سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الغزلي:لا تنافس بين «الهاكا» ووزارة الاتصال ولا تعليق لدي على اجتماع الوزير مع المتعهدين الإعلاميين قال ل« المساء »:هدفنا أن نكون فاعلين في إطار سياسة القرب التي تبناها المغرب تجاه إفريقيا
رفض أحمد الغزلي، رئيس الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، فكرة الجمع بين الصحافة المكتوبة والسمعي البصري، واعتبر أن مثل هذا الجمع لن ينتج مؤسسة ضبط حقيقية وجدية ومفيدة ولها الشرعية اللازمة إلا إذا وضع المهنيون أنفسهم هيأة ضبط ذاتية وبتوافق مع الدولة، ورفض القول باتهام أي جهة في الصراع المفترض أو الحقيقي بين الدولة والصحافة. ونفى الغزالي وجود أي تنافس حول المواقع بين وزارة الإتصال و«الهاكا»، وأكد أن لكل طرف مجال تخصصه المؤطر بمقتضيات قانونية واضحة. ورفض الغزالي التعليق «على ما قد تكون الوزارة قامت به لأنه قد يدخل في خانة ما ارتأته من تحمل لمسؤوليتها الحكومية في هذا الموضوع»، في إشارة إلى استدعاء وزير الاتصال لبعض المتعهدين وتنبيههم حول التعامل مع قضية الوحدة الوطنية. - ما هي الأهداف التي أطرت احتضان المغرب للمؤتمر الأول لهيئات تقنين الاتصال الفرنكوفونية والمؤتمر الخامس لهيئات التقنين الإفريقية ؟ لا بد من التذكير أولا بأن انعقاد هذا المؤتمر بالمغرب جاء كثمرة لمسار طويل من التحضير، وبالتالي لم يكن تنظيمه عبثا أو صدفة. فالمغرب منذ تأسيس الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، اختار أن يسلك توجها طموحا في مجال تحرير القطاع، بناء على الاحترام المتبادل بين كل الفاعلين في هذا القطاع، كما أن الهيأة كانت دائما مقتنعة بأن التجربة المغربية يجب أن تتموقع على الصعيد الجهوي والقاري والدولي،لأنها تجربة متميزة ومتفردة من شأنها خدمة صورة المغرب خارجيا، وفي نفس الوقت منحه الفرصة ليتفاعل إيجابيا مع هيئات التقنين وخصوصا في محيطها الإفريقي والمتوسطي. وتتذكرون أنني كنت دوما أقول إن تحرير المجال السمعي البصري بالمغرب لم يولد من فراغ، بل جاء متفاعلا بشكل إيجابي مع مسار أسمى وأشمل، ألا وهو مسار الدمقرطة الحقيقية للبلاد، وهذا مكمن تميز هذه التجربة، لذا من الطبيعي أن يستفيد منها المغرب في تموقعه على الصعيد الدولي. - هل كان من السهل على الهاكا أن تتموقع إفريقيا ؟ بفضل إرادتها ووضوحها وعملها الدؤوب والثقة التي تحظى بها، استطاعت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري أن تحتل مكانا متميزا وسط هيئات تقنين الاتصال بإفريقيا. حيث كانت هناك دول إفريقية فرنكوفونية تعتبر أن صوتها لم يكن مسموعا بالشبكة الإفريقية لهيئات التقنين قياسا خاصة للدول الأخرى الناطقة بالإنجليزية، لأنها على خلافهم لم تكن تتوفر على فضاء تتفاعل فيه، كما أنها كانت بحاجة إلى من يسهل هذا التفاعل. هذه الدول أظهرت غير ما مرة، رغبتها واقتناعها بأن المغرب جدير بلعب هذا الدور والاتجاه نحو خلق شبكة فرنكوفونية وهو المشروع الذي كان آنذاك متوقفا لمدة أربع سنوات. وبالفعل بدأت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري في الاشتغال في هذا الاتجاه لمدة سنتين مع هيئات التقنين بكل من فرنسا وبلجيكا والبنين وبوركينافاسو. - و ما هو الهدف من إحداث هذه الشبكة الفرنكوفونية في ظل وجود شبكة إفريقية؟ الهدف مزدوج، أن يكون المغرب مفيدا للأفارقة وفي نفس الآن مستفيدا من العلاقة التي سيربطها معهم في إطار وجه آخر من أوجه التعاون مختلف عن عمل الشبكة الإفريقية لهيئات التقنين. ولتوضيح الصورة أكثر، لا بأس من الحديث عن الشبكة الإفريقية، إذ اكتشفت من خلال مشاركاتي في أنشطتها، أنها كانت مجرد ناد سياحي وليست فضاء حقيقيا لتبادل الخبرات والتجارب في مجال التقنين. لذا فالهيأة العليا للاتصال السمعي البصري لم تنخرط في هذه الشبكة إلا بدافع العمل والفعالية والدقة والشفافية والاستفادة المتبادلة، حتى لا يكون انخراطها صوريا. وعندما اكتشف الجميع الرؤية التي تحملها الهيئة العليا اقتنعوا بقدرتها على أن تكون رافعة في الشبكة الفرنكوفونية لهيئات ضبط الاتصال السمعي البصري. ولهذه الغاية حرصت الهيئة العليا على وضع الإطار التقني والقانوني للشبكة الذي صادقنا عليه في المؤتمر الأخير للشبكة بمراكش يومي 17 و18 نونبر بكل ما يلزمهما من دراسة واستشراف لمستقبل الشبكة. عملنا على القيام بالتحضير الجدي لكل ما يلزم لانطلاق هذه الشبكة على أرضية صلبة ومتماسكة، بما فيها أبسط التفاصيل، فالعلامة التعريفية (لوغو) للشبكة مثلا أنجزتها الهاكا بوسائلها التقنية. هدفنا أن نموقع المغرب كتجربة ملفتة للانتباه في المحيط الإفريقي وأن نكون فاعلين في إطار سياسة القرب الذي تبناها المغرب تجاه إفريقيا. - لماذا لم تحضر الجزائر في هذا المؤتمر؟ في فضاء شمال إفريقيا، وحده المغرب من يتوفر على هيأة إدارية مستقلة بمواصفات دولية كمؤسسة لضبط الاتصال، ثم موريطانيا بدرجة ثانية. أما الجزائر فليست لديها هيأة مماثلة، رغم أنه كانت لها تجربة سابقة في هذا المجال من خلال خلق المجلس الاستشاري للسمعي البصري لكنه سرعان ما اختفى عن الأنظار. أما تونس فلديها مجلس للاتصال لكنه ذو طبيعة استشارية فقط وتابع للسلطة التنفيذية. ولهذا تمكن المغرب من أن يتموقع أكثر فأكثر على الساحة جهويا وقاريا، هذا رصيد يجب أن نستغله خصوصا وأن المغرب تلقى طلبا من بعض الدول العربية كموريطانيا ولبنان والأردن بخصوص إحداث شبكة عربية، وعلينا أن نوازن بين كل هذه الانتماءات والخصوصيات، العربية والإفريقية والمتوسطية والفرنكوفونية. - في نظرك هل يمكن القول اليوم بوجود ما يكفي من الدول العربية التي تتوفر على هيئة ضبط مستقلة لخلق نواة لشبكة عربية؟ في هذا الباب لا بد من التذكير أن المغرب عضو فاعل في الشبكة المتوسطية لهيئات تقنين الاتصال السمعي البصري، بحيث كنت نائبا للرئيس ثم رئيسا للشبكة ما بين 2007 و2008 ، وبعد أن سلمنا الرئاسة لإيطاليا، قرر أعضاء الشبكة أن يصبح المغرب عضوا في الكتابة الدائمة إلى جانب فرنسا وكاطالونيا وقبرص. وفي إطار هذه الشبكة كان اللقاء مع مجموعة من الإخوة العرب من بينهم الأردن ولبنان وموريطانيا وساهمنا في دخولهم الشبكة المتوسطية. وآمل في المستقبل القريب أن تولد شبكة عربية لهيئات التقنين. أعتقد أن نواتها موجودة الآن. - ماذا تحقق في المؤتمر الأول لهيئات تقنين الاتصال الفرنكوفونية والمؤتمر الخامس لهيئات التقنين الإفريقية بمراكش؟ تحقق الكثير. فخلال المؤتمر الأول تمت المصادقة على القانون الداخلي وتم تبني، بعد نقاش حاد، نظام الجمعية التي تعطي للشبكة الشخصية المعنوية للتفاعل مع محيطها في اتجاه تكريس تعاون مفيد للشبكة مع مؤسسات الدعم الأخرى، كما تمت المصادقة على الخطوط العريضة لخارطة الطريق 2010 – 2011 ومنها تنظيم مؤتمرات موضوعاتية بشكل دوري وإعمال برامج تبادل مهني بين الهيئات الأعضاء مع تحديد المواضيع التي ستولي لها الشبكة أهمية كبرى من بينها تقنين الاتصال في الفترة الانتخابية وتتبع البرامج والثورة