سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التوجيه العشوائي للتلاميذ بين الشعب والمسالك الجديدة يؤدي إلى الهدر المدرسي قصور التوجيه والتخطيط وتزايد المعارض لاستدراج التلاميذ في غياب آبائهم من طرف المعاهد الخاصة
يلف الغموض المسالك والشعب الجديدة التي توضع في فترة وجيزة ودون توضيح أو إرشاد أمام التلاميذ وأولياء أمورهم. فمع مرور منتصف كل موسم دراسي، يدخل تلاميذ وتلميذات مستويات الثالثة إعدادي والجذوع المشتركة والثانية باكالوريا، وهي الفئة المعنية بالتوجيه التربوي، في دوامة البحث عن مسالك تلائم مسارهم الدراسي وقدراتهم التعليمية. قليلون منهم يجدون من يحتضنهم ويمهد لهم طريق الانتقاء الصحيح باعتماد آبائهم وذويهم على (سياسة باك صاحبي)، وجرأة بعض الآباء في طرق الأبواب الموصدة والتمكن من الوصول إلى المعلومات المتوخاة عن بعض الشعب والمسالك ومتطلباتها التربوية والسيكولوجية والجسمانية وإلى طبيعة بعض المعاهد والجامعات ومدى ملاءمتها مع مستوى تكوين ونوعية الشعب التي يسلكها أبناؤهم وبناتهم. فمع اقتراب فترة ملء ملفات انتقاء أو تغيير الشعب والمسالك، يعلق معظم التلاميذ كل ما يتعلق بالتحصيل وينشغلون بالبحث عن خيوط التوجيه التي تتبخر بمجرد ما أن يسحبها التلاميذ، بحكم أنهم لا يتوفرون على المعلومات الكافية التي تمكنهم من الاختيار الصحيح بسبب ضبابيتها وغياب محاور لهم ملم بكل مضامينها وأهدافها. تصريحات مختلفة للعديد من ضحايا التوجيه تصب كلها في أن فشلهم في متابعة دراستهم الثانوية التأهيلية أو الجامعية كانت بسبب سوء التوجيه، مؤكدين أنهم في غياب مرشدين ومستشارين في التوجيه ضلوا الطريق واختاروا شعبا لا تناسب مستواهم الدراسي ولا ميولاتهم التربوية. إضافة إلى فئة أخرى تحمل الخريطة المدرسية فشلها الدراسي، حيث إنهم نجحوا بمعدلات دون العشرة من عشرين، وتم توجيههم بطرق عشوائية إلى شعب لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسايروا برامجها. ابتسم عزيز تلميذ بالجذع المشترك علمي بإحدى المؤسسات الثانوية وهو يقول: «نجحت بمعدل 8 على 20، ووجهت حسب الرغبة التي أدليت بها في ورقة التوجيه وهي الشعبة العلمية. كيف لي أن أستوعب برامج جذع مشترك علمي وأنا لم استوعب برامج الثالثة إعدادي؟»، الرد كان من جانب أحد المدرسين الذي تساءل قائلا: «ماذا سيحصل لمصباح طاقته 110 فولت، تم ربطه بتيار كهربائي طاقته 220 فولت... النتيجة أنه سينفجر»، وأضاف أن مثل هذه التوجيهات العشوائية هي التي تزيد من استفحال ظاهرة الهدر المدرسي، وهي التي تجعل قسما يحتوي على أربعين أو خمسين تلميذا ضمنهم عشرة فقط مستعدون لاستيعاب برامج ذلك المستوى. وقال المدرس باستياء: «حاول أن تصب سطلا من الماء داخل قنينة فارغة حجمها لتر أو نصف لتر... إن معظم ما تصبه يجري خارج القنينة» وأضاف أن التعليم في حاجة إلى تنظيم نظام قطرة بقطرة «كوت أ كوت» والذي أعطى نجاعته في مجال الفلاحة والسقي. مدرسون وإداريون بالثانوي التأهيلي أكدوا ل«المساء» أن الشعب العلمية والأدبية بجميع فروعها يسلكها تلاميذ في معظمهم غير مؤهلين لها، وأنه باستثناء فئة قليلة من التلاميذ الموجهين توجيها صحيحا، فإن معظم التوجيهات تكون عشوائية وأن الشعب الأدبية توجهت إليها شريحة كبيرة من التلاميذ الذين لا ميول تربوية لهم، وهو ما يجعل تلك المستويات وخصوصا بالأولى والثانية باكالوريا غير