون ينظم مهنتهم يقي الناس شر هذه الفوضى.
أصبحت المطاردات والحملات التي تشنها السلطات المحلية على الباعة المتجولين (الفْرّاشة) في عدد من أحياء الدار البيضاء شبيهة بلعبة "الغميضة"، التي يلعبها الأطفال في صغرهم.. هذا الوصف أطلقه أحد المواطنين في حديث دار بينه وبين سائق طاكسي تعبيرا منه عن وضع الباعة المتجولين في منطقة البرنوصي والأزهر في الدار البيضاء، والذين عاشوا في الآونة الأخيرة "حربا ضروسا"، أبطالها قياد الدوائر الأمنية ورجال الأمن، الذين شنوا حملاتهم لتطهير الشوارع منهم، بعدما تعالت الأصوات المنددة بالفوضى والارتباك الذي خلقه انتشار الباعة واحتلالهم الملك العام..
كر وفر وهروب.. هذه هي الصورة التي رسمها ياسين، وهو بائع متجول قرب مسجد طارق في البرنوصي، عن الوضع الذي يعيشه معظم الباعة المتجولين، الذين قال إنهم يمارسون مهنة غير معترَف بها تعرف من الفوضى ما يجعلها رهينة بعقلية "المخزن"، الذي قد يتصرف معهم بمنطق القوة ليتعداه إلى منطق الظلم، "ظلم مواطنين لا يجدون عملا يزاولونه إلا هذه المهنة"..
حسب ياسين، فإن أغلب الباعة المتجولين في منطقة البرنوصي مجازون في شعَب مختلفة، لم يحصلوا على فرصة عمل قار، فلجأوا إلى التجارة، بدل أن يلجأوا إلى وسائل أخرى غير مشروعة للربح...
يقول ياسين إنه يعتز بمهنته التي ليس لها -للأسف- قانون ينظمها ويحمي ممارسيها من تعسفات رجال السلطة، كما في الدول الأوربية، التي تعترف بالباعة المتجولين وتخصص لهم توقيتا محددا يبيعون فيه بضاعتهم للمارة دون أن تشعرهم بالدونية أو النقص عن غيرهم من التجار.. لهذا طالب ياسين باعتراف الدولة بالبائع المتجول، كما تعترف بالتاجر الذي يدفع لها الضرائب، مع تخصيصها مساحات لهؤلاء الباعة وتنظيمهم من خلال مراقبة عناصر الشرطة الإدارية، كما كان عليه الوضع في السابق، مستبعدا أن يتحقق طلبه، لأن هناك نية مبيتة هدفها ترك الوضع على ما هو عليه، وفق المتحدث نفسه، لأنه في حالة وجود قانون يضع حقوقا وواجبات لكلا الطرفين، فإن الدولة ستصبح ملتزمة بالموضوع، وهذا ما لا تريده لأنه ليس في صالحها.
غياب القانون
كان أغلب من صادفناهم في ذاك اليوم شبانا يملكون عربات متنقلة اعتادوا إيقافها بجانب مسجد طارق لبيع مختلف البضائع التي تلقى إقبالا من طرف المواطنين، لقرب المكان من الشارع الرئيسي في المنطقة، الذي يعد قبلة للزوار من كل حدب وصوب.. ولكن ياسين، المجاز في الاقتصاد، تحدث عن ضرورة التعامل معهم كتجار دون تهميشهم، فهم، حسب قوله، يرغبون في أداء الضرائب للدولة ولكنْ بشرط توفير ظروف ملائمة وأسواق مناسبة لهم للاشتغال.
لقد شكلت الساحة المتواجدة بالقرب من مسجد طارق في البرنوصي مكانا لجدب "الفراشة" من أبناء المنطقة وخارجها، نساء ورجالا وشبابا.. يعرضون بضائعهم على الرصيف، ينتشرون في كل مكان، فتكتظ الشوارع بهم وببضاعتهم وبأفواج الناس الذين تثيرهم البضاعة، لانخفاض ثمنها مقارنة مع الثمن داخل "القيسارية".. كان كثير من الباعة المتجولين يحتلون أماكن عمومية، فحتى المسجد، المعَدّ للصلاة، لم يتم توقيره، إذ تجدهم يعرضون بضاعتهم أمامه، في منظر يثير استياء العديد من المواطنين.
وليست حالة الفوضى التي عرفتها المنطقة وليدة اليوم، بل هناك المواطنين من يحمّلون المسؤولية للسلطات التي غضّت عنها الطرف لشهور، وتركت هؤلاء يعتادون على المكان ويتعايشون معه حتى أصبحوا لا يستطيعون مفارقته..