الرقمية، والتنوع الثقافي واللغوي، كما تم منح رئاسة الشبكة للمغرب ونيابة الرئاسة لبلجيكا. أما خلال المؤتمر الثاني فتبنى رؤساء الهيئات خارطة الطريق التي اقترحتها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والتي سيجري تفعيل مضامينها خلال رئاسة هذه الأخيرة للشبكة على مدى السنتين المقبلتين 2010- 2011، وذلك بعد المصادقة على محاورها الثلاثة الرئيسية وهي : تحديد أهداف دقيقة، عملية وواقعية، تفعيل الموارد البشرية التقنية واللوجيستيكية وكذا متابعة تقييم أنشطة الشبكة. كما تمت المصادقة على مجموعة من الاقتراحات ومنها حث السلطات المختصة لكل بلد على اتخاذ التدابير القانونية والتقنية اللازمة للانتقال نحو البث الرقمي الشامل في الآجال المحددة من طرف الاتحاد الدولي للاتصال السلكية واللاسلكية، مع برمجة اجتماع خاص لمناقشة موضوع تقنين الصحافة المكتوبة من طرف الهيئات المعنية بذلك، وكذا الاستعداد للمشاركة الفعالة في القمة السادسة العالمية لوسائط الاتصال والطفل المزمع تنظيمها السنة المقبلة بالسويد. بعد ذلك، تم منح رئاسة الشبكة للمغرب ونيابة الرئاسة لتانزانيا. - هل يمكن القول إن الهيأة بهذا التوجه الإعلامي تقوم بتفعيل ما لم تستطع الخارجية القيام به في الاقتراب من الأفارقة؟ أبدا، لا يمكن القول بذلك إطلاقا، فلكل دوره. ما يمكن أن أقوله في هذا الباب هو أن الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري من خلال عملها المتواضع والفاعل، تقوم بعملها في إطار مهني شبيه بديبلوماسية موازية وليست الديبلوماسية الرسمية. وهذا العمل يساهم في ربط أواصر التعامل الجاد والفعال مع الهيئات الفرنكوفونية والإفريقية، وفي نفس الوقت، يمكن المغرب من تقديم خدمات بالشكل الذي يقدمه في المجالات الأخرى في إطار الديبلوماسية الشمولية التي تكلمت عنها، من خلال نقل تجربتنا لباقي الهيئات الإفريقية الأخرى التي تعتبر المغرب مرجعا في مجال ضبط الاتصال السمعي البصري تعفيهم في الكثير من الأحيان من اللجوء إلى الدول الأوربية أو الأمريكية. في هذا الإطار يمكن الإشارة إلى أن هناك هيئات بمجرد إحداثها طرقت أبواب الهيئة العليا للاستفادة من تجربتها مثل موريطانيا، مالي والسينغال والكونغو، وهذا مكسب، وأعتقد أننا نتقدم أكثر فأكثر في تموقعنا الإفريقي. - أشرت في أحد أجوبتك إلى وجود هيئات ضبط الاتصال تجمع بين الصحافة السمعية البصرية والمكتوبة، هذا الحضور يتزامن مع ما روج مؤخرا حول إمكانية أن تتكفل «الهاكا» بضبط الاتصال فيما يتعلق بالصحافة المكتوبة، ما تعليقك على ذلك؟ أعتقد أنك استمعت إلى مداخلات الإخوة الأفارقة، ولاحظت ولاحظنا الوضعية الحرجة والصعبة التي يوجد فيها مسؤولو ضبط الاتصال في الدول الإفريقية التي تجمع بين المجال السمعي البصري والصحافة المكتوبة، بحيث عبر أغلبهم عن مدى الصعوبة الكبيرة في الجمع بين المجالين وآثاره السلبية على أدائهم. وهو ما كنت أعرفه من خلال لقاءاتي السابقة معهم، إذ يخصصون أغلب وقتهم وجهدهم وطريقة عملهم لتقنين الصحافة المكتوبة دون تحقيق نتائج حقيقية تذكر وعلى حساب ضبط المجال السمعي البصري بشكل جدي وجيد. وحينما أكدت مؤخرا على عدم استحساني للجمع بين تقنين المجالين في هيأة واحدة بعد ما راج من أخبار وتحاليل على صفحات بعض الجرائد الوطنية في هذا الباب، كنت على يقين بناء على ما أعرفه من تجارب، بأن مثل هذا الجمع لن ينتج مؤسسة ضبط حقيقية وجدية ومفيدة ولها الشرعية اللازمة، إلا إذا وضع المهنيون أنفسهم