في أول رد فعل علني للجمعيات المهنية للقضاة على عدم إشراكها في التهييء للقوانين التنظيمية الخاصة بمنظومة العدالة، قال عبد الحق العياسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، إن القضاة لا يسعون من خلال دفاعهم عن استقلالية السلطة القضائية إلى التغول أو خلق دولة القضاة كما يروج له. وأضاف خلال لقاء صحافي نظمته رابطة قضاة المغرب، التي تضم أربع جمعيات مهنية للقضاة، الليلة ما قبل الماضية بالدار البيضاء، أن القضاة يمكن أن يفكروا في خلق نقابة خاصة بهم في المستقبل. واعتبر العياسي أن الهيئة التنسيقية الجديدة، التي تم تشكيلها ستتولى الدفاع عن استقلال السلطة القضائية من خلال جميع الأشكال النضالية الممكنة اعتمادا على منهج متدرج يبدأ بالحوار ويمكن أن يصل إلى أي شكل نضالي في إطار الاحترام الواجب لمهنة القضاء. وأضاف أن معركة الدفاع عن استقلال السلطة القضائية بدأت من خلال اجتماع داخل مقر البرلمان مع رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب سيعقبه في وقت لاحق اجتماع مع رئيس الفريق الاستقلال من أجل إبراز وجهة نظر القضاة بخصوص مشاريع القوانين الخاصة بالسلطة القضائية المعروضة على نواب الأمة. وبخصوص عدم توصل الودادية بالتزكية الملكية، كما جرت العادة بذلك، أكد العياسي أن جمعيته قانونية وشرعية، وأنه تلقى إشارات من جهات، لم يكشف عن هويتها، بالبدء في العمل، متهما من يقفون عند هذه النقطة بالمشوشين. من جانبه، أوضح عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي القضاة، أن الجمعيات المهنية للقضاة طالبت بالإسراع بإخراج القوانين الخاصة بالسلطة القضائية. وأضاف أن الجمعيات اكتشفت أن القانون التنظيمي للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة بالشكل الذي تم إعداده وتقديمه أمام البرلمان لا تتوفر فيها مقومات السلطة القضائية، والتي من مقوماتها الأساسية الاستقلال الإداري والمالي للمحاكم وعدم تدخل أي سلطة أخرى في عمل المحاكم. واعتبر الشنتوف أن القوانين التي تم إعدادها لا تحقق ما جاء به الدستور، ولا تحقق كذلك الرغبة الملكية في وجود سلطة قضائية حقيقية، مضيفا أن الجمعيات المهنية حين تدافع عن استقلال السلطة القضائية لا تدافع عن القضاة، بل تدافع عن السلطة القضائية. وذكر الشنتوف أن ائتلاف الجمعيات المهنية للقضاة لم يأت كرد فعل، بل جاء كتعامل مع التعدد الذي جاء به الفصل 111 من الدستور، الذي يفرض على الجمعيات المهنية للقضاة التنسيق خلال التعامل مع القضايا التي تهم السلطة القضائية، مستغربا كون النظام الذي يحكم قضاة المغرب، اليوم، يعود إلى عام 1974 بسبب التأخر الحاصل في إعداد وتنزيل القوانين الخاصة بتنظيم السلطة القضائية. من جهتها، قالت عائشة الناصري، رئيسة جمعية المرأة القاضية، إن الموقف الذي عبرت عنه إحدى جمعيات القضاة الفرنسيين كان موقفا صادما ويحن إلى النظرة الدونية للمؤسسات في المغرب، مضيفة أن هذا الموقف لم يعرف أن المغرب قطع مع ماضيه منذ الإنصاف والمصالحة. وأوضحت أن قضاة وقاضيات المغرب وطنيون وليس هدفهم التغول والاستقواء، بل يرومون فقط خدمة العدالة والسهر على حرية المواطنين وضمان أمنهم وتحقيق العدالة كما أقرها الدستور. وأشارت الناصري إلى أن هدف الجمعيات المهنية هو تقديم مذكرة ترافعية أمام السلطة التشريعية من أجل صناعة سلطة قضائية مواطنة لخدمة البلاد وحماية حريات الأفراد والجماعات وبناء دولة الحق والمؤسسات. إذ لا يمكن، تضيف الناصري، تصور دولة ديمقراطية دون عدالة مستقلة. يذكر أن الائتلاف الذي أعلن عنه الليلة الماضية يضم الجمعية المغربية للنساء القاضيات، والودادية الحسنية للقضاة، ونادي قضاة المغرب، إضافة إلى الجمعية المغربية للقضاة.