يشكل شهر رمضان لدى بعض الأسر المغربية الفقيرة فرصة لامتهان شغل مؤقت وكسب بعض الدراهم، مستغلة في ذلك الإقبال الكبير للصائمين على الاستهلاك الذي تتضاعف معدلاته في هذا الشهر لحد كبير. إذ تتحول الشوارع والأزقة في هذا الشهر الفضيل إلى ميدان للتنافس بين أطباق البريوات، البغرير، رزة القاضي.. وغيرها من التحضيرات التي تتفنن النساء في صناعتها في البيوت وعرضها في الأسواق والأماكن العمومية بأثمان تختلف حسب جودتها، وتبقى على رأس هذه المعروضات خلال رمضان ورقة البسطيلة. فاطمة واحدة من النساء صاحبات الدخل المحدود، التي تلجأ كل رمضان إلى توفير مصروف البيت عن طريق صنع ورقة البسطيلة وبيعها في جنبات سوق باب الأحد بالرباط. تقول فاطمة: إن لغلاء المعيشة وصعوبتها دور في خروجي كل يوم إلى باب الأحد وافتراش الأرض وعرض سلعتي المنزلية، إذ أقوم في الصباح الباكر وأشرع في تحضير ورقة البسطيلة بمساعدة أبنائي، فأنا أم أرملة لثلاثة أطفال، أبحث دائما على مهن موسمية مثل صنع ورقة البسطيلة في رمضان وغيرها في مناسبات أخرى لأوفر احتياجات أبنائي الثلاثة. وعن عملها الموسمي الذي سمته ب» البريكولاج المؤقت» تقول فاطمة إنه ينتعش خلال شهر رمضان مقارنة مع باقي شهور السنة، فالعديد من النساء وبسبب انشغالهن في العمل أو رغبة منهن في التخفيف من الأعباء المنزلية، يلجأن إلى شراء ورقة البسطيلة جاهزة، فاطمة ترى أن رمضان هو شهر كريم عليها وعلى أسرتها التي تعولها، إذ أن كل ما تصنعه في البيت من ورقة البسطيلة ينفذ يوميا، وتكاد لا تجد الوقت الكافي لتلبية رغبات جميع الزبائن في هذا الشهر الفضيل. لم تكن فاطمة تعرض سلعتها بمفردها أمام باب «السويقة»، بل كان هناك العديد من النساء اللواتي يقفن في صف طويل ويعرضن ما أعددنه في منازلهن من ورقة البسطيلة، وهذا ما يخلق نوعا من المنافسة التي أكدت لنا فاطمة أنها شريفة، إذ تبقى جودة الورقة وكيفية جلب الزبائن هي من تصنع الفرق. أما هامش الربح في هذه المهنة فيتراوح مابين 7 إلى 12 دراهما، إذ يساوي الكيلوغرام من ورقة البسطيلة 30 درها، في حين قد ينخفض ثمنه في أحياء شعبية، ليصبح الكيلوغرام ب20 درهما. وتستطيع فاطمة وزميلاتها في المهنة تحضير أزيد من 30 كيلوغراما من ورقة البسطيلة في اليوم، إلا أن مشكلة عرضها في باب سوق الأحد هو ما يقف أحيانا حاجزا أمام فاطمة وزميلاتها في العمل، حينما تقوم السلطات المحلية بحملات تمشيطية تنعكس سلبا على مفترشي الأرض وأصحاب الموائد الخشبية المجرورة، مما يؤدي إلى ضياع ورقة البسطيلة في حالة ما إذا لم يبادر الزبائن إلى شرائها من المنزل.