بعد أيام، ستختتم فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته التاسعة، ليتفرق المدعوون على إيقاعات متباينة: النجوم والنقاد والإعلاميون الأجانب، سيغادرون إلى بلدانهم، حيث السينما تمارَس على حقها، والفنانون المغاربة سيعودون إلى الأرض، قبل أن يستعيدوا أسطوانة «فكاهة رمضان» ويقترف بعضهم أفلاما، على شاكلة «إنهض يا مغرب» و«قنديشة» و«الرجل الذي باع العالم»، فيما يواصل الإعلاميون انتقاداتهم للأعمال السينمائية والتلفزيونية الوطنية، والجمهور هجرتَه إلى السينما العالمية والمسلسلات المدرجة. على امتداد سنوات المهرجان التسع، ظلت تتبدل ألوان الملصقات ووجوه نجوم الصف الأول العالميين، في مجال التمثيل والإخراج، وظل نفس الإصرار يسكن الشبان المراكشيين لأخذ توقيع أو صورة، إلى جانب هذا النجم أو ذاك. من الممثلين المغاربة من يحمل فنا. منهم من يَدّعيه. خلال أيام المهرجان، نزل أغلب المدعوين، من الفنانين والإعلاميين والضيوف، بالفنادق التي تجاور قصر المؤتمرات. القرب في المكان لم يرافقه قرب في التطلعات والإمكانات. المقاهي، القريبة من قصر المؤتمرات، ظلت تغري ضيوف المهرجان، وتدفعهم إلى الجلوس إلى كراسيها. من بين هذه المقاهي، تتميز مقهى «ميلينيوم» بأنها في ملكية اللاعب الدولي المغربي السابق الطاهر الخلج. سينمائيون وإعلاميون ومدعوون في ضيافة لاعب كرة معتزل. الطريقة التي قدمت بها المخرجة الفرنسية وعضو لجنة تحكيم الدورة التاسعة للمهرجان، فاني أردان، الممثل الأمريكي كريستوفر وولكن، خلال حفل تكريم هذا الفنان المتميز، نالت استحسان الجمهور الذي غصت به قاعة الوزراء. قالت أردان: «عندما أفكر في هذا الرجل أحلم لو كنت أمه لأنني أعرف أنه سيحميني، كما أحلم لو كنت زوجته لأني ما كنت لأشعر بالملل في صحبته، أو أحلم لو كنت أخته لأتعلم منه أشياء عديدة، وأحيانا أحلم لو كنت صديقته كي نضحك ونرقص، معا، وبالأخص لكي نسخر من العالم». تقول السيرة الذاتية لكريستوفر وولكن إن أباه كان بائع خبز وأمه كانت مولعة بالمسرح، أما هو فاستطاع أن يتربع على عرش التمثيل، حتى صار «ملك نيويورك». أحد النقاد قال إنه سيكون من المفيد لو أخذ ممثلونا ومخرجونا العبرة من السير الذاتية لأمثال كريستوفر وولكن، ممن أفنوا سنوات عمرهم في المثابرة والعمل الجاد لإثبات الذات، في الوقت الذي يختار فيه بعض فنانينا حرق المراحل، قبل أن يكتشفوا أنهم لم يفعلوا أكثر من حرق أسمائهم. بعض النقاد والمتتبعين استغربوا تخلف نجوم السينما المصرية عن الحضور إلى مراكش، رغم أن المهرجان المغربي برمج فيلما مصريا في المسابقة الرسمية، هو «هليوبوليس» للمخرج أحمد عبد الله، وفيلما آخر، خارج المسابقة، هو «إحكي يا شهرزاد» للمخرج يسري نصر الله. الذين لازالوا يتذكرون موقعة «أم درمان» الكروية، بين الجزائر ومصر، والتي انتهت بأبناء «أم الدنيا» (!) إلى جمع دول المغرب العربي في سلة واحدة، رجحوا أن تكون للغياب علاقة بحرب «داحس» و«الغبراء» التي تفجرت بين البلدين، في أعقاب مباراة كرة. عرضُ الأفلام المبرمجة، في إطار فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، شمل مجموعة من القاعات والفضاءات المراكشية، هي قصر المؤتمرات وسينما كوليزي ومركب ميغاراما، فضلاً عن ساحة جامع الفنا. هذه السنة لم تبرمج أفلام المهرجان في قاعة «مبروكة»، الموجودة بممر البرانس، قرب ساحة جامع الفنا، وهي القاعة التي فضلت، في الأشهر الأخيرة، أن تستعين بمباريات الكرة لمواصلة الحياة.. أما قاعة «الريف»، الموجودة بحي الداوديات، والتي احتضنت، خلال الدورات السابقة، بعض أفلام المهرجان، فقد اختارت أن تغلق أبوابها!