هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تعد نخبة فاس مخططاتها لإعادة المجد الضائع للعاصمة العلمية ؟
المركز الجهوي للاستثمار في مشاتل مفتوحة لصنع مقاولين شباب
نشر في المساء يوم 11 - 12 - 2009

مخططات جهوية تعتمد ولجنة جهوية للاستثمار ومركز جهوي يفتح كل شبابيكه ومشاتل لصنع مقاولين شبان ومناطق صناعية بعشرات الهكتارات في الضواحي ومركز لتخريج أفواج من الصناع التقليديين الجدد وجلسات مع الأبناك لإقناعها بدعم أجود مشاريع المقاولين المبتدئين وحملات تحسيسية لإنجاح صيغة منقحة من مشروع «مقاولاتي»...، إنها مبادرات تقوم بها سلطات فاس من أجل إعادة الأمجاد لمدينة عاشت عقودا من التراجع والتدهور أدت إلى أحداث «انتفاضة 14 دجنبر1990».
تعطل الموقع الإلكتروني للمركز الجهوي للاستثمار بجهة فاس بولمان منذ ما يقرب من 3 أشهر. وتراهن إدارة هذا المركز على هذه «العطلة» التي منحتها لبوابتها الإلكترونية لإعادة نظر تقول إنها ستكون شاملة في الطريقة التي يسوق بها موقعها خدمات المركز ومؤهلات الجهة، حتى يتحول بالفعل إلى بوابة افتراضية تقدم للراغبين في اقتحام عالم الاستثمار بالجهة كل ما يمكنهم أن يحتاجوه من معطيات وإحصائيات وأرقام حول جل القطاعات التي من شأنها أن تجلبهم لخوض غمار الاستثمار في جهة أعدت عدة مخططات تنموية من أجل اللحاق بركب التنمية وإعادة أمجاد الماضي لمدينة تؤكد نخبتها على أنها فقدت الكثير في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بسبب اعتبارات سياسية.
وعمد المركز الجهوي للاستثمار بجهة فاس بولمان إلى تكليف إحدى الوكالات المتخصصة في عوالم التقنيات الحديثة بإعادة تقديم موقعه الإلكتروني في حلة جديدة. وقال يوسف الرابولي، مدير المركز، إن هذا التحديث يدخل في إطار استراتيجية جديدة للتواصل اعتمدها المركز الذي يديره من أجل الاقتراب من كبار المستثمرين والأخذ بأيدي صغارهم.
شبابيك مفتوحة
يعود تاريخ إحداث المراكز الجهوية للاستثمار في المغرب إلى رسالة ملكية في 9 يناير 2002، كان الملك قد وجهها إلى الوزير الأول دعاه فيها إلى التدبير اللا ممركز للاستثمار وتقريب الإدارة من المواطنين وأساسا من المستثمرين. ويندرج إحداث 16 مركزا للاستثمار، في كل جهات المملكة، في إطار سياسة اتبعتها الدولة تهدف إلى تشجيع المبادرات الحرة ومساعدتها، وتحرير الاقتصاد الوطني من تحكم الدولة. وإلى جانب دور التنمية المراد تحقيقها من وراء هذا المنظور، فإن السلطات الحكومية كانت ترمي إلى دعم قطاع خاص قوي من شأنه أن يمتص أفواج الشبان المعطلين، وخصوصا منهم الذين دأبت الجامعات على لفظهم ومعهم شهادات التعليم العالي دون أن يتمكنوا من إيجاد فرص للشغل في مؤسسات حكومية أعلنت عن وصولها إلى حالة إشباع فيما يتعلق بالتوظيف. وانطلق العمل بهذه المراكز في سنة 2003، وأحدث بها ما يعرف بالشباك الوحيد لإحداث المقاولات. وتم تجميع جل القطاعات المتدخلة في مجالات الاستثمار في هذه المراكز بغرض تبسيط الإجراءات الإدارية التي كان المقاولون يشتكون من تعقدها وبطئها. ووعدت هذه الشبابيك جل زبنائها من أصحاب «الشكارة» ب48 ساعة كأجل لتمكينهم من وثائق تسمح لهم بجعل مقاولاتهم في أتم الجاهزية لاحتضان المشاريع.
وإلى جانب هذا الشباك، أحدثت شبابيك أخرى بهذه المراكز، ضمنها شباك دعم المستثمرين. وأنيط هذا الشباك بمهمة مواكبة المستثمرين في إعداد ملفاتهم لإنجاز مشاريع استثمارية لا تتجاوز القيمة المرصودة لها 200 مليون درهم. وبعد إتمام إجراءات المواكبة، توجه إدارة المركز ملف المستثمر إلى أعضاء اللجنة الجهوية للاستثمار بغرض إعداد ملاحظاتهم حول الملف، قبل التداول حوله في اجتماع يترأسه والي الجهة. وتضم هذه اللجنة في عضويتها عادة جل ممثلي المصالح الخارجية للوزارات، إلى جانب حضور رئيسي لوزارة الداخلية من خلال والي الجهة، وبجانبه مدير المركز الجهوي للاستثمار. وبمجرد ما توافق هذه اللجنة على الملف، يكتسي صبغة قانونية.
