قبل سنوات، كان المرضى يقفون في طوابير أمام سبيطار الحومة، لم يكن يدور بخلد أحد أن يذهب إلى مصحة خاصة.. ويخضع لكشف السكانير والفحص بالأشعة.. لم يكن يعاني المرضى من مشكل انعدام الأدوية.. كان الكشف ب "الصناتة" واليد يغني عن كل شيء.. وكان الذهاب إلى السبيطار متعة، قبل أن يتحول اليوم إلى محنة.. ومجرد التفكير فيه يسيفطك لبويا عمر.. أذكر جيدا أن سبيطار الحومة كان ملاذ كل تلميذ غير راغب في حضور حصة التربية البدنية.. كانت تكفيه 30 درهما ليوقع له الطبيب على الشهادة التي تعفيه من الرياضة.. كانت الممرضة تنوب عن التلاميذ في ذلك.. ولاداعي لكشف الطبيب… واليوم تحول سبيطار الحومة إلى ملاذ لكل راغب في الزواج وتلزمه شهادة طبية تؤكد خلوه من الأمراض المعدية.. فخمسون درهما فقط، تعفيك من التحاليل والفحص بالأشعة.. تاخد معاك الشهادة الطبية فلبلاصة.. اليوم، لاتسأل عن الدواء.. ها العار غير توصلك النوبة، يمنحك طبيب الحومة رسالة إلى طبيب آخر في المستشفى الجامعي.. الورقة اللي ياله كتدخلك مع الباب وبمساعدة بطاقة راميد .. وتحصل معها على رونديفو قد يصل إلى ستة أشهر.. يتذرع خلالها المسؤول بكثرة المرضى والسكانير المعطل وإضراب الطبيب المعالج… وإذا حدث وحصلت على موعد لإجراء عملية جراحية، فاعلم أن (لبلوك) في طور الإصلاح.. ينسج معها المريض علاقات مع مرضى آخرين يجلسون في طوابير، يتقاسمون عناء الانتظار وكاين اللي دار النسيب والنسيبة من حدا السبيطار.. ونهار توصلك النوبة، تكتشف أن هناك نقصا في الأدوية.. وخاصك غير الخيط والبنج والدوا وتدخل تدير العملية.. سبيطارات شبه خصوصية.. ياله فيها الدوا لحمر والداجينة.. قبل سنوات من الآن، كان فانيد الراس مشروب المرضى اليومي، في وقت كانت فيه الممرضة كريمة مع المرضى، كانت تمنحهم ماتوفر من الدواء دون أن يطلبوا ذلك، كاغيط ديال الفانيد، صالح لجميع الأمراض.. مع المدة خلناه أحد أصناف الحلويات التي كانت تباع آنذاك أمام باب المدرسة كفانيد المكانة.. وحفظنا بعدها نشيد.. "الممرضة "رأيتها نظيفة رشيقة خفيفة.. فؤادها رحيم وعطفها عظيم" كان لباسها الأبيض الناصع يوحي بنظافتها ولكنني كنت أختلف مع كاتب النشيد حول رشاقة العديد من الفرمليات… وقد كان آباؤنا يكتفون بعلاجنا غير بالبركة.. ويذهب البعض عند الحلاق لقص شعره ولخلع أسنانه أيضا.. وقد يغنيك وجوده عن الطبيب إن رغبت في ختان ابنك.. تردد معها نساء الحي "ألحجام العار عليك ها وليدي را بين يديك" مع مرور الوقت، انتشرت المصحات الخاصة في أحيائنا.. ومعها الصيدليات، لكن سبيطار الحومة ظل وفيا لعاداته، نفس الدواء.. مع نقص هذه المرة في الدوا لحمر، نفس الممرضات، ولكنهن لسن بسخاء لفرمليات لقدام.. هادي لا لقيتيهم فالسبيطار بعدا.. ممرضات همهن الوحيد هو إذلال نساء جئن منذ الصباح الباكر للحصول على فانيد منع الحمل، مع ضيق ذات اليد.. فتخبرهن أنه ليس موجودا، ويمكن العودة في اليوم الموالي.. وتكرر سيناريو المنع مع نساء أخريات محملات بأبنائهن الصغار رغبة في "الجلبة".. قد يمرض معها الصغير دون أن يتم تلقيحه.. وحتى الطبيب نفسه قد ينهي حصة عمله في العاشرة صباحا إذا دخل في نقاش حاد مع أحد المرضى.. كيفرتك الجوقة واللي بغا يتعالج يمشي لمصحة خاصة.. وفي مستشفيات عديدة تغيب الممرضة تنوب عنها عاملة الميناج أحيانا، والطبيب سويرتي تلقاه واخا تبغي غير تتصور معاه.