سجل عدد من الباحثين والأكاديميين ضمن مائدة مستديرة، نظمت مساء أول أمس، تراجع حكومة بنكيران عن تنفيذ عدد من القوانين التشريعية، التي جاء بها دستور فاتح يوليوز، «الأمر الذي يعكس رغبة الدولة في العودة إلى الوراء، عبر إعادة إحياء آليات التحكم التقليدية، التي كانت تمكن السلطة من بسط هيمنته المطلقة على الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين». عبد الرحيم المصلوحي، رئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية، في مداخلة له ضمن المائدة المستديرة، التي أشرفت على تنظيمها الشبيبة الاستقلالية، أوضح أن «دستور 2011 لم يحسم في العديد من القضايا والأسئلة العالقة، وصيغت العديد من فصوله بشكل ملتبس وغامض، وعوض أن يتم الحسم في العديد من الأسئلة والإشكالات الدستورية التي كانت مطروحة، تم تأجيل العديد منها تحت غطاء التعويم». وأضاف المصلوحي أن «ممارسات وسلوك وخطاب الحكومة ورئيسها أفرغت العديد من المقتضيات الدستورية من جوهرها الديمقراطي، وعوض ذلك، وفي حرص واضح على «التماهي» مع اختيارات الدولة، أغفلت الحكومة الاختصاصات التي منحها الدستور إياها، واتجهت نحو البحث عن الثقة والرضى والتوافق، وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى التضحية بالنص الدستوري، حيث خلقت الممارسة أعرافا لا دستورية». من جهته، أشار حسن طارق، النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى أنه «في الوقت الذي كان المغاربة ينتظرون تفعيل مقتضيات الدستور الجديد، منذ إقراره برضى المغاربة قبل قرابة أربع سنوات، بدأ الفصل الأبرز تفعيلا هو السابع والأربعون»، مبينا أن «الحكومة عمدت إلى تعطيل المقتضيات الحيوية، سواء منها ما يتعلق بالحكامة وترشيد أداء الوزراء والمعارضة على حد سواء، أو ما يتعلق بالتجاوب مع حاجيات المواطن، بخصوص إقرار العدالة الاجتماعية، ومقاومة الهشاشة ومحاربة الفساد والريع، أو ما يرتبط بالتنزيل القانوني لعدد من النصوص التطبيقية التي وعد المخطط التشريعي للحكومة بالحسم فيها تدريجيا». من جانب آخر، كشفت مداخلة مصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب البديل الحضاري، «عن وجود مفارقة واضحة بين منطق النخبة السياسية المتمثل أساسا في أحزاب المعارضة، التي أبانت عن «هزالة» أدوارها الدستورية، ومنطق الحكومة التنفيذي والتمثيلي، فهي تعمل من خلال برنامج تعاقدي انتخابي مبني على بلورة خيارات تحت استراتيجية». وتساءل المتحدث ذاته «على ضوء محك الممارسة الحكومية عما إذا كانت النخبة السياسة المغربية، والحكومية منها على وجه الخصوص، قد تأهلت بالفعل ذاتيا لتولي إدارة الشأن التنفيذي بدون الحاجة إلى تدخل الملك، باعتباره دستوريا ضامنا لدوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها». وفي الوقت الذي أجمعت أغلب المداخلات على كون حكومة بنكيران قد ساهمت في إعادة إنتاج «التقليدانية الدستورية، التي تضمنها دستور 1962 السابق، تم التأكيد على أن الخروج الأمثل من واقع الأزمة الدستورية للحكومة الحالية، يتمثل أساسا في تفعيلها منطق الإصلاح في ظل الديمقراطية، عوض البحث عن أسباب الاستمرارية، في ظل استقرار «وهمي» عبد «تكريس السلطوية».