موقف غريب ذلك الذي عبر عنه وزيرا التعليم العالي والبحث العلمي المغربي والتونسي، خلال اللقاء الذي جمعهما على هامش انعقاد اللجنة الموسعة المغربية التونسية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي يوم السبت المنصرم بالرباط. فقد صرح وزير التعليم العالي التونسي، شهاب بودن، بأن فرصة الحصول على تمويلات من الدول الأوربية، وغيرها من البلدان الغربية، تظل أكبر في حال توحيد الجهود، فيما قال لحسن الداودي: «إن على الدول العربية أن تعمل كمجموعة في مجال البحث العلمي من أجل منافسة أوربا». التوجه الذي كشف عنه وزيرا التعليم المغاربيان يحمل بين طياته تناقضا كبيرا، فهما يسعيان من خلال تطوير البحث العلمي إلى تعزيز فرص الحصول على التمويلات من الدول الغربية، وفي نفس الوقت يؤكدان على ضرورة توحيد الجهود من أجل منافسة أوربا، وهما أمران لا يستقيمان، لأن الدول الغربية ليست بالسذاجة التي تدفعها إلى تمويل منافسيها. لقد كان المغرب من بين أول البلدان التي امتلكت قانونا خاصا بحماية الملكية الصناعية، إلا أن واقع الاختراع والبحث العلمي في بلادنا ظل «مخجلا» للغاية مقارنة بما وصلت إليه بلدان أخرى، نتيجة تكالب مجموعة من العوامل، على رأسها التدخل الفرنسي وضعف الإطار القانوني وغياب الوعي الحكومي بقطاع هو من أهم مفاتيح التنمية الاقتصادية. إنه من العبث أن نستمر في الاعتقاد بأن أوربا تمنحنا أموالها من أجل سواد عيوننا ومن أجل تنمية بلداننا وتطويرها، بل هي على العكس من ذلك، استغلت حاجتنا للمال واستولت لسنوات عبر مختبراتها وجامعاتها على آلاف الأطروحات والأبحاث من الجامعات المغربية، وذلك من أجل هدف واحد: أن تتقدم هي ونتأخر نحن. لذلك يجب ألا نكون مخطئين.