من حسنات الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في حلتها المدنية، انخراط مكونات السلك الديبلوماسي في المشهد الكروي، ففي كل سفارة يتأبط موظف بشؤون المنتخب الوطني لكرة القدم، ملفا يتضمن برنامج المباريات وأعضاء الطاقم التقني والتصنيف الدولي ولائحة بأسماء اللاعبين وعناوين الأجهزة الرياضية والملاعب، وكل البيانات التي تهم منتخب البلاد، يحمل هذا الموظف صفة ملحق رياضي على غرار بقية الوظائف المرتبطة بالتمثيليات الديبلوماسية، كالملحق العسكري والثقافي.. أصبحت السفارات أشبه بالعصب، ولا يستبعد أن يكون تعيين كريم العالم مسؤولا عن لجنة العلاقات الخارجية إشارة لعلاقة جديدة بين الجامعة والمؤسسات التابعة لوزارة الخارجية، يكفي إخضاع الملحقيين الرياضيين بالسفارات لتكوين بسيط حول تقنيات الكرة ومبادئ التحكيم وقوانين اللعبة والعلاقة مع الأجهزة الحاكمة لكرة القدم، لتصبح لدينا قوة دعم ديبلوماسية قادرة على تعبيد طريق المنتخب في مختلف المواجهات، ويمكن أن نعفي من هذا التكوين عبد القادر لشهب سفير المغرب في موسكو الذي كان لاعبا للوداد البيضاوي، وعبد الإله ريان سفيرنا في كينيا ولاعب الرجاء البيضاوي السابق. حين حل الناخب الوطني حسن مومن بمطار بروكسيل، وجد في استقباله طاقم سفارة المغرب في بلجيكا، وقبل أن يفسر لمستقبليه سر الزيارة، تسلم تقريرا مفصلا عن تحركات المحترفين المغاربة والهواة في بلجيكا وعناوينهم ونزواتهم، نفس حالة التعبئة عاينها مدرب المنتخب الوطني في هولندا والدول التي زارها في جولته الأوربية. قبل سفريات المنتخب المغربي إلى الكاميرون والطوغو ثم الغابون، ظل خط التواصل مفتوحا بين الجامعة الملكية المغربية وسفارات المغرب في هذه الدول الإفريقية، من أجل تبادل المعلومات وتجميع أكبر قدر من المعطيات، لكن البعض يعتقد أن السفراء يحشرون خياشيمهم في الكرة، لكن تبين أنهم ينفذون تعليمات وزارة الخارجية ويحاولون ترضية الوزير الطيب الفاسي الفهري شقيق رئيس الجامعة علي الفاسي الفهري. ولأن السفراء يحاولون في الآونة الأخيرة اختراق قلب وزيرهم، بتدليل الصعاب أمام المنتخبات الوطنية، وتقديم خدمة غير ديبلوماسية لآل الفهري، فإن وجود رجالات السفارة في كل تحركات الجامعة أصبح أمرا مألوفا ولا يحتاج إلى تأويل ووجع دماغ، بل إن العديد من السفارات والقنصليات قد وضعت الكرة على قائمة انشغالاتها بدل الاهتمام بمشاكل الحاركين ومهاجراتنا اللواتي يرفعن رجل المغرب عاليا، لأن زيارة الفريق الوطني إلى بلد ما تعتبر امتحانا شفويا لقدرات السفير وكفاءته، وعند الامتحان يعز السفير أو يهان. بالأمس لم يكن السفراء والقناصلة يهتمون بزيارات الأندية والمنتخبات، وفي أفضل الأحوال يكتفون بتعيين موظف للقيام باللازم، وفي نهاية الرحلة غالبا ما يرسلون بعض الأمتعة إلى ذويهم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بسفر على متن الطائرة العسكرية. في عهد الجامعة السابقة كان العساكر في خدمة الكرة، ولم يكن السفراء يكلفون أنفسهم عناء الجلوس في منصات الملاعب، لذا ناب عنهم إداريو الأندية والمنتخبات في حل كثير من المشاكل، فتحول العربي كورة إلى سفير فوق العادة أثناء خوض الوداد لمباراة نهائية في كوماسي الغانية سنة 2002، وقدم سعيد بوزرواطة إداري الرجاء أوراق اعتماده لسلطات مدينة غاروا الكاميرونية، حين لعب الرجاء مباراة نهائية كأس الاتحاد الإفريقي سنة 2003. جميل أن يتعبأ سفراؤنا لخدمة المنتخب الوطني، لكن أخشى أن يكون الدافع هو الإسم العائلي لرئيس الجامعة، وليس حب الوطن.