وفد عن مجلس الشيوخ الفرنسي يشيد بالطفرة التنموية بالداخلة    مشروع قانون الإضراب.. الحكومة مستعدة للقيام ب "تعديلات جوهرية" استجابة لمطالب الشغيلة (السكوري)    كأس السوبر الإسبانية.. برشلونة إلى النهائي على حساب أتلتيك بيلباو    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة .. السيدة فاطمة الزهراء المنصوري تقوم بزيارة ميدانية وتوقع أربع اتفاقيات    المجلس الرياضي الإسباني يوافق على مشاركة أولمو مع برشلونة    المغرب يقلب الطاولة على أمريكا ويتأهل لنصف نهائي مونديال دوري الملوك    ملف تجريد مستشارين من العضوية    لقاء يجمع مسؤولين لاتخاذ تدابير لمنع انتشار "بوحمرون" في مدارس الحسيمة    ناسا تعدل خططها لجلب عينات صخرية من المريخ    عبور أول شاحنة بضائع لمعبر باب سبتة تمهيدا لبدء نشاط الجمارك    ضمنهم سيدتان.. تفكيك شبكة ل"السماوي" متورطة في سرقة مجوهرات من الضحايا    "الضحى" و"مجموعة CMGP" يهيمنان على تداولات البورصة    السجن المحلي لطنجة يتصدر وطنيا.. رصد 23 حالة إصابة بداء "بوحمرون"    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. وست هام يقيل مدربه الإسباني خولن لوبيتيغي    "الباسبور" المغربي يمكن المغاربة من دخول 73 دولة بدون "فيزا"    عطية الله يخضع لجراحة في الوجه            الإعفاءات الجزئية لفائدة المقاولات المدينة: فتح استثنائي لقباضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يومي السبت والأحد    تسبب له في عجز تجاوز 20 يوميا.. السجن لمتهم بتعنيف والده بالحسيمة        ديديه ديشان يؤكد نهاية مشواره التدريبي مع المنتخب الفرنسي بعد مونديال 2026    أوجار: البطالة نتاج لتراكم سنوات والحكومة ستعبئ جميع الوسائل لمواجهتها    "البيجيدي" يتنصل من موقف مستشارته الرافض لتسمية شارع في فاس باسم آيت يدر ويصفه ب"الموقف الفردي"    إصدار العدد الثاني من مجلة الإيسيسكو للغة العربية    إيران تطلق سراح صحافية إيطالية    الصحة تنتفض ضد الأزمة.. إضراب وطني يشل حركة المستشفى الحسني الأسبوع القادم    استعدادات لميلاد مؤسسة عبد الله اشبابو للفكر والثقافة بمدينة طنجة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    "عجل السامري" الكندي: تأملات فلسفية في استقالة ترودو    بنسعيد: الدعم الاستثنائي لقطاع الصحافة والنشر سينتهي في مارس المقبل بعد تفعيل المرسوم الجديد ذي الصلة    قريباً شرطة النظافة بشوارع الدار البيضاء    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    عشرات الشاحنات المغربية تتعرض لإطلاق نار في مالي    ترامب ينشر خريطة جديدة للولايات المتحدة تضم كند    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    عامل إقليم السمارة يشيد بأهمية النسخة الثامنة لمهرجان الكوميديا الحسانية    مولاي إبراهيم الشريف: مهرجان مسرح الطفل بالسمارة يعزز بناء جيل مثقف    بنسعيد: الدعم الاستثنائي للصحافة بلغ 325 مليون درهم خلال سنة 2024    حريق كارثي يُهجّر آلاف الأسر والسلطات الأمريكية تستنفر    المغرب يسجل أدنى مستويات المياه السطحية في إفريقيا خلال عام 2024    توظيف مالي لمبلغ 1,6 مليار درهم من فائض الخزينة    منظة الصحة العالمية توضح بشأن مخاطر انتشار الفيروسات التنفسية    ارتفاع أسعار