"خلاونا شهور نْبيعو ونْشريوْ حتى لدابا عادْ بغاو يْقطعو علينا رْزقْنا".. الكلام لبائع متجول كان حاضرا في يوم الحملة التي شنتها السلطات على أكواخ الباعة المتجولين، والتي أكد أنه استُعمِلت فيها الجرافات، ضمن مقاربة أمنية هدفها القضاء عليهم. ورغم أن رجال الأمن هدموا تلك الأكواخ وجمعوا بضاعة "الفرّاشة" ومن كانوا يحتلون الملك العمومي بعربات مغطاة، فإن الباعة لم يستسلموا وخاضواوقفات احتجاجية تنديدا بالفعل، الذي اعتبروه "تعسفيا" في حقهم، مطالبين بتوفير مكان خاص بهم يعرضون فيه بضاعتهم.
رغم أن سلطات عمالة مقاطعات البرنوصي وضعت الحجارة والأسلاك بغية بناء "سور" يفصل الطريق عن المسجد، فإن الباعة اقتحموا المكان وعرضوا سلعهم، مما أثار حفيظة رجال الأمن، الذين دخلوا في مشادات معهم، حسب ما عاينت "المساء".
في البرنوصي، كما في الحي المحمدي، التابع لعمالة عين السبع في الدار البيضاء، توصل الباعة المتجولون بإعلام بضرورة إفراغ المكان قبل مجيء السلطات. وتحدثت سيدة في الأربعين من عمرها، عن السنوات التي قضتها في ذلك المكان قرب القيسارية، والتي تجاوزت الثلاثين سنة.. بينما قضى ابنها خالد حوالي 18 سنة في مهنة بيع اللوازم الرياضية، ولكنه متذمر من "الحكرة" التي يقول إنهم يتعرضون لها من طرف القياد ورجال الأمن، "الذين لا يقيمون لهم وزنا، وكل مرة يستفزونهم بأمرهم بالابتعاد عن الطريق، علما أنهم يوقفون عرباتهم بشكل منظم"، موضحا أن المتجولين بعربات الخضر والفواكه هم السبب الرئيسي في هذه الفوضى، حيث "يقطعون" الشارع العام. كما شرح خالد كيف أن السوق النموذجي الذي تم بناؤه في "فم الحصن" لا يستجيب لأدنى المواصفات التي طالبوا بها، لأنه "جاء في منطقة بعيدة عن المواطنين وغير آمنة، فكثير من المواطنين يتعرضون للسرقة وللاعتداء ليلا ونهارا، زيادة على أن انتقالنا إلى ذلك المكان معناه كساد تجارتنا، التي هي مصدر رزقنا الوحيد الذي به نعيل أسرا تتكون من ستة أفراد فأكثر".
حملات تمشيطية
شنت السلطات المحلية في عمالة مقاطعات البرنوصي وسيدي مومن والحي المحمدي، في الآونة الأخيرة، حملات "تطهير" لمجموعة من الأحياء التي احتلها الباعة المتجولون بشكل عرقلَ السير وورّط مجموعة من الأحياء في ما يشبه فوضى لا سبي إلى الخلاص منها، ففي البرنوصي شنّت سلطات العمالة حملة واسعة هدمت من خلالها عشرات الأكواخ البلاستيكية في ملكية باعة متجولين بغية تحرير الشارع الرئيسي في المنطقة التي أصبح الشارع فيها شبه مغلق ب"الفراشة"، خاصة في المساء، مما أثار حفيظة السائقين الذين أصبح بعضهم يمتنعون عن المرور منه
وقد بدأت السلطات حملتها مرفقة بسيارات الأمن، التي حاصرت المكان -حسب ما أكد مصدر أمني- وتم تشكيل فريق يضمّ عددا من رجال السلطة وأعوانهم المنتمين إلى مختلف المقاطعات والدوائر، التابعة لعمالة البرنوصي، وبعناصر من القوات العمومية ورجال الأمن -بالزيّين الرسمي والمدني، وتمت الاستعانة بالجرّافات من أجل تنفيذ عمليات هدم هذه الأكواخ.
وجاء لجوء السلطات إلى هذا الحل -حسب المصدر ذاته، بعد عدة شكايات قدمها السكان والسائقون حول المعاناة الحقيقية التي أضحوا يعيشونها مع انتشار الباعة الذين شوّهوا -في نظرهم- المنظر العامّ للحي.
