لا تزال التحقيقات التي تباشرها عدد من الأجهزة الأمنية متواصلة لتحديد هوية المتورطين في تسريبات الباكلوريا، في الوقت الذي تصاعدت حدة الأصوات التي تطالب بإقالة وزير التربية الوطنية، وفتح تحقيق قضائي مع جميع المسؤولين عن هذه الفضيحة التي كادت تعصف بامتحانات هذه السنة. وكشف مصدر مطلع أن امتحانات مادة الرياضات التي أعيدت أمس، مرت في أجواء هادئة، بعد أن سجلت مرونة واضحة في عدد من مراكز الامتحان، وصلت حد التساهل مع بعض عمليات الغش من أجل احتواء الغضب الذي أثارته هذه الفضيحة وسط تلاميذ الباكلوريا. وأشار المصدر ذاته إلى أن لجن المراقبة التي أنيطت بها مهمة القيام بجولات في مراكز الامتحان، وجدت نفسها ملزمة بعدم الدخول في أي احتكاك لتفادي انفلات الأمور، وزاد المصدر ذاته أن فضيحة التسريب جعلت مسؤولي الوزارة والمشرفين على الامتحانات يتعاملون من موقع ضعف بعد أن أصبح همهم الأساسي هو إنهاء الامتحان دون حدوث أي احتجاجات. ووصلت تداعيات ما حدث من تسريبات وما تلاها من ردود فعل غاضبة تطورت إلى احتجاجات عارمة في عدد من المدن، إلى اجتماع مجلس الحكومة الذي انعقد أول أمس، بعد أن توعد رئيس الحكومة، عبد الاله بنكيران، بمحاسبة من يقفون خلف ما اعتبره خيانة للوطن. وحاول بنكيران الالتفاف على الضجة التي أثارتها فضيحة التسريبات، بالتأكيد على أن جهات لم يحددها بالاسم تقف وراء «الحدث الخطير الذي تجاوز تسريب ورقة امتحان، إلى خيانة للوطن». وأكد بنكيران «أن هذا الحدث لا يمس فقط بأمن الامتحانات فقط، بل يمس بأمن الوطن ككل»، وأن «القناعة التي لدينا هي أن هذا الحدث ليس خطأ بل هو فعل فاعل»، ليضيف بأن «الأجهزة المعنية جادة في البحث لكشف من يقف وراءه، سواء كان شخصا أو جهة». وقال بنكيران إن «خونة الوطن يجب أن يؤدوا الثمن»، وإنه «لا تساهل مع أي نوع من أنواع الخيانة، مشيرا إلى أن التسامح لا يعني الارتخاء، وأنه «في حفظ الأمن والأمور الأساسية ستكون الدولة غاية في الصرامة في إطار القانون». وبدا لافتا أن الصفحات المعنية بالتسريبات على مواقع التواصل الاجتماعي، واصلت نشاطها بشكل عادي، رغم الضجة التي تلت نشر عدد من مواد الامتحان، بل إن بعض الصفحات ذهبت أبعد من ذلك وقامت بنشر تعاليق ساخرة من مسؤولي التعليم، مع وعيد الوزارة والحكومة برد قريب من طرف الانونيموس. وكانت الأجهزة الأمنية قد قامت أول أمس باعتقال عدد من الأشخاص للاشتباه في تورطهم في مساعدة بعض المترشحين على الغش باستعمال معدات اتصال وتواصل، فيما لاتزال الجهة التي كادت تتسبب في إلغاء امتحانات الباكالوريا بعد تسريب أسئلة مادة الرياضيات بست ساعات قبل الامتحان خارج دائرة الاعتقال.