النفط وسط تقلص إمدادات    نجم موسيقى الستينيات "بيتر يارو" يرحل عن 86 عاما    "الصدفة" تكشف عن صنف من الورق العتيق شديد الندرة    وزير الخارجية الفرنسي: عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا قد تُرفع سريعاً    ترامب يطالب حلف "الناتو" بالسخاء    إسرائيل تقتل 51 شخصا في قطاع غزة    تأجيل محاكمة إسماعيل الغزاوي إلى 15 يناير وسط دعوات حقوقية للإفراج عنه    أوجار يدعو الوزراء إلى النزول للشارع ويتحدث عن نخبة اقتصادية "بورجوازية" ترتكب جريمة في حق الوطن    كأس الرابطة الانجليزية.. نيوكاسل يقترب من النهائي بتغلبه على مضيفه أرسنال (2-0)    مواجهة تفشي بوحمرون يجمع مسؤولي الصحة والتعليم بالحسيمة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرقة عبد الحليم نويرة بقيادة المايسترو غباشي . .الطريق إلى قراءة الأصالة في الإبداع العربي الموسيقي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 23 - 02 - 2010

في الستينيات كان العالم العربي شيئاً وشأناً آخرين من الماء إلى الماء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية كذلك. وبخصوص هذه الواجهة الأخيرة، كانت الأذان تشتغل أكثر بالإنصات إلى ما يجري هنا وهناك عبر الأثير الذي تسيدت فيه الإذاعات المشرقية وفي طليعتها صوت العرب مع الجلجلات الصوتية للإذاعي أحمد سعيد، كما أن السهرات الكلثومية (وبعدها عائشة حسن وهدى سلطان) وبعدها الحافظية كواجهة للاهتمام بالطرب العربي الموحِّد الأقوى لمشاعر ومشاغل الإنسان العربي آنذاك في محنه وتقلباته وحروبه من أجل استكمال الحرية وترسيخ القومية ومحاربة الاستعمار والصهيونية...
هي نفس الفترة التي صعدت فيها القيمة الفنية للمسرح البلدي لمدينة الدار البيضاء عالياً حيث كان هذا الفضاء المأسوف عليه رَحبا رُحباً بالتدفقات الفنية المشرقية العربية والغربية شرقيها وغربيها والأمريكية شماليها وجنوبيها والافريقية نفسها، والتي كانت تتسلل عبر أوربا الغربية نظراً للهيمنة الاستعمارية عليها آنذاك...
في هذه الأجواء »يهبط« علينا اسم عبد الحليم نويرة قائداً أوركسترالياً فريداً من نوعه في العالم العربي عندما كانت الموسيقي والطرب المغربيان آنذاك في أوج العطاء مع العمالقة التاريخيين وفي طليعتهم الرائد أحمد البيضاوي رحمه الله وفرقة الإذاعة الوطنية برجالاتها الأفذاذ رحمهم الله... وأطال في عمر الباقين...
كان من الصعب ساعتها أن نعرف معنى الفريق الأوركسترالي العربي في زمن كان التخت هو السائد محدوداً في الناي والعود والقانون والدف إلخ...، لكن الأدوات الهارمونية والانصياع للكتابة الموسيقية ودخول آلات جديدة كالبيانو والأكورديون وتوابعهما الفيلارمونية المنفوخة والملموسة والوترية والمنقورة والطبلية إلخ... كانت أشياء وتقنيات غير معهودة في استمالة الذائقة العربية.
وبعد العديد من الأسئلة حول هذا الوافد الجديد، وجدت في مكتبة صغيرة بزنقة كليمانسو في قلب فضاء لاكوميدي، حيث مقر سكناي آنذاك وهو فضاء المسرح البلدي كذلك... وجدت وبتزامن مع حلول فرقة عبد الحليم نويرة أسطوانات مرفوفة على الواجهة وفوقها إعلان بالفرنسية: »هنا تباع أسطوانات فرقة عبد الحليم نويرة...« وهي مكتبة متواضعة لأسرة روسية مقيمة بنفس الحي مختصة في بيع الإنتاج الثقافي الأوربي الشرقي...