هيأة ضبط ذاتية وبتوافق مع الدولة، على أساس أن يكون لهذه الهيأة المشروعية السياسية والقانونية والإدارية اللازمة، وتكون لها السلطات الحقيقية، من حيث ضبط المجال بموازاة عمل بيداغوجي وتعريفي، أو زجري إذا اقتضى الحال. بدون هذا لن يتمكن المهنيون من أداء مهامهم بشكل سليم يتماشى وروح الاتصال والتواصل في الدول التي تجعل من الديمقراطية أساس توجهها. - البعض فسر الدفع في اتجاه إمكانية جمع الهاكا بين ضبط السمعي البصري والمكتوب بمثابة إقحام الهاكا في الصراع القائم أو المفترض بين الدولة والصحافة بنية إضعافها.... (مقاطعا) لا أعتقد أن هناك إرادة مبيتة لإقحام الهاكا في صراع خارج عن مجال اشتغالها لوضعها في وضعية تحد من فعالياتها أو جديتها، بل أعتقد أن التفكير في هذا الحل نتج عن صعوبة إخراج الفاعلين السياسيين والمهنيين المعنيين بهذا الأمر لمؤسسة ضبط من رحم المهنة نفسها. أعرف جيدا محتوى مشروع قانون الصحافة وساهمت في دراسة بعض جوانبه، وأعلم أن ما يعرقل إخراج هذا المشروع إلى حيز التنفيذ هو المقتضيات القانونية المتعلقة بالعقوبات السالبة للحريات وإحداث مجلس وطني للصحافة المكتوبة الذي لم يتم التوافق بين الفاعلين حول تركيبته ووسائله واختصاصاته، وأعتقد أنه حينما تعقدت الأمور، حاول البعض بحسن نية، أن يجد مخرجا لهذه الوضعية، وتبين لهم أن الهيأة العليا قد تكون الحل، وأنا لا أعتقد أن هذا الحل مناسب. - في نظرك ما هو السر في توازن «الهاكا» على الرغم من الهزة «السياسية» التي أعقبت عدم منح تراخيص تلفزيونية؟ هل الأمر يتعلق بتشكيلة المجلس؟ انسجام المجلس وتوازن الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، حسب قناعتي الشخصية نابع من الالتزام الجدي بالقيم التي يؤسسها الظهير الملكي الشريف المحدث لها. فحينما ننادي بالديمقراطية مثلا، يجب أن نكون ديمقراطيين في التعامل داخل مؤسساتنا أولا، خصوصا عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات حاسمة . هناك مجال مفتوح للتداول بكيفية ديمقراطية حقيقية وباحترام متبادل بين أعضاء المجلس ، قصد الوصول إلى الحل الذي يعتبره أغلب أعضاء المجلس الحل المناسب والمتوافق عليه. في الواقع هذه مسألة ثقافية بالدرجة الأولى استطعنا إلى حد كبير كأعضاء للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، التأسيس لها. - كيف يمكن الحديث عن الهاكا كهيأة مستقلة؟ لكي تبقى الهاكا كما كانت دائما، في موقع بعيد عن كل ما قد يؤثر على استقلالية قراراتها، يجب أن تظل حريصة على ألا تأخذ بعين الاعتبار في قراراتها هذه إلا المعطيات المرتبطة بالمحتوى الموضوعي للملفات التي تنظر فيها. وهنا لابد أن تكون هناك مرجعية مشتركة يعمل أعضاء المجلس على ضوئها. وإذا كنا اليوم قد وصلنا إلى هذه المرحلة المتقدمة من العطاء مع المحافظة على هذا التماسك، فلأننا عملنا منذ البداية كأعضاء المجلس على إعطاء مجلسنا مرجعية وقناعات مشتركة قوامها النزاهة، القول بالحق، القدرة على الإنصات والتفاعل وفق نظرة مؤسساتية. وأتذكر أنه حينما تأسست الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري وأعلن عن تركيبتها، عملنا بصمت لمدة 8 أشهر، على أساس أن نضع وثيقة قناعات مشتركة تقدم أجوبة لأسئلة جوهرية تحدد وتؤطر مسار الهيأة من قبيل: «ما هو المتوخى من الهيأة ومن أعضاء للمجلس الأعلى للسمعي البصري؟ كيف يمكن للهيأة من خلال مهامها المنصوص عليها قانونيا أن تساهم إيجابا في التحولات التي يعرفها المغرب؟ ما موقفنا ورأينا وتطلعاتنا فيما يخص خدمات الاتصال السمعي البصري؟ كيف السبيل إلى إعطاء الهيأة الوسائل البشرية التي تضمن الجودة والجدية؟ ما هي القيم التي نحن مطالبون بالعمل على ضوئها في أداء مهامنا داخل الهيئة؟ كل هذا ناقشناه طيلة أسابيع متعددة وانتهينا بوضع وثيقة مرجعية داخلية تؤطر عمل الهيأة، لكنها تبقى غير كافية، لأن المعطى الأساسي يبقى هو العراك مع الواقع اليومي من خلال الممارسة العملية اليومية والتداول بجدية ونزاهة، في الملفات كيفما كان حجمها وخصوصياتها وحساسيتها، وهذا ما ساعدنا بشكل كبير على أداء مهامنا بكل استقلالية ومسؤولية. «العقد البرنامج» طريقة حضارية للتعامل بين الحكومة والمتعهدين - البعض يرى في إشراف وزارة الاتصال على العقد البرنامج الذي يربطها بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة نوعا من التدخل في صلاحيات الهاكا وتقزيم حضورها كهيأة مكلفة بالإشراف على القطاع السمعي البصري المغربي العمومي؟ أبدا. فإلى جانب دفاتر التحملات التي تحدد الإطار التنظيمي وضوابط عمل المتعهدين وكذا علاقتهم بالهاكا، فإن العقد البرنامج يبقى طريقة حضارية للتعامل الجدي والتعاقدي بين الحكومة والمتعهدين العموميين الذين يعرفهم القانون بأنهم الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري التي تمتلك الدولة أغلبية رأسمالها أو كله ويكون غرضها تنفيذ سياسة الدولة في مجال التلفزة أو الإذاعة أو البث التلفزي أو الإنتاج أو الإشهار. وعقد البرنامج هو أساسا تعاقد بين الدولة والمتعهدين العموميين يحدد الإمكانيات التي ترصدها الدولة لهؤلاء المتعهدين بموازاة مع ما تطلبه منهم من برامج استثمارية، بالإضافة إلى نفقات التسيير العادية. وأود أن أقول هنا على خلفية سؤالكم، أنه من قناعاتي أن أقوم باختصاصاتي في إطار مسؤوليتي المؤسساتية وبشكل دقيق ومحدد ومرهون بالتفريق بين السجلات. وبالتالي وخلافا لما يقال أو قد يكتب هنا وهناك حول وجود تنافس حول المواقع بين الوزارة و«الهاكا»، أِِِؤكد أن لكل طرف مجال تخصصه المؤطر بمقتضيات قانونية واضحة، وبالتالي فليس هناك أي تنافس، بل ثمة تفاعل إيجابي بين مؤسسات الدولة في اتجاه الرفع من أداء السمعي البصري الوطني. - وما تعليقكم إذن على ما قامت به وزارة الاتصال مؤخرا عندما استدعت القناتين التلفزيتين وخمس محطات إذاعية خاصة، ونبهتها بلغة تهديدية، إلى عدم الاستهتار في التعامل مع قضية الصحراء وذلك على خلفية استعمال مذيعة بأطلنتيك لعبارة «ناشطة» عوض «انفصالية» حين الحديث عن أميناتو حيدر؟ لحد الساعة لم تتلق الهيأة أي اتصال أو مراسلة بهذا الخصوص من أي طرف، وأتحفظ على التعليق على ما قد تكون الوزارة قامت به لأنه قد يدخل في خانة ما ارتأته من تحمل لمسؤوليتها الحكومية في هذا الموضوع. لكنني أؤكد في نفس الوقت وبشكل قاطع وواضح ولا مجال فيه للالتباس، بأن للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري اختصاصاتها المحددة بظهير ملكي شريف وتقوم دوما بممارستها طبقا لطريقة اشتغالها المعهودة والمتمثلة في الحرص على اتخاذ قراراتها بعد دراستها من كل الجوانب القانونية، في احترام تام للقانون ولمسطرتنا الداخلية والتي تبدأ من إنجاز تقرير في الموضوع من طرف مصالح الهيأة العليا المكلفة بتتبع البرامج، ثم إحالته على المديرية القانونية قبل أن يبث فيه المجلس. مع التذكير بأن مراقبتنا لما يقدمه المتعهدون لا يمكن إلا أن تكون بعدية تسعى للتأسيس لممارسة إعلامية مهنية حرة ومسؤولة.