على بعد مسافة لا تتعدى حوالي ثلاثة كيلومترات من مدينة الإسماعلية، وعلى مستوى الجهة الغربية بالقرب من الطريق الرئيسية المؤدية إلى كل من سيدي قاسم وزرهون، يوجد حي النزالة الرداية، أكبر تجمع صفيحي بالمدينة، يعيش فيه حاليا ما يفوق 1000 من الأسر المعوزة والفقيرة، في ظروف هشة ومزرية جدا تنعدم فيها أبسط شروط العيش الكريم، كما أنها تعاني من غياب المرافق الاجتماعية والتربوية والصحية وتعيش العزلة بسبب غياب وسائل النقل، إلى جانب حرمان بعضها حتى من الوثائق الادارية. سكانه الأصليون في السابق كانوا لا يتعدون ما يقارب المائة أسرة، أغلبهم كانوا يتعاطون تربية المواشي وبعض الأنشطة الفلاحية، قبل أن يتم إلحاق دوارهم بالمجال الحضري إثر التقسيم الذي حصل سنة 2009، ليتحول إلى أكبر تجمع سكني. يقول سعيد، فاعل جمعوي، إنه ليس سعيدا في هذا الحي الصفيحي، بسبب المعاناة الصعبة والقاسية للغاية التي يعيشها هؤلاء السكان، في غياب التفاتة من لدن المسؤولين. ويردف المصدر أن الظروف الاجتماعية لأغلب السكان مزرية جدا بسبب الحاجة والفقر المدقع، إضافة إلى أن السكان يعيشون الحرمان والإقصاء الاجتماعي بشكل لا يوصف، إذ يعانون من مشاكل في البنيات التحتية وغياب المرافق الاجتماعية والتربوية والصحية، إلى جانب غياب وسائل النقل العمومي التي حرم منها السكان بالرغم من أن مساكنهم توجد على مرمى حجر من المدينة الإسماعيلية، وهذا ما يحز في النفس ويزيد من حجم المعاناة لدى هذه الأسر، ولدى التلاميذ بالخصوص، الذين يجدون صعوبة في التنقل إلى الإعداديات البعيدة عن أكواخهم التي توجد بهذا الحي الصفيحي، إذ يعانون بشكل يومي بسبب قطعهم العشرات من الكيلومترات يوميا ذهابا وإيابا من أجل الوصول الى هذه المؤسسات التعليمية، الأمر الذي جعل البعض منهم ينقطع عن الدراسة. مشاكل أخرى يعاني منها السكان تتعلق بالجانب البيئي بحكم الانتشار الكبير لمربي الأبقار والأغنام وسط هؤلاء السكان، الأمر الذي يزيد من حدة التلوث والمعاناة لدى السكان، وبالرغم من وجود دوريات وزارية تمنع تربية الحيوانات داخل التجمعات السكنية بالمجال الحضري، فإن السلطات المحلية والإقليمية تلتزم الصمت تجاه هذا المشكل الخطير، إضافة إلى أن هذا الحي الصفيحي يوجد على مقربة من المطرح البلدي، ما يسبب في انتشار كبير لمختلف الحشرات الناقلة للأمراض بما فيها الباعوض، وغيره إلى جانب انتشار ملفت للجردان التي أصبحت تعيش جنبا إلى جنب مع هؤلاء السكان داخل بيوتهم، وتهدد أمن وسلامة أطفالهم الصغار على الخصوص، والذين سبق أن تعرض بعضهم إلى أضرار صحية في وقت سابق، بسبب عضات جردان من الحجم الكبير خلال الصيف الماضي. معاناة أخرى يعيشها جزء كبير من هؤلاء السكان تتعلق بحرمانهم من مختلف الوثائق الإدارية كشواهد السكنى وشواهد إدارية أخرى، الأمر الذي جعل أغلبهم لا يتوفر على البطاقة الوطنية، وتحت الحاجة الملحة، فقد يلجأ بعضهم إلى استعمال عناوين أحد المعارف أو الأقارب من أجل الحصول على بطاقة تعريفه. ومن جهة أخرى، سبق لمديرية التعمير أن وعدت بإعادة هيكلة هذا الحي الصفيحي وتم في وقت سابق تبليط بعض أزقته وربط بعض المساكن بقنوات الصرف الصحي وبالكهرباء، كما تم إحداث سقايات للماء الصالح للشرب، قبل أن تتوقف هذه العملية في ظروف غامضة. كما هو الشأن بالنسبة لعملية تعبيد الطريق التي تربط هذا الحي بالطريق الرئيسية المؤدية إلى وسط المدينة والتي توقفت بشكل مفاجئ مؤخرا، الأمر الذي خلف حالة من الغضب الشديد لدى هؤلاء السكان الذين يهددون حاليا بتنظيم وقفات احتجاجية، بعدما أصبحوا يعانون العزلة أكثر مما كانوا في السابق بسبب توقف هذه الأشغال وتعرض هذه الطريق إلى أضرار أكثر مما كانت عليه في السابق.