ويدخل ما قامت به السلطات في إطار الحملات التمشيطية التي قررها اجتماع شارك فيه عامل عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، وانتهى بتشكيل لجنة محلية مشترَكة من العمالة والسلطة المحلية والأمن الوطني والقوات المساعدة والمجلس المحليّ هدفها تحرير الملك العمومي. أما في الحي المحمدي فقد قامت السلطات بنفس الأمر في الأشهر الماضية، ولكن الباعة عادوا، من جديد، ووضعوا بضائعهم في نفس الأماكن.
من جهة ثانية، كثيرا ما تتوصل الجريدة كثيرا بشكايات من المواطنين الذين يشتكون من الباعة المتجولون الذين يعرقلون المرور ويحرمونهم من الراحة، وكذلك من التجار، الذين يتضايقون من المنافسة غير الشريفة من الباعة الذين يعرضون نفس السلع بأثمان أقل من أثمنتها الحقيقية في المحلات التجارية، لاستفادتهم من عدم أداء الضرائب.
فوضى الباعة المتجولين في "الأزهر"
تُعَدّ منطقة "الأزهر" من المناطق الجديدة التي أنشئت حديثا وتفرّعت عنها عدة أحياء. وتعاني هذه المنطقة، التابعة لجماعة سيدي مومن في الدار البيضاء من "فوضى" الباعة المتجولين، الذين احتلوا مجموعة من الأحياء وقاموا بجلب عرباتهم المُحمَّلة بالخضر، تجرّها الحمير والبغال، في منظر يتناقض مع الطابع الذي رسمه المنعشون العقاريون والمهندسون للمدينة.
وظهر المشكل عندما قام هؤلاء الباعة باحتلال أرض مملوكة لصاحبها، وتمتد على مساحة كبيرة، تراصّت فيها العربات، من داخل المنطقة ومن خارجها، وأصبح المكان يشبه سوقا أسبوعيا منظما، اعتاد المواطنين الذهاب إليه لابتياع حاجاتهم. غير أن علم صاحب الأرض بالأمر جعله -وفق ما أكد لنا مصدر من المقاطعة التابعة لحي السلام- يأتي للاستفسار عن الموضوع وحول ما إذا كانت السلطات هي التي خوّلت لهؤلاء الباعة "احتلال" أرضه، فتأكد أنه ليس هناك أيّ قرار في هذا الشأن، وخوفا على أرضه من "الاحتلال" قام ببناء أسوار من القزدير تمنع الباعة من دخولها. ورغم ذلك، حسب المصدر ذاته، فقد اقتحم الباعة المكان ضدا عنه، فكان من الضروري أن يكون هناك تدخل أمنيّ، منعاً للفوضى وإنصافا لصاحب الأرض.
بعد التدخل الأمني، الذي استعملت فيه الجرافات وعرف إنزالا كثيفا لرجال الأمن (لأن عدد الباعة يتجاوز 100 شخص) وجد هؤلاء أنفسهم على قارعة الطريق، فتوزّعوا بين أحياء منطقة "الأزهر" وشوارعها ، "فعمّت الفوضى والضجيج وتعالت أصواتهم في كل مكان، وكثرت شكايات المواطنين، الذين تضررت أحياؤهم من الضجيج والأوساخ التي يتركها الباعة، كما قال نفس المصدر الأمني.
وتابع المتحدث ذاتُه قائلا: إن "هناك من الباعة من يستغلون عرباتهم في سلوكات غير أخلاقية ومنحرفة، كشرب الخمر ورمي القنينات تحت العربات، إضافة إلى الكلام الفاحش وكثرة المشاجرات التي قد تستعمل فيها الأسلحة البيضاء"..
سوء الأوضاع وتدهورها دفعَ السلطة المحلية إلى "محاصرة" المكان وتفريق الباعة بالقوة، بعد امتناعهم، في البداية، الأمر الذي أثار غضبهم وأجّج نار الاحتجاج في أوساطهم. وبعد أيام انتقل، الباعة إلى مساحة هي عبارة عن ملتقى للطرق (رُومبوانْ) وهناك وضعوا عرباتهم وبضاعتهم، التي هي عبارة عن خضر وفواكه وأسماك ولحوم... وفي زيارة "المساء" لمكان السوق، تحدثت مع مجموعة من بائعي الخضر، الذين استقروا مؤقتا في "رونبوان"، شارحين كيف "هوجموا" عندما كانوا في حي السلام وكيف أن بعض القياد هاجموا سلعهم وشتّتوها، فكان منهم من تكبد خسارة 4000 درهم أو أكثر، بينما اقتيد آخرون إلى السجن وتمت محاكمتهم بخمسة أشهر، وهي حالة بائعين قاوموا هجوم السلطة على سلعهم بالجرافات، التي قامت بتكسير العربات. وطالب الباعة بتوفير أسواق نموذجية ينتقلون إليها، فقد قدّموا عدة طلبات في الموضوع، ولكن لم تستجب السلطات لمطالبهم، حسب قولهم.
