اتجهت أمس الأحد، قافلة من مدينة الرباط إلى قرية بن صميم، التي توجد على مقربة من إقليمإفران احتجاجا على مصادرة الماء من قبل شركة متعددة الجنسيات، تحت رعاية جمعية العقد العالمي للماء، بمساندة حلفائها وطنيا ودوليا، حيث سجل حضور قرابة 25 هيئة مدنية وحزبية وحقوقية. وقال المهدي لحلو، القيادي في جمعية العقد العالمي للماء، إن سكان بن صميم لم يوافقوا قط للشركة، التي سمت نفسها « أوروأفركان للماء»، استغلال عين بن صميم، خلافا لما تدعيه السلطات المحلية بالمنطقة، التي تعاني التهميش والفقر، على حد قوله. وأكد لحلو، الذي كان يتحدث أول أمس، في مؤتمر صحافي بالرباط، رفقة الخضر الفرنسيين، ومناهضي الليبرالية المتوحشة، أن الدراسات التقنية المنجزة حول صبيب العين، أظهرت أنه يمنح فقط 3 لترات في الثانية، في حين كانت الشركة قدمت تقريرا مغلوطا يتحدث عن 80 إلى 100 لتر في الثانية، من أجل استغلال الماء ووضعه في قارورات كما فعلت شركات أخرى في عدد من المناطق القروية، محتجا على الهجوم الكاسح للشركات متعددة الجنسيات على المغرب، والتي وضعت ضمن أولويتها، الاستحواذ على الماء في زمن الندرة، وضعف الفرشة المائية، مشيرا إلى أن سكان بن صميم يستعملون تلك العين بالتناوب من أجل شرب مائها، واستعماله في الفلاحة المعاشية، وتربية المواشي. واستغرب لحلو تجاهل المسؤولين المغاربة لتداعيات خوصصة الماء، مؤكدا في معرض جوابه عن أسئلة «المساء» أن الوزير السابق في إعداد التراب الوطني والماء والبيئة، والكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي، محمد اليازغي، كان موافقا على كل عملية تدبير مفوض للماء، ولم يقم بأي مجهود لدراسة مثل هذا الملف، ومثيله في مناطق كثيرة بالمغرب، مبرزا أنه لإخراج سكان المناطق النائية من التهميش والفقر، سيكون من الضروري حماية مواردهم، وليس بيعها لأجانب، يجنون منها أموالا طائلة، توضع في حساباتهم البنكية خارج المغرب، فيما يتم تهجير سكان تلك المناطق نحو ضواحي المدن، من أجل إحداث أحزمة فقر جديدة وبناء عشوائي جديد. وشكك لحلو في موارد الشركة سالفة الذكر، لصاحبها نيكولا أنطاكي، حيث شيدت مصنعا، منذ 10 سنوات، مضيفا أن نفس الشركة استولت على 3 هكتارات من غابة الأرز، ودمرت جزءا منها إيكولوجيا، كما استولت على مخيم للأطفال، في الوقت الذي كان عليها تشييد مصنعها على بعد 4 كيلومترات عن الطريق، مبرزا أن بعض المسؤولين يتجاهلون أن تدمير البيئة سيكون وبالا على صحتهم وصحة أبنائهم. ومن جهته، حذر جان لوك تولي، عضو جمعية العقد العالمي للماء، وممثل مجموعة الخضر الفرنسيين في البرلمان الأوروبي، من مغبة تعميم خوصصة الماء في المنطقة المتوسطية سنة 2012، كما حضر له من قبل المسؤولين من أجل وضع الماء في قارورات وبيعه للفنادق الفاخرة، كما هو الشأن في برشلونة حاليا، مؤكدا أن ما جرى في منطقة بن صميم، هو ما وقع في مدينة الدارالبيضاء ومراكش، حيث إن الشركات التي طردها الفرنسيون من بلادهم، هي من تستغل التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء والتطهير في المغرب. وأوضح تولي أن الشركة التي استحوذت على ماء عين بن صميم، أكدت أنها ستنتج 100 لتر في الثانية، وستبيعه بثمن درهمين، ما يعني ربحا صافيا يقدر ب200 مليون درهم، فيما قررت منح السلطات، 10 ملايين درهم، وتشغيل قرابة 15 شخصا بحد أدنى للأجر، مما يعني أنها ستمنح للسلطات 5 في المائة، من إجمالي رقم معاملاتها، وهذا هو الاستغلال بعينه، مضيفا أن المنطقة كانت تضم منذ عهد الاستعمار الفرنسي إلى غاية 1974 بناية لوزارة الصحة، اشتغل بها ما يقرب من 250 شخصا، وبدلا من إحداث مصنع لسرقة الماء، وخلق مشكل إنساني واجتماعي في المنطقة، كان على المسؤولين إعادة ترميم البناية الصحية، على حد قوله.