قابلة لاستيعاب البرامج المقررة لها. وغير بعيد عن غضب المدرسين، تلسعك انحرافات وأنين التلاميذ الذين فقدوا الثقة في المدرسة وهيئة التدريس بسبب قلة التواصل وثقل البرامج التعليمية وانعدام الأنشطة الموازية وضبابية المسالك وآفاق الشغل. ورغم ما تبادر بعض الجهات المشرفة على التوجيه لإنجازه بهدف توضيح الشعب والمسالك، فإن تلك الفئة قليلة ونادرة، وبالمقابل فإن الفئة العريضة منهم وحسب الآباء يبحثون عن الظهور الإعلامي. وانتقد مجموعة من الآباء مبادرات بعض فرق التوجيه الخجولة، والتي أكدوا أنها تخدم المعاهد الخاصة ولا تفيد أبناءهم وبناتهم، مشيرين إلى ما أصبح يطلق عليه ملتقيات الطالب ومعارض الإعلام والتوجيه التي تنظمها النيابات الإقليمية أثناء فترة ملء استمارات التوجيه من طرف التلاميذ، مؤكدين أن الرابح الأكبر هم أصحاب المدارس والمعاهد الخاصة الذين يجدون المعارض فرصة لاستدراج التلاميذ الذين يتم نقلهم في غياب أسرهم من المؤسسات التعليمية إلى تلك المعارض، كما أضافوا أن تلك المعارض التي تنظم في فترات قصيرة وأثناء فترة الدراسة لا تمكنهم من الاستفادة منها. واعتبر آخرون أن بعض الموجهين يستعملون تلك المعارض كغطاء لتفادي الزيارات اليومية للمؤسسات التعليمية والإشراف المباشر على سير التوجيه. واستقت «المساء» أراء تلاميذ الثالثة إعدادي والجذوع المشتركة العلمية والتكنولوجية والأدبية والأصيلة والسنة الثانية باكالوريا بعدة مؤسسات تعليمية بمدن المحمدية وبرشيد وسطات وبوزنيقة، آراء كانت في معظمها تعبر عن مدى ضبابية الآفاق التعليمية وصعوبة استيعاب المسالك والجسور الجديدة وعدم الثقة في مدى ملاءمتها لطموحاتهم. وزاد من غموضها قلة التواصل بين الموجهين والتلاميذ وجهل المسالك من طرف المدرسين الذين بإمكانهم سد الفراغ الذي يتركه الموجهون لقلتهم أو لعدم وجود برنامج واضح وحصص زمنية خارج أوقات الدرس تمكنهم من إعطاء شروحات مفصلة عما جد في عالم التوجيه، ومساعدة التلاميذ على الاختيار الصحيح. وإذا كان بعض التلاميذ وبمساعدة أقربائهم أو ذويهم فطنوا للفترات التي يجب الاهتمام فيها بالبحث عن الآفاق التعليمية، وخصوصا تلاميذ السنة النهائية من الباكالوريا، واعتمد معظمهم على تفحص بعض المواقع الالكترونية، فإن العديد منهم يصابون بخيبة أمل قبل اجتيازهم امتحانات الباكالوريا الأخيرة، بعد أن يتبين لهم أن عدة معاهد أو جسور أغلقت أبواب التسجيل من أجل الانتقاء الأولي. وأشار بعض تلاميذ السنة الختامية من سلك الباكالوريا إلى ضرورة وضع حد لعمليات تزامن امتحانات عدة معاهد، التي تجعل الناجحين في الباكلوريا محرومين من ولوج امتحانات بعض المعاهد، مما يقلل من حظوظهم في الظفر بورقة الدخول لأحد المعاهد العمومية وفسح المجال واسعا لكل الراغبين في اجتياز مباريات تلك المعاهد عن طريق عمليات انتقاء نزيهة وتلائم متطلبات جسور تلك المعاهد، مشيرين إلى أن بعض المعاهد تسلك طرقا غامضة في عملية الانتقاء الأولية، كما طالب بعضهم بتقنين الامتحانات الشفوية التي لازالت حسب رأيهم تحمل شعار (الشفوي الله يداوي...) في إشارة إلى تلاعب بعض المدرسين بمصير التلاميذ المرشحين لولوج المعاهد والطلبة الجامعيين، ويكفي الإشارة إلى ما ردده بعض الطلبة الجامعيين من أن بعض الأساتذة يعمدون إلى إرغام طلبتهم على اقتناء كتب لهم دون أخرى، ملمحين لهم أن معظم أجوبة أسئلة الشفوي توجد داخلها.