وفيما كنت أتصفح منشوراً بالعربية والروسية حول هذا الإنتاج الجديد، فوجئت بدخول المجاهد علي يعتة رحمه الله رفقة زوجته وطلبا إلى شابة زعراء إطلاق العنان لإحدى الأسطوانات المعروضة فذهلت في البداية للمستوى الأوركسترالي الراقي وتساءلت: هل هذا العمل سيعرض مساء غد في المسرح؟ فبادرتني الشابة قائلة بفرنسية ملثوغة: اسأل ذلك الرجل الجالس هناك مع أمي في الجانب الأيمن للفترينة فبادرني الراحل يعتة: إن صاحب هذه الأسطوانة هو ضيف المغرب مغرب الأحرار... فقدمني له وكنت ساعتها أشتغل في جريدة »الكفاح الوطني« كمتعاون عندما منعت جريدة »التحرير«...
أجريت مع عبد الحليم حواراً صحفيا طويلا وعلمت من خلاله أنه تلقى تعليمه الموسيقي العالي بموسكو في إطار تبادل ثقافي بين مصر وروسيا (يا زمان العدوان الثلاثي!!!) لمدة أربع سنوات رجع بعدها إلى مصر ليكون جيلا من العازفين الممتازين تكويناً علمياً وفنياً يشهد بهما محتوى هذه الأسطوانة الذي رفعني ساعتها الى عوالم العمالقة: هايدن، باخ، البينوني، سترافينسكي إلخ... فقلت: مرحى لقد انطلقت الموسيقى العربية إلى العالمية وتجاوزت هويتها التختية والطقطوقية إلخ...
أيام العرض بالبيضاء والرباط، كانت مشهودة سواء في استعراض الرصيد العربي والمصري على الخصوص في أوج عطائه أو في مماهات خالدات العظماء من المؤلفين الغربيين.
الأستاذة رتيبة الحفني، مديرة دار الأوبرا مغرمة بالتراث العربي الأصيل، لكنها في توقانها لأزمنة النهضة الموسيقية العربية أرادت أن تظل وفية لرواد التجديد وفي طليعتهم المرحوم عبد الحليم نويرة الذي أطلقت اسمه على الأوركسترا العظيمة المنتمية لدار الأوبرا اليوم تحت قيادة الفنان غباشي الذي يدرك جيداً معنى تسمية الفرقة بقيمة فنية من حجم عبد الحليم نويرة. وإنها لعمري لفرقة عرفت وتعرف كيف تحافظ للموسيقى العربية على طهارتها ونبلها وأصالتها في إطار فيلهارموني راق، كما سبق لي أن عشت ذلك شخصياً بالقاهرة سنتي 2006 و 2009 بمسرح دار الأوبرا حيث سقيت روحي من روائعها سواء في المقطوعات والمؤلفات الارتدادية التي تخلد إنتاج عباقرة التلحين العربي قديمه (الأصول) أو في حديثه حيث تؤطر أصواتاً جديدة وأنامل عازفة شابة تشرإب نحو مستقبل زاهر...
إنني واثق من أن المايسترو غباشي سوف يرفعنا إلى زمن نويرة رحمه الله ويسخن جوانحنا في هذه الأمسية الباردة وفي هذا الزمن الذي يخنق أنفاس أصالة الموسيقى العربية.
وأتذكر أن الراحل أحمد البيضاوي كان مندساً بين جمهور المسرح البلدي ساعة عزف أوركسترا نويرة لمقطوعة من أعمال محمد عبد الوهاب، فقال لي رحمه الله بتأثر بالغ: كم أتمنى أن أكون قائداً لهذه الفرقة الرائعة أو على الأقل عازفاً على العود أمام قائدها العظيم نويرة!
وفي نفس الأسبوع، أقام المسرح البلدي حفلا موسيقياً أحيته فرقة الإذاعة الوطنية برئاسة الفنان أحمد البيضاوي وكان المرحوم نويرة قابعاً في لوج فوقي مع بعض الصحفيين والفنانين وهو يصيخ السمع بإعجاب. وعندما »شخد« السي أحمد تنهد عبد الحليم وقال: كنت أتمنى أن أكون قائد هذه الفرقة المزدانة بعزف راق وصوت رائع لسيدي أحمد البيضاوي!....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.