احتضن مسرح محمد السادس، مساء يوم الخميس 29 أكتوبر، سهرة فنية أحيتها الفرقة السمفونية الألمانية ببرلين، رفقة الثلاثي المغربي «ابن باجة»، المكون من الفنان والباحث الموسيقي عبد السلام الخلوفي وعازف القانون التهامي بلحوات وعازف الناي سعيد النوير. وتضمن الحفل ثلاث فقرات أساسية، عزفت في أولاها الفرقة الألمانية مقطوعات موسيقية للمؤلف العالمي موزارت (1756-1791) وفي ثالثتها قدمت معزوفات للويس سبور (1784-1859). وكانت مفاجأة السهرة العرض المشترك الذي قدمته الفرقة الألمانية رفقة الثلاثي المغربي، حيث عزف الجميع مقطوعات من نوبة الاستهلال، في انسجام كلي أبهر الحضور الذي غصت به جنبات المسرح. وعن هذه البادرة، صرح الدكتور شليس من القناة الألمانية DW: «لقد دعمنا هذا العمل رفقة وزارة الخارجية الألمانية ومؤسسة غوته لتحقيق هذا التلاقي الموسيقي، الذي يشجع على التقارب وفهم الآخر بصفة أكبر، وهذه ليست أول تجربة مع «بوليفونيا» التابعة للفرقة السمفونية الألمانية ببرلين، فقد سبق لهم الاشتغال على مشاريع مشابهة في ألبانيا وكوسوفو ومقدونيا، واليوم نشتغل مع فرقة مغربية حقيقية، إنه عمل رائع». أما الفنان والباحث المغربي عبد السلام الخلوفي، فصرح ل«المساء» بخصوص هذه التجربة بقوله: «المسألة بدأت باقتراح من الدكتور شليس، تحمست للمشروع، وبدأت للتو في التحضير له، حيث اخترنا الاشتغال على معزوفات وصنعات من نوبة الاستهلال، وهي تنسب للحاج علال بطلة، أحد أعلام الموسيقى في العهد السعدي، وكان الاختيار ينطلق من كون المقام الموسيقي لهذه النوبة ينسجم كلية مع السلم العالمي الكبير «Majeur». بعثت المدونات الموسيقية إلى رئيس الفرقة، وعند حضورهم كان لنا لقاء ساعتين قبل العرض، لإجراء التمرين النهائي، وكل شيء مر على ما يرام كما لاحظتم، لأن الموسيقى لغة يتكلمها الجميع». وبخصوص ما تمثله له هذه التجربة، أضاف الخلوفي: «هي عودة لاستحضار ذلك التلاقي الثقافي الذي شهدته أندلس العصر الوسيط، والذي قدم النموذج على التسامح وقبول الآخر، خاصة وأنه بين موسيقى الآلة والموسيقى الكلاسيكية كثير من التقاطعات، سواء على المستوى النغمي، المقام الكبير والصغير، أو في ما يتعلق بمراحل الأداء التي تكاد تكون متطابقة، الافتتاحية /البغية في الآلة، Lento/ المصدر، Andante/ القنطرة، Alegro/ الانصراف». وصرح رئيس فرقة «بوليفونيا» ل«المساء» بقوله: «هي تجربة موسيقية وإنسانية عميقة، مكنتنا من التعرف على موسيقى عريقة، دقيقة في نظامها، سعدنا كثيرا بالمشاركة مع الفرقة المغربية المحترفة، ونرجو أن نكون قد وفقنا في هذا العمل، الذي سيبقى موشوما في ذاكرتنا، ولا شك أنه سيفتح لنا آفاق الاشتغال على مشاريع أخرى مشابهة، تمكننا من الاكتشاف والاستمتاع». وخلال المؤتمر الصحافي، قال الصحافي في إذاعة «دويتشه فيله» منصف السليمي إن القسم العربي للإذاعة الألمانية أضحى يعتمد سياسة جهوية تركز على تغطية مختلف مناطق العالم العربي ولا تكتفي بالتركيز على بؤر التوتر فقط، موضحا أن اهتمام مؤسسة دويتشه فيله بمنطقة المغرب العربي نابع من الخصائص المميزة لهذه المنطقة التي تجعل منها شريكا قويا لأوربا. رعاية الإذاعة الألمانية لهذا النشاط الفني نابع من كونها تؤمن بدور التبادل الثقافي في التقريب بين الشعوب، مضيفا أن الإذاعة دخلت في شراكات مع 39 إذاعة محلية عربية وأنها تسعى إلى تطوير تعاونها مع إذاعات مغربية حتى يتسنى للمستمعين المحليين التقاطها على موجة «الإف إم». وخلال المؤتمر نفسه، الذي حضره بعض شركاء المشروع، أثير الحديث حول مشاريع مشتركة بين المغرب وألمانيا كبرنامج «الصالون الثقافي» الذي تقوم بإخراجه قناة «المغربية» بالتعاون مع تلفزيون دويتشه فيله، كما أثير موضوع تكوين مؤسسة «دويتشه فيله» لبعض الصحافيين الإذاعيين المغاربة بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل للموسيقى ينشطه فنانون ألمان. ومعلوم أن الفرقتين قدمتا نفس العرض. يوم الثلاثاء الفارط، بمسرح المكتبة الوطنية بالرباط، وحضر العرضين العديد من المهتمين والفنانين، وكذا سفير ألمانيا بالرباط.