لجنة جهوية
وفي حال ما كان حجم الاستثمار يفوق 200 مليون درهم، فإن الملف نفسه الذي يواكبه المركز الجهوي للاستثمار يعرض على أنظار لجنة مركزية بالرباط تضم في عضويتها جل الوزارات المعنية، لكن بحضور إدارة المركز التي تتكلف بعرض الملف وإضاءة كل الجوانب المحيطة به.
ولا ينص القانون على إجبارية لجوء المستثمرين إلى شباكهم بمراكز الاستثمار. لكن يوسف الرابولي، مدير المركز الجهوي للاستثمار بجهة فاس بولمان، يؤكد على أهمية هذا الشباك في إعداد ملفات المستثمرين وتبسيط الإجراءات الإدارية لهم. وتشير أرقام تتوفر عليها إدارة المركز الجهوي بفاس إلى أن ما يقرب من 60 في المائة من المستثمرين في الجهة يفضلون اللجوء إلى هذا الشباك، ويطمح هذا المركز، طبقا لنفس المعطيات، إلى رفع نسبة زبناء هذا الشباك إلى 90 في المائة في السنوات المقبلة.
ويقول المركز الجهوي للاستثمار بجهة فاس إنه سبق كل المراكز ال15 بالمغرب في إحداث شباك آخر أطلق عليه شباك الابتكار، منذ سنة 2007، لكن الانطلاقة الفعلية لهذا الشباك لم تبدأ بعد. وبالرغم من تأخر هذه الانطلاقة، فقد تمكن هذا الشباك، الذي يرمي إلى تشجيع روح الإبداع لدى المقاولين، في الحصول على علامة تجارية من الشبكة الأوربية لدعم خلق المقاولات الصغرى والمتوسطة ودعم الابتكار. وهذه الشبكة تابعة للاتحاد الأوربي، ويوجد مقرها في باريس، وتضم، علاوة على مكتب إداري، مكتبا منتخبا من قبل مستثمري الدول الأوربية. وكانت هذه الشبكة قد عقدت أول مؤتمر لها خارج دول الاتحاد الأوربي في فاس في يونيو الماضي. وينسق المركز الجهوي للاستثمار مع هذه الشبكة لدعم المقاولات التي ترغب في الابتكار. كما يشمل التنسيق مجالات تكوين نخب هذه المقاولات بغرض تشجيعها على الخلق والإبداع.
مشاتل للمقاولات
يرتقب أن يتبنى المركز الجهوي للاستثمار، في الأشهر القادمة، حملات تحسيسية على صعيد مختلف المناطق الحضرية لفاس للتعبئة لإنجاز الصيغة المعدلة من برنامج «مقاولتي»، وهو البرنامج الذي لا يزال يحتضنه، بالتنسيق مع وكالة التشغيل وتنمية الكفاءات، المعروفة اختصارا ب«أنابيك». وبموجب هذه الصيغة المعدلة لهذا البرنامج، أصبح بإمكان كل شاب له مستوى التعليم الابتدائي أن يستفيد منه، عكس ما كان في السابق، حين كان أمر المعنيين به يقتصر على الشبان الذين لهم مستوى البكالوريا. كما أدرج قطاع الصناعة التقليدية ضمن القطاعات التي يشملها البرنامج، بعدما كانت في السابق كل طلبات الصناع التقليديين للاستفادة من دعم البرنامج لاغية.
وبالتنسيق مع البنك الشعبي، أطلق هذا المركز مباريات لانتقاء مشاريع واعدة تتوفر على معيار الابتكار يقدمها الشبان المقاولون، تتكلف الإدارتان بتدبير أمر دعمها وتمويلها.
وأحدثت السلطات، بالتنسيق مع هذا المركز، مشتلا للمقاولين الشباب بحي بنسودة. ويرتقب أن تنتهي الأشغال في هذا المشتل نهاية شهر دجنبر الجاري. ويتصور أن يمكن المشتل شبانه من مقرات لمقاولاتهم الصغيرة ومن إمكانيات لإطلاق مشاريعهم، ومن مواكبة أطر المركز بأجندة تمكنهم، في ظرف سنة، من الطيران بأجنحتهم الخاصة في سماء عالم المال والأعمال.
