سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هند مكروح ابنة اللاعب الدولي بابا صاحب الإصابة الأسطورية التي منحت المغرب كأس إفريقيا الوحيد في تاريخه تتحدث عن جوانب من حياة والدها كان مثالا للأب الواعي بمسؤوليته تجاه أبنائه وعائلته كما كان رمزا للتضحية
في منزل أشهر لاعب مغربي في تاريخ كرة القدم الوطنية، صاحب القدم التي كانت وراء إحراز المغرب على أول وآخر كأس إفريقية، التقت «المساء» الشابة هند مكروح وسط أفراد عائلتها، وأجرت معها دردشة خفيفة حاولت خلالها أن تجيب عن أسئلة «المساء» بعناية وأن تختار ألفاظا تبوح بعاطفة جياشة وهي تتذكر الفرحة التي غرسها الأب في قلوب الملايين وتقاسمتها معهم الزوجة والأبناء. عند انطلاق أفراح المغاربة بالفوز بكأس افريقيا سنة 1976 بأديس أبابا، كانت هند ابنة احمد مكروم الملقب ب»بابا» تبلغ من العمر خمس سنوات، ورغم مرور كل هذه السنين، فالابنة لم تستطع أن تنسى تلك اللحظات التي اعتبرتها أحلى ذكرى في حياتها. من خلال هذه الدردشة سنبحر مع هند ابنة اللاعب بابا رب الأسرة نحو الذكريات الراسخة في ذهنها. وقد حاولت «المساء» أن تنبش في واقع ما عاشته هذه الأسرة من فرح الفوز والتتويج وأيضا معاناة تحكيها الابنة بنبرة من الألم والحسرة والمرارة بسبب عدم تلقي والدها أي وسام ملكي طيلة هذه السنوات في وقت تعاقبت فيه جيوش من المحسوبين على الرياضة وهم يوشحون دوريا بأوسمة لم يقدموا مقابلها شيئا يذكر كما قدمه والدها لفائدة الكرة المغربية وتاريخها. - من تكون ابنة بابا صاحب إصابة 76 التي منحت المغرب كأس إفريقيا؟ > أولا إسمي هند مكروم، موظفة بمركز الحليب بالجديدة، ابنة اللاعب احمد مكروم الذي آثر الناس أن يلقبوه ب«بابا» نسبة إلى مدينة أديس أبابا التي شهدت اللقاء التاريخي بين المنتخب الوطني ونظيره الغاني، اللقاء الذي انتهى لصالح المغرب بفوزه بكأس إفريقيا للأمم والذي لا زال يعتبر إنجازا أسطوريا على اعتباره الكأس الوحيد المسجل لكرة القدم الوطنية. - كيف تنظرين إلى الوالد بالأمس واليوم؟ > أنا أفتخر بوالدي منذ طفولتي، فقد ظل دوما مثالا للأب الواعي بمسؤوليته تجاه أبنائه وعائلته وكان رمزا للتضحية والنضال رغم ارتباطه بالرياضة، كما ظل دائما يعتني بأحوالنا ولم نشعر منه بأي تقصير تجاه متطلبات الحياة. - بالنسبة إلى مسيرتك الدراسية، هل كان له دور المواكبة والمراقبة أم أنه كان يرمي بالمسؤولية إلى والدتك؟ > بالعكس تماما، فقد كان يتابع كل صغيرة وكبيرة، كان مهتما بكل أمورنا الدراسية كما كان مهتما بكل شيء فلم يكن يفوت ولو مناسبة دون أن يقدم لنا فيها الهدايا، وقيمتها تكون حسب مردوديتنا الدراسية. كان يحرص على أن نحصل على أحسن النتائج. بالنسبة إلي كان يقول لي دائما أريدك أن تغلبي الأخلاق على كل الاعتبارات الأخرى وأن تكوني قدوة ومثالا في كل شيء. - أهم ذكرى عشتها مع الوالد؟ > رغم أنني لم أتجاوز وقتها الخمس سنوات، فإن الفوز بكأس إفريقيا كان وظل أحلى ذكرى في حياتي، فلن أنسى الفرحة التي شاهدتها بين أفراد عائلتي وبين المحيطين بي، فحتى الغرباء كانوا يحسنون معاملتي بمجرد ما إن يعلموا أنني ابنة اللاعب بابا. - كيف تجدين الأمر الآن بعد مرور كل هذه السنوات وسط المؤسسة التي تعملين بها ووسط معارفك؟ > في مركز الحليب معظم زملائي من مسؤولين وعمال وعاملات ينادونني بنت سي احمد ويكررون أمام مسامعي بنت بابا، وهذا يثلج صدري ويجعلني أحس بالفخر بما أنجزه والدي. - علاقتك بوالدتك؟ > جواب: صدقني أنا راضية على الدور الذي قامت به والدتي نحو والدي، فقد كان يخبرني دوما أنها كانت سنده خلال التداريب وكل البرامج الإعدادية للمقابلات الرسمية. ولذلك فأنا أتخذها مثلي الأعلى وآمل أن أكون صورة منها على ما قدمته من خدمات جليلة لي ولوالدي ولأخوتي. - والدك أعطى لكرة القدم الوطنية الشيء الكثير، فهل منحته الكرة عوامل الاستقرار؟ > لا أعتقد ذلك، فاللاعب بابا لم يكن يحصل على المقابل ولو حتى المعنوي. تخيل معي أن بابا تتغنى به كل الأجيال منذ 76 تاريخ تسجيله للإصابة الأسطورية التي منحت المغرب كأس إفريقيا، ولم يستدع ولو مرة واحدة للحصول على وسام ملكي من أية درجة، في الوقت الذي نشاهد فيه جيوشا من أشباه أبطال لم نسمع عنهم أي إنجاز يوشحون بأوسمة من مراتب مختلفة، ما يدفعني إلى التساؤل دوما عن سبب حرمان والدي من تكريم يستحقه، وبالتالي فمن خلال هذا المنبر فأنا أوجه النداء لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لإعادة الاعتبار إلى والدي عبر توشيحه بوسام ملكي كاعتراف رمزي بما أسداه للرياضة المغربية. - ولكن حصلتم مؤخرا على «اكريمة» تخص حافلة للنقل العمومي؟ > وأنا أقول لك صدق أولا تصدق، فلا أحد طرق بابنا من أجل استغلال هذه الكريمة، فالخط الممنوح بالترخيص يخص مسلكا طرقيا ينطلق من الناظور ويمر عبر الرشيدية، فهل تعتقد أننا سنكون قادرين على استغلال خط يبعد عن الجديدة بمئات الكيلومترات، نحن فخورون بهذه الالتفاتة رغم أنها جاءت متأخرة، لكننا وجدنا صعوبة كبيرة في تفعيلها. وأنا أصرح من جديد أن التشريف بالوسام الملكي يبقى هو أهم تكريم وعطاء ننتظره لرد الاعتبار لوالدي والاعتراف له بالجميل بما حققه من إنجازات. - وعلى المستوى المحلي، هل هناك من التفاتة؟ > طيلة عقود من الزمن ظل والدي يستدعى إلى الاحتفالات الرسمية ليستغل كواجهة إعلامية ليس إلا، وكل ما يربحه من ورائها هو كثرة الصور رفقة منظميها من عمال ومسؤولين ولم يحظ ولو بالتفاتة واحدة تهتم بوضعه المادي والاجتماعي. بل العكس هو ما كان يحصل، فمرة أتذكر أن والدتي قصدت مدير ديوان العامل ليبرمج لها لقاء مع المسؤول الأول عن الإقليم لكن هذا الأخير رفض. فبالرغم من شهرة والدي لا أحس الآن بأي تميز عن غيري لأن إنجازه لم يُفَعَّل لصون ذكراه، لماذا لا نحذو حذو الدول الأوربية التي تنجز لأبطالها ومشاهيرها تماثيل تذكارية أو تطلق أسماءهم على شوارعها، لكن للأسف في المغرب فنحن لا نكرم المتميزين إلا بعد وفاتهم. وواقع الحال أن التكريم يجب أن يكون في حياة الشخص حتى يشعر بحلاوة ما أنجزه. وعبر جريدة «المساء» أود أن أقول إن الدولة المغربية والمسؤولين بالجديدة لم يهتموا بوالدي ولم يعتنوا به فهو يستحق أن يعيش الفرحة التي عاشها عشاق كرة القدم المغربية خلال فترة عطاءاته على أرض الميدان. - ختمت اللقاء بسؤال اللاعب الدولي بابا الذي كان حاضرا مجريات اللقاء، عن ابنته هند فكان جوابه: > كنت أتابع هند ابنتي منذ نعومة أظافرها، فقد كانت متفوقة وجريئة وقد حصلت على الباكلوريا بامتياز، وحتى الآن في عملها هي دائمة الارتقاء بفعل كفاءتها وحرصها على التفاني في العمل، وهذا كله يجعلني راضيا عليها وعلى كل إخوتها. وكل ما أسرت به لجريدة «المساء» هو تعبير عما يخالج صدرها، وهو رأيها المستقل وإن كنا جميعا نتشاركه.