انطلقت في الآونة الأخيرة عملية مراجعة لمناهج التربية الإسلامية، وتم العمل على إحداث لجنة لذلك على مستوى وزارة التربية الوطنية، وفي الوقت نفسه كشفت يومية الجريدة الأولى عن وجود رسالة ملكية تدعو إلى تعزيز موقع التربية الإسلامية وتقوية دورها في التربية على الثوابت الدينية للمغرب، وهو توجه سبق التعبير عنه في محطات عديدة، انطلقت مع إطلاق التجربة الجديدة للمجالس العلمية قبل حوالي خمس سنوات، وجرى الحديث آنذاك على تمتين التربية الإسلامية، لكن تجربة هذه السنوات الخمس كشفت عن مسار مضاد انطلق بالانقلاب على مقررات الكتاب الأبيض الخاص بالمناهج؛ لنعود اليوم إلى نقطة الصفر. الواقع أن نجاح اللجنة المحدثة يقتضي التوقف عن عملية الانقلاب التي تمت وأدت إلى إضعاف موقع التربية الإسلامية بشكل جسيم في عهد الوزير السابق، وذلك في التعليم الثانوي التأهيلي بشكل مباشر، والتي نقدم عليها خمس مؤشرات: - تم تخفيض حصص التربية الإسلامية إلى النصف بالنسبة للثانوي التأهيلي، وذلك من أربع إلى حصتين في الأسبوع بالنسبة للشعب الأدبية، ومن حصتين إلى حصة واحدة بالنسبة للشعب العلمية، وذلك بدءا من الموسم الدراسي 2005/2006, ضدا على ما تقرر في الكتاب الأبيض المؤطر لهذه العملية. - على مستوى المقررات؛ تم إعطاء موقع غير قانوني لمرصد القيم في مراقبة المقررات، خاصة في ظل تحرير عملية تأليف الكتاب المدرسي، والتمكين لشخصيات مهووسة ضد التربية الإسلامية في هذه الهيئة، فضلا عن آثار تقليص الحصص إلى إحداث تشوهات في المقررات، حتى إن إحدى الشعب العلمية تجد نفسها وطيلة المقرر معنية بدراسة مواد رياضة تهم علم المواريث فقط أمام ضعف كلي للدور التربوي للمادة، هذا دون ذكر محدودية برامج التكوين المستمر، حيث يطبق الأستاذ مقررات جديدة بأدوات بيداغوجية قديمة. - إخراج مادة التربية الإسلامية من الامتحان الوطني وإبقاءها فقط ضمن المراقبة المستمرة والامتحانات الجهوية، مما أضعف الاهتمام بها، وحال دون دعم دورها في التعليم العالي بالرغم من أن هناك مسالك وشعب مرتبطة بها كالدراسات الإسلامية. - قلة المناصب المالية المخصصة لأساتذة المادة، مما نجم عنه خصاص مهول في الموارد البشرية المؤهلة لتدريس المادة، بحيث بدأ اللجوء إلى أساتذة تخصصات أخرى بلغت في حالات أساتذة التربية البدنية، فكيف نريد من أستاذ للتربية البدنية أن يدرس المذهب المالكي. - تراجع في الكفاءات المخصصة للتفتيش المدرسي، وذلك بسبب إغلاق مركز تكوين المفتشين لمدة طويلة، وعند فتحه لم يتم إدراج مادة التربية الإسلامية، وإذا ما أضفنا إلى ذلك الآثار السلبية للمغادرة الطوعية؛ فإن فرص تأهيل تدريس المادة تبقى جد محدودة. ليس ما سبق سوى خمسة أعطاب أفرغت دعوى النهوض بتدريس المادة من مضمونها في السابق، ونخاف أن يتكرر الأمر نفسه هذه المرة.