منذ أسابيع وصرخات سكان قرى في منطقة إملشيل تتعالى، محذرة من انتشار سريع لمرض الجمرة الخبيثة وسط صمت مريب لوزارة الصحة والسلطات في المناطق المتضررة. الداء الفتاك خلف إلى حدود الساعة أزيد من خمسة وعشرين مصابا، منهم من أصبح مهددا بقطع أطرافه. والخطير أن الجمرة الخبيثة استطاعت أن تتسلل في غفلة من الجميع إلى مدرسة تابعة لجماعة «أكدال»، حيث أصيب خمسة تلاميذ، قبل أن تنتقل عدوى المرض إلى المعلمة التي تدرسهم أيضا، وسط موجة من الهلع عمت باقي التلاميذ وذويهم. طيلة هذه الفترة، ظل الجميع يتساءل عن الصمت المريب لوزارة الصحة، التي اكتفت بحملة سريعة للتبليغ عن هذا الداء الفتاك، حيث زار فريق طبي المنطقة وقام بإجراء فحوصات للسكان؛ لكن منذ ذلك الحين ظل السكان يتجرعون مرارة الألم والخوف وهم يرون، بأم أعينهم، المرض يفتك بأجسادهم وأجساد أبنائهم. إن المسؤولين عن تدبير شؤون هذه البلاد يصرون دائما على تذكيرنا بمقولة المغرب النافع والمغرب غير النافع، وبالتالي لا يضيرهم في شيء أن يباد كل سكان القرى في المناطق النائية، مادامت تلك المناطق لا تعود عليهم بأي نفع مادي. الجميع انشغل، إذن، بصراع الديكة بين زعماء الأحزاب خلال الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، ولا أحد التفت إلى صرخات أطفال إملشيل وأسرهم، الذين يقتنعون يوما بعد يوم بأنه، وفي مغرب القرن الحادي والعشرين، ليس لهم سوى الله، بينما لسان حال مسؤولينا يقول: «كازا وثرواتها قبل تازة».