مع طلعة كل رمضان، تسعى العديد من الأسر، ذات الدخل المحدود أو الضعيف، إلى تعاطي التجارة الموسمية، بغية تحسين دخلها، وتغطية المصاريف المتعددة لشهر رمضان والعيد، وذلك بمزاولة بعض المهن الخاصة بهذا الشهر أو بالاتجار في بعض المواد المستهلكة بكثرة في رمضان، لذلك تجد الأسواق والأزقة بمختلف المدن المغربية مكتظة بباعة موسميين يظهرون فقط بظهور هلال رمضان ويختفون بزواله. بينما يشكل شهر رمضان موسم ركود بالنسبة إلى بعض المهن، فإنه يعد فرصة لازدهار كثير من المهن الأخرى، ويمنح للعديد من الناس العاطلين فرص الاسترزاق عن طريق ممارسة مهن موسمية خاصة بهذا الشهر الكريم. فمع طلعة كل رمضان، تسعى العديد من الأسر، ذات الدخل المحدود أو الضعيف، إلى تعاطي التجارة الموسمية، بغية تحسين دخلها، وتغطية المصاريف المتعددة لشهر رمضان والعيد، وذلك بمزاولة بعض المهن الخاصة بهذا الشهر أو بالاتجار في بعض المواد المستهلكة بكثرة في رمضان، لذلك تجد الأسواق والأزقة بمختلف المدن المغربية مكتظة بباعة موسميين يظهرون فقط بظهور هلال رمضان ويختفون بزواله. كما يلجأ البعض الآخر إلى ترك مهنته الدائمة، للعمل في مهن رمضانية، موفرا لنفسه دخلا أفضل مما كان يجنيه من مهنته القارة، لما يمتاز به هذا الشهر من رواج كثيف وحركة تجارية دؤوبة، خاصة في تجارة المواد الغذائية. الشباكية والبغرير مع قدوم رمضان من كل عام تتحول كثير من المحلات والدكاكين بمختلف المدن المغربية إلى ورشات لإعداد حلويات «الشباكية» و«البريوات»، وتحضير أنواع من الفطائر والمعجنات ك«البغرير» و«المسمن» و«الرغايف».. وتعرض هذه المنتجات للبيع على واجهة المحل المعد لصنعها. وتوفر مثل هذه المهن، بالرغم من كونها مؤقتة، فرص عمل، عديدة وثمينة للمئات من العاطلين، على اختلاف أجناسهم وأعمارهم. عمر، البالغ من العمر 26 سنة، يعمل كبائع متجول موسمي بساحة باب مراكشبالدارالبيضاء، يعتبر هذا الشهر الكريم فرصة لا تعوض لكونه شهر الرواج التجاري بامتياز، ثم لكون القدرة الاستهلاكية ترتفع فيه لدى المستهلك. وصرح عمر بأن أرباحه التي يجنيها من تجارته في بيع منتجات رمضانية لا ينالها في المواسم الأخرى، كموسم الصيف مثلا الذي يمارس فيه بيع العصائر والمثلجات. تجار موسميون وفي حين أن الأسواق الشعبية في شهر رمضان تشهد توافد العديد من الباعة الموسميين الجدد، حيث منهم من يشتغل شهرا واحدا في العام فقط هو شهر رمضان، كالنفّار والنسوة اللواتي يعرضن قففهن التي تضم منتوجاتهن من «المسمّن» و«البغْرير» و«البَطبُوط» و«خبز الدار»، حيث يظهرن بكثرة في رمضان بالأسواق الشعبية بمعظم المدن المغربية، خاصة في الفترة التي تفصل بين العصر والمغرب. ويكثر في رمضان أيضا بائعو البيض البلدي والرومي في الشوارع والأزقة، وبائعوا مختلف الفواكه والفواكه الجافة من تمر وتين و«كرموص هندي»، إلى جانب بائعي مختلف المواد التي تدخل في إعداد الحريرة المغربية، من «قزبر» و«كرافس» وقطاني وتوابل.. كما لوحظت خلال الأعوام القليلة الأخيرة ظاهرة جديدة، تتمثل في تعاطي بعض الأطفال لبيع البيض المسلوق في بعض الأسواق، خاصة أثناء فترات الذروة التي تسبق آذان صلاة المغرب. وإذا كانت لهؤلاء التجار الموسميين مهنة واحدة يزاولونها خلال هذا الشهر فقط، فإن البعض الآخر ينتقل من مهنة إلى أخرى، حسب حاجيات الناس خلال رمضان، بحثا عن دخل أفضل، مثل صلاح الذي يملك عربة يجوب بها مختلف أزقة المدينة القديمة بالبيضاء طيلة أيام السنة. يقول صلاح، وهو طالب مجاز في عقده الثالث، مجيبا عن سؤال حول أنواع البضائع التي يعرضها فوق عربته: «بعد حصولي على الإجازة، لم أجد غير هذه العربة لكي أحارب بها البطالة، حيث أعرض فوقها أصنافا من البضائع التي أتاجر فيها من موسم لآخر. ففي بداية رمضان مثلا أتاجر في التمور والتين وبعض المواد الغذائية الأخرى التي تستهلك بكثرة خلال هذا الشهر، مثل الجبن والعسل والمربى والطماطم المصبّرة.. أما عندما يدخل رمضان في العشر الأواخر منه فإنني أغير بضاعتي لأتاجر في مختلف البخور والعطور الخاصة بليلة القدر (27 رمضان).. وهكذا». غير أن هناك من الحرفيين من يعمل بمجرد حلول رمضان على تغيير مهنته التي قد لا تتماشى مع متطلبات المستهلكين خلال هذا الشهر، مثل أحمد، ذي ال43 سنة، وهو صاحب مقهى شعبي بالمدينة القديمة بالبيضاء، الذي «قلب» مقهاه إلى ورشة مؤقتة لإعداد وعرض حلوى «الشباكية» و«البريوات» والحريرة وأصناف من التمور والتين المجفف (الشريعة)... إلى جانب ذلك، يجد عدد من الشباب، طيلة أيام رمضان، فرصة لعرض منتوجات استهلاكية مهربة، تعرض في واجهات محلات تجارية وتجد قابلية للشراء من لدن المستهلكين، إذ يعرضون أنواعا من التمر، والحليب والمربى والجبن والشكولاتة والأرز والتوابل. فيما يعمد شباب آخرون إلى عرض عدد من الأقراص المدمجة (سي دي) في شوارع المدن وأزقتها، حيث يعرضون على الأرصفة أقراصا تضم تسجيلات مقرصنة من قنوات فضائية لمختلف المقرئين المشهورين ودروسا وخطبا لبعض الدعاة والعلماء المسلمين المعروفين... النفار.. مهنة مهددة بالانقراض من بين المهن الرمضانية الآخذة في الاندثار مهنة النفار، هذا الرجل الذي ينتظر سنة كاملة ليشتغل شهرا واحدا منها، وذلك قبل أن يختلط الخيط الأبيض بالخيط الأسود بساعة أو ساعتين. ويقوم النفار بدور المنبه الذي يوقظ الساكنة من النوم قصد الاستعداد لوجبة السحور. وحسب بعض الروايات فإن ظاهرة النفار برزت بمراكش في عهد السعديين (في القرن 14). حيث يروى أن عودة السعدية (مسعودة الوزكيتية أم المنصور الذهبي) فطرت عمدا في رمضان وندمت ندما شديدا، وهو ما جعلها تحبس كل ما تملكه من ذهبها الخالص لفائدة «النفافرية» على أساس أن يقوموا بالدعوات الصالحة لها ويطلبوا من الله أن يغفر لها غلطتها، لذلك فإن النفار يقول على إيقاعات الزمار ما يلي: عَوْدَة كَالْتْ رمضان بالخوخ والرّمان عودة كالت رمضان اغفر ليها يا رحمان