استغلال البسطاء
تم الانتقال إلى سوق المسيرة في البرنوصي، وهو سوق شبه مهجور أعدّ لبائعي الخضر والفواكه في سوق "علق"، الذي رفضوا الانتقال إليه، ليظل مغلقا وشبهَ مهجور. ومن بين أسباب الفشل -حسب ما أوضح لنا حارس المنطقة- أن الموقع لم يعتبر إستراتيجيا بالنسبة إلى البائعين، زيادة على أنه تم إشراك بائعين في محل واحد، وهذا كان مكمن الاستياء، مضيفا إن هناك بائعين استفادوا لكنهم قاموا ببيع محلاتهم وعادوا إلى الشارع، الذي يشكّل لهم فرصة ربح أوفر من محلّ بعيدٍ عن أعين المارة.
واعتبر مصدر أمنيّ أنّ مسألة الأسواق النموذجية ومدى نجاحها في البرنوصي وسيدي مومن مسألة تدخل في اختصاص الجماعة الحضرية، في حين أن الدور المنوط بالسلطة المحلية هو محاربة مظاهر العشوائية والفوضى في الشوارع العمومية.
وأكد أحد المستفيدين من الأسواق النموذجية أن رؤساء الجمعيات التي تكفلت بهذا الموضوع صاروا "رجال أعمال"، متحدثاً عن "خروقات خطيرة تشوب ملف الأسواق النموذجية"، الذي استفاد منه -على حد تعبيره- "أصحاب الشّكارة"، في حين ظل المحتاجون الحقيقون في "دارْ غلفونْ"..
في سيدي مومن، هناك ثلاثة أسواق نموذجية، شارف سوقان منها على الانتهاء، الأول "سوق المصير" في إقامة "اليقين"، الذي أنشئ على ارض تابعة للأملاك المخزنية، ويضمّ أزيدَ من 500 محل تجاري وأزيد من 30 من المكاتب (ثمن المحل تقريبا 30 مليون سنتيم) ومن مطعم ومقهى وفندق، رغم أن اللائحة الأولى للمستهدفين، حسب مصدر من المنطقة، ينتمون إلى السوق العشوائي ل"كاريان الرحامنة" والشريط الممتد ل"سوق خناثة"، في "كاريان طوما"، وفيهما 288 مستهدفا، حُدِّد ثمن ااستفادتهم حسب التجارة التي يزاولونها (بائعو الخضر 15000 درهم، بائعو اللحم 25000 درهم، بائعو السمك 17000 درهم).. وأضاف المصدر أن "مساحة المحل لا تتجاوز 3 أمتار على مترين، ويتوفر على أربع طبقات، لكنْ استفاد من هذا المشروع، الذي يدخل في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وافدون من خارج المنطقة وعمال في المهجر".. وقد وصلت سومة عدد من المحلات إلى 20 مليوناً، كما استفاد عدد من الأمنيين والمسؤولين والموظفين من أكثر من محل، ليتم حرمان المهمشين والفقراء من أبناء حي سيدي مومن، وفق كلام المصدر.
أما السوق الثاني فهو "سوق السلامة" في "كاريان طوما"، ولا يفصل بينه وبين الأول إلا ملعب كرة القدم في شارع الحسين السوسي، ويضم هو الآخر أزيد من 360 محلا تجاريا ويتكون من طابقين، وبنيّ -هو الآخر- على أرض تابعة للأملاك المخزنية. وقد وصل ثمن المحل الواحد أزيد من 140.000 درهم، "وكان المستفيدون من أصحاب المال والأعمال"، وفق نفس المصدر، الذي تساءل عن الفئات المستهدَفة من أبناء الحي، التي تعاني من الفقر وما زالت تفترش التراب لبيع الخضر.. "والخطير في الأمر هو أن المسؤولين عن المشروع أضحوا، بين عشية وضحاها، من أصحاب الملايين، على حساب مواطنين فقراء وعلى حساب مجهودات الدولة في ما يخص محاربة الإقصاء والتخفيف عن فئات تعاني ضنك العيش في إطار ما يسمى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، حسب المصدر دائما.. واحتجاجا على هذه التجاوزات، خاض المتضررون وقفات احتجاجية، طالبوا فيها بالتحقيق في مجمل الخروقات السابقة وب"فضح الجمعيات والجهات المتواطئة فيها وإيفاد لجنة عن المجلس L
الأعلى للحسابات من أجل الوقوف على النّهب المُنظَّم للمال العامّ، تحت مسمى تأطير الباعة وتنظيمهم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.