انطلقت يوم الخميس المنصرم أولى جلسات محاكمة مصطفى العمراني، مدرب التايكواندو، الذي أشرف على رحلة «الموت» إلى شاطئ الصخيرات. وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتمارة قرر متابعة المدرب في حالة اعتقال بتهمة القتل الخطأ الناتج عن الإهمال، معتبرا أن الأفعال المرتكبة من لدنه «خطيرة»، وهي خطوة جاءت متناقضة بشكل غريب مع ما ذهبت إليه أسر ضحايا فاجعة «وادي الشراط»، التي لم ترغب في متابعة المدرب، على اعتبار أنه لم يتسبب بشكل مباشر في الحادثة. المنحى الذي تتخذه هذه القضية أصبح غريبا، ففجأة ثبت للمحققين أن مدرب التايكواندو، الذي كان يضحي بوقته من أجل رسم البسمة على شفاه أطفال جمعيته، «مجرم» تسبب في إزهاق أرواح بريئة، بينما فصول الكارثة تؤكد أنه، لو كان الأمر بيده، لغرق هو وبقي الأطفال على قيد الحياة. من غير المعقول أن يتم تحميل هذا الرجل مسؤولية غياب الحراسة في شواطئنا، ومن غير المعقول تحميله مسؤولية تقصير السلطات والوزارات المعنية، التي تجد ترسانة من القوانين والمحامين تحميها وتوفر الغطاء لأخطائها، في الوقت الذي يجد هذا المدرب نفسه بين سندان «العقاب النفسي» ومطرقة «العقاب القانوني». موقفنا لن يعيد الموتى، لكنه على الأقل سيخفف عن رجل يبكي دما كما تبكي أسر الضحايا، ونحن مقتنعون بأن متابعة هذا الرجل بالقتل ستنسف المساحات البسيطة من الإنسانية التي لا تزال صامدة في أعماقنا.