مناطق صناعية
وبالرغم من أن بعض الأحزاب السياسية المعارضة في المدينة ترسم صورة قاتمة عن الاستثمار في الجهة، بالقول إن فاس التي كانت تحتل المرتبة الثالثة على الصعيد الوطني قد تراجعت إلى المرتبة 13، فإن إدارة المركز الجهوي للاستثمار تؤكد بأن الجهة تعيش أزهى أيامها مع المستثمرين ورجال الأعمال في مختلف القطاعات. فقد أورد يوسف الرابولي، مدير هذا المركز، بأن الاستثمار في القطاع السياحي قد ارتفع هذه السنة بنسبة 8 في المائة، مقارنة بالسنة الماضية، في وقت يعاني فيه هذا القطاع من تداعيات الأزمة العالمية. ويتحدث المخطط الجهوي للسياحة عن مبادرات توصف بالضخمة يعول عليها لتحويل المدينة إلى وجهة سياحية أساسية في المغرب. فالأشغال تجري حاليا لتهيئة منطقة واد فاس بمساحة تقدر ب170 هكتارا. وستحتضن هذه المنطقة فنادق سياحية فخمة وواجهات تجارية كبرى ومحلات ترفيهية ضخمة. كما أن أشغال التهيئة تجري في منطقة ويسلان لتحويلها بدورها إلى فضاء يحتضن منشآت سياحية وترفيهية كبرى. وتتقاسم المنطقتان السياحيتان قربهما من مركز المدينة. فيما ينص المخطط كذلك على تحويل المدينة العتيقة إلى واجهة سياحية مهمة، وهو ما لن يتأتى، حسب المخطط، إلا بهيكلتها وترميم فنادقها وإصلاح مدارسها العتيقة وإعداد مساراتها السياحية وتشويرها.
ويبدو أن الصناعة هي أكبر القطاعات المتضررة في التحولات التي عاشتها فاس في العقود الأخيرة. فقد توارى هذا القطاع عن الأنظار مقابل الاهتمام بقطاعات أخرى، سياحية وخدماتية، إلى جانب تحول معظم المستثمرين إلى النسيج الذي يواجه بدوره صعوبات كبيرة في الآونة الأخيرة. وتراهن السلطات المحلية على إعداد مناطق صناعية كبرى بضواحي المدينة لإعادة المجد إلى الصناعة بمدينة فاس. فقد تم إعداد منطقة صناعية بحوالي 40 هكتارا في منطقة «راس الماء»، وهيئت منطقة صناعية أخرى بمنطقة «عين الشكاك» تمتد لحوالي 40 هكتارا، وغير بعيد عنها أعدت بنفس البلدة مساحة أخرى لمنطقة صناعية مخصصة لقطاع الجلد بمساحة 40 هكتارا. وتقول السلطات إنها بدأت في منح البقع الأرضية للمستثمرين في جل هذه المناطق الصناعية. وتسهر لجن محلية يترأسها عمال الأقاليم، التي تدخل هذه المناطق في نفوذها الترابي، على إجراءات عمليات التوزيع.
لكن أكبر هذه المناطق الصناعية هي التي تجري أشغال إعدادها حاليا في منطقة «راس الماء». وتبلغ مساحة هذه المنطقة حوالي 600 هكتار، سيخصص منها ما يناهز 150 هكتارا لإنشاء فروع للموانئ المغربية مهمتها تسوية وضعية الحاويات الموجهة للتصدير قبل أن تدخل مباشرة إلى الموانئ من أجل معانقة البحر. وسينطلق هذا المشروع بفاس بالتعاون مع وكالة ميناء طنجة المتوسطي.
ويقول يوسف الرابولي إن السلطات تعمل على مواكبة كل هذه المشاريع بما يسميه «صناعة المعرفة»، ويقصد بها معاهد التكوين في الهندسة والتقنيات، بغرض تكوين أطر قادرة على المساهمة في إقلاع المشاريع الاستثمارية التي تستعد المدينة لاحتضانها في هذه المناطق الصناعية.
مواجهة مفتوحة
وتعد الصناعة التقليدية من القطاعات التي تضررت في فاس بسبب غزو المنتجات الصينية للأسواق المغربية وعدم قدرة الصناع التقليديين على رفع رهان التنافسية. ويشير مخطط تنمية الصناعة التقليدية إلى ضرورة تحسين المنتوج التقليدي المحلي، وتحسين تسويقه. ولن يتأتى ذلك إلا بمساعدة الصناع التقليديين وتشجيعهم على التكتل في جمعيات وتعاونيات.
