احتضنت 6 فضاءات في الهواء الطلق بمدينة سلا الأنشطة الثقافية والفنية للمهرجان الرمضاني الأول، الذي اختتم يوم أمس والذي يشرف عليه المجلس الجماعي المنتخب قبل شهرين تقريبا. وقد تنوعت أنشطة المهرجان ما بين فقرات ثقافية وأخرى فنية، فقد شهد ملعب أبو بكر عمار حفلا غنائيا ضم مجموعة تكادة وأغاني الرواد مع جوق الجمعية الثقافية للمكفوفين، فيما احتضنت مقاطعة المريسة المجموعة العيساوية برئاسة المقدم عبد الإله الدكالي، وأقيمت بفضاء تابريكت ليلة منشد الملحون الراحل بنعاشر العايدي، وفي مقاطعة أخرى قدمت مجموعة الفجر لفنون كناوة ليلة تحمل اسم الجمعوي الراحل مصطفى العسري، كما أحيت فرقة جيل جيلالة بملعب أبوبكر عمار بسلا ليلة رمضانية فنية في إطار النسخة الأولى من مهرجان رمضان سلا. وخلال هذه الحفلة، أبت فرقة جيل جيلالة إلا أن تنبش في ذاكرة الحضور، من خلال إصرارها على أداء الأغاني الأولى التي ألفتها سنوات السبعينيات الثمانينيات من القرن السابق مثل أغنية «الكلام المرصع» و«الشمعة» و«نور الهدى». هذه النوستالجيا تفاعل معها الجمهور الذي حضر العرض الفني بانجذاب وفعالية لأنها أحيت فيه سنوات جميلة من عمره، وأيقظت بداخله أحاسيس مر عليها أزيد من ربع قرن من الزمن. بالإضافة إلى الشباب الذين يؤثثون عادة لمثل هذه المناسبات، ما يميز هذه الليلة الفنية هو التواجد الكثيف لجمهور راشد تجاوز بكثير مرحلة الشباب وانفعاله مع أداء أغاني جيل جيلالة. فعلى امتداد أزيد من ثلاث ساعات عاش جمهور الشباب والراشدين معا على نغمات جميلة وأصيلة مستلهمة أساسا من التراث المغربي الغني. وبفضاء خزانة عبد الرحمان حجي، نظم بيت الشعر لقاء أدبيا مفتوحا مع الشاعر حسن نجمي حول الشعر الشفوي بالمغرب مساء يوم الأربعاء المنصرم. خلال هذا اللقاء المفتوح، الذي حضرته إلى جانب الشاعر حسن نجمي أسماء فكرية وازنة مثل القاص إدريس الخوري والشاعر الزجال مراد القادري وحسن البحراوي إلى جانب آخرين، أكد حسن نجمي بأن «الشعر الشفوي أو ما يعرف لدى الأوساط العامة بكلمات أغاني العيطة لم ينل ما يستحقه من الدراسة الأكاديمية ولازال البحث فيه جنينيا، وذلك لأن الباحثين والمؤرخين أداروا ظهرهم لهذا النوع من الأدب الشعبي ولفن العيطة على العموم لسنوات طوال» وقد أرجع نجمي أسباب هذا الإهمال أو السكوت إلى «كون النظرة الأكاديمية إلى هذا النوع من الفنون كانت تغطيها الدونية بحيث وإلى حدود عشر سنوات خلت كان يعتبر فنا خاصا بالطبقات السفلى من المجتمع». ويعتبر حسن نجمي الشعر الشفوي «فنا له أصول تاريخية على الرغم من عدم وجود مؤلف خاص بكل قطعة أدبية، وهذه المجهولية هي التي ساعدت على انتشار وصمود الفن الشفوي البدوي، لأنه ليس ملكا أو حصرا على شخص معين، بل هو ذاكرة جماعية تؤرخ لمرحلة أو حقبة أو لحظة مميزة». ميزانية المهرجان بلغت 700 ألف درهم بتمويل كلي من المجلس الجماعي لسلا والمقاطعات الست التابعة له. ولضمان عمل منتظم وشروط مريحة لإقامة مهرجان رمضان لمدينة سلا، أعلن عمدة المدينة، والرئيس المؤسس لهذه التظاهرة الفنية والثقافية، نور الدين الأزرق، خلال حفل الافتتاح، بفضاء البرج الكبير، أنه سيتم إنشاء مؤسسة خاصة بالمهرجان، مضيفا أن المراد من هذه التظاهرة هو تحرير الديناميات الإبداعية وتوفير فرص العمل والتداول في الأسئلة الثقافية والفنية والاجتماعية. ويبدو أن شهية مجلس مدينة سلا انفتحت على المهرجانات الثقافية، بحيث ذكر العمدة أن المجلس مقبل على إحداث مهرجان آخر يحمل اسم «مراكب» ويختص بفنون وثقافة وتقاليد المدن الواقعة على مصبات الأنهار الكبرى في العالم. وارتباطا بالمهرجان الرمضاني، يلاحظ أن من محاوره الأساسية الاحتفاء بالأحياء والأموات من المبدعين والمثقفين والجمعويين والفنانين، إذ تم خلال حفل الافتتاح تكريم 4 وجوه هم الفنان المسرحي والممثل محمد الجم، وقيدوم المسيرين الرياضيين بمدينة سلا محمد بنغموش، وقيدوم المستشارين الجماعيين بالمدينة ذاتها إبراهيم أونجيم، والعازف والباحث الموسيقي التهامي بلحوات.