رفض أساتذة التربية الإسلامية «االمنهجية» التي تمت بها التعديلات التي همت مضامين كتب التربية الإسلامية، في عملية المراجعة والتنقيح التي قامت بهما وزراة التربية الوطنية «بشكل مستعجل»، هذه السنة، مما أدى إلى تغيير كل الكتب المدرسية في السلك الإعدادي والجذع المشترك، دون إخبار الأساتذة والمفتشين والتلاميذ بذلك، كما رأى ذلك المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، الذي أضاف أن الغموض بات يكتنف المذكرة رقم 100 التي تلزم كل المعنيين بتدريس المادة بضرورة العمل بالكتب الجديدة المنقحة. ورغم أنه ثمّن في اجتماعه الأخير خطوةَ وزارة التربية الوطنية القاضية بتصحيح مضامين الكتب المدرسية الخاصة بالمادة بما يخدم الأمن الروحي للتلاميذ، انطلاقا من ثوابت المغرب المتمثلة في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني، فإن المكتب الوطني لأساتذة التربية الإسلامية استغرب العجلة التي طبعت إجراء هذه التعديلات، دون استشارة الفاعلين التربويين في مختلف المواقع، ودون تعميم التصحيح ليشمل جميع الأخطاء الموجودة في هذه الكتب، مسجلا اقتصار المراجعة على كتب مادة التربية الإسلامية، في الوقت الذي كان على المسؤولين اعتماد مقاربة شمولية في القيام بهذه التعديلات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالثوابت والمقدسات. وأبدى رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، عبد الكريم الهويشري، عدمَ علمه بالجهة التي اقترحت على الوزارة القيام بتلك التعديلات، في الوقت الذي كان على مسؤولي التربية الوطنية ببلادنا إشراك رأي الفاعلين في المجال التربوي من أساتذة ومفتشين وممثلي التلاميذ، مضيفا أن أي تغيير أو تنقيح في المقررات الدراسية يجب أن يكون شموليا يشمل باقي المواد الدراسية وليس جزئيا ويتعلق فقط بمادة التربية الإسلامية، كما هو الشأن بالنسبة إلى التنقيحات الأخيرة للوزارة الوصية، واصفا الكيفيةَ التي تمت بها هذه التنقيحات ب«الطريقة المختلة». وأضاف الهويشري، في تصريح ل«المساء»، أنه إذا كان الأمر يتعلق حقا بتنقيح وحذف فقرات من مقررات التربية الإسلامية تهم الأمن الروحي للتلميذ، بحيث وُصفت بعض الفقرات بأنها تمس بالمذهب السني للبلاد وتشجع على الشيعية، فإن هناك كتبا ومقررات أخرى بباقي المواد الدراسية ومنها مادة الإنجليزية، التي يتضمن أحد كتبها المقررة بأحد المستويات الدراسية لهذه المادة درسا حول موضوع الضحك يحيل على موقع إلكتروني توجد به رسوم كاريكاتورية مسيئة إلى النبي محمد (ص)، حسب الهويشري، الذي أشار إلى أن جمعيته كاتبت الوزارة الوصية من أجل حذف ذلك إلا أنها لم تفعل إلى حد الآن، وهو ما يعني المعاملة بمقاييس مختلفة في القيام بالتنقيحات على مستوى المقررات الدراسية، ونفس الشيء يمكن قوله بخصوص مادة أخرى من بين دروسها المقررة رواية «محاولة عيش»، التي تتضمن فقرات جنسية فاحشة لا تخدم تربية التلميذ، مؤكدا أنه ليس ضد مثل هذه الكتب التي يمكن لها أن تسوق في المكتبات، لكنه ضد أن تدرس كمقررات إلزامية للتلميذ في المؤسسات التعليمية، وداعيا في نفس السياق إلى تجاوز ما هو جزئي إلى جوهر قضية التربية والتعليم. واعتبر مصدر مسؤول من وزارة التربية الوطنية، فضل عدم ذكر اسمه، أن صدور المذكرة الإلزامية رقم 100 ، يأتي في إطار سهر الوزارة على احترام المقررات المعتمدة من طرفها، ومن ذلك مقررات مادة التربية الإسلامية التي طالتها تنقيحات هذه السنة بسبب تعارض بعض الدروس مع المذهب والعقيدة اللتين يتبعهما المغرب، نافيا علمه بوجود مقررات لمواد أخرى تشكل خطرا على الأمن الروحي للتلميذ. إلى ذلك دعا بيان المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، توصلت «المساء» بنسخة منه، إلى رصد كل المضامين التي قد تؤدي إلى الانحراف الديني والمذهبي أو نشر الانحلال العقدي والخلقي في كل الكتب المدرسية الحاملة للقيم، تفاديا لأي تصادم أو تعارض مع الهوية الدينية المغربية، وتستدعي بدلا من ذلك تعبئة كافة الوسائل المؤثرة في المجتمع، وخاصة وسائل الإعلام، لتعزيز الثوابت الدينية والوطنية دعما لجهود المدرسة وإسهاما في تكوين البيئة المناسبة، مؤكدا على أن إسهام مادة التربية الإسلامية في صيانة الشخصية المغربية وترسيخ قيمها وثوابتها، يتطلب تحسين شروط اضطلاعها بهذه المهمة، والذي لن يتم إلا بمعالجة التعثرات التي تعرفها، ومن ذلك ضرورة إسناد تدريس المادة إلى أساتذة متخصصين وليس إلى ضعيفي التكوين، وإلى وضع حد لإقصاء أساتذة المادة من سلك التبريز، والعمل على فتح شعبة التربية الإسلامية بكل المراكز التربوية الجهوية والمدارس العليا للأساتذة ومركز تكوين مفتشي التعليم.