وكان الملك محمد السادس قد أعطى، بمناسبة زيارته الأخيرة لفاس، انطلاقة افتتاح أول مركز للتكوين في مهن الصناعة التقليدية بفاس. ويضم هذا المركز حوالي 300 مقعد بيداغوجي بمدة تكوين ستدوم سنتين. وإلى جانب التلاميذ، سيفتح المركز أبوابه كذلك في وجه الصناع التقليديين في دورات تكوين مستمرة يرتقب أن تساعد في تأهيلهم. ولجأت إدارة هذا المركز إلى تجارب صناع تقليديين معروفين بفاس العتيقة من أجل إعطاء دروس تطبيقية للتلاميذ. وعلاوة على التكوين، ستتم مساعدة تلاميذ المركز على خلق ورشاتهم داخله، مع الحرص على دعم الابتكار في منتوجاتهم التي سيعرضونها في أمام المركز لبيعها للمارة ولزوار المدينة على أن تسهل لهم المأمورية بعد التخرج للحصول على قروض بغرض إعطاء الانطلاقة لمشاريعهم الصغيرة.
15 مليار درهم حصيلة 6 أشهر من الاستثمارات في المدينة
بلغ حجم الاستثمارات بجهة فاس بولمان حوالي 15،09 مليار درهم خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2009. واعتبر المركز الجهوي للاستثمار بأن الاستثمارات بالجهة سجلت ارتفاعا بنسبة 68 في المائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. ويحظى مجال العقار في المنطقة بجاذبية أكبر في خريطة هذه الاستثمارات.
وتعد المدينة وضواحيها من أهم المدن التي لا تزال تجلب «أباطرة» العقار على الصعيد الوطني، بالرغم من الصعوبات التي يواجهها هذا القطاع وطنيا بسبب تداعيات الأزمة العالمية.
وأحصى المركز الجهوي للاستثمار، وهو يقدم هذه الحصيلة، ما يقرب من 162 مشروعا يرتقب أن تخلق أزيد من 26 ألفا و256 منصب شغل. وإذا كان قطاع البناء والأشغال العمومية يهيمن على هذه الاستثمارات المرتقبة بمبلغ يقدر ب 9،09 مليارات درهم، فإن قطاع السياحة يأتي في الدرجة الثانية ب 3،59 مليارات درهم. وأشار المركز الجهوي للاستثمار إلى أنه تم إحداث أزيد من 590 مقاولة في جهة فاس بولمان خلال النصف الأول من السنة الجارية، موضحا بأن هذا الرقم المسجل يؤكد وجود ارتفاع في عدد المقاولات المحدثة بنسبة تصل إلى 12،6 في المائة بالمقارنة مع الأرقام المسجلة في السنة الماضية. وأغلب هذه المقاولات (ما يقرب من 75 في المائة) يصنف في خانة المقاولات الصغرى والمتوسطة.
أحزمة بؤس تهدد أمن المدينة
في 14 دجنبر 1990 حدثت أعمال عنف بمدينة فاس تزامنت مع إضراب عام دعت إليه المركزيات النقابية بالمغرب، وعرفت هذه الأحداث فيما بعد ب«انتفاضة 14 دجنبر». وانتهت هذه الأحداث بمواجهات دموية بين الساكنة وبين أجهزة الجيش والدرك والأمن، مخلفة العشرات من الجرحى ومن القتلى ومن المعتقلين. ولا زالت بعض الجهات الحقوقية تتحدث عن مقابر جماعية «سرية» خلفتها هذه الأحداث التي يجمع جل الذين عاشوها على أن الأوضاع الاجتماعية لأحزمة البؤس المحيطة بالمدينة هي التي ساهمت في اندلاعها بشكل كبير.
وتحاط بمركز فاس أحياء شعبية أغلبها نشأ بطرق عشوائية. وتنتشر فيها جل مظاهر الانحراف وينحدر أغلب المتهمين بالاعتداءات والسرقات من هذه الأحياء.
وبالرغم من الاستنفار المستمر لرجال الأمن في المدينة، فإن جرائم الاعتداءات والسرقات لا تختفي. وتعاني أغلب ساكنة هذه المناطق من أوضاع اجتماعية هشة، وتسكن في ظروف متدهورة. وتُشكل هذه الأحزمة في غياب أي فرص للشغل.
وعادة ما تلجأ السلطات بالمدينة إلى منع كل الوقفات الاحتجاجية التي تدعو إليها الأحزاب السياسية والجمعيات تخوفا من أن تنفلت الأوضاع من أيدي المحتجين، فيما تشير المصادر الأمنية إلى أن مجهوداتها، في إطار المقاربة الأمنية التي تعتمدها، لا يمكنها أن تحل مشكل الاعتداءات والسرقات. المصادر ذاتها تؤكد على أن مواجهة الوضع بالمدينة يحتاج، بشكل أساسي، إلى مقاربات شاملة تستحضر الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والترفيهية لسكان الأحياء الهامشية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.