تنكب لجنة تقنية وقانونية مكونة من عدة قضاة بالمجلس الأعلى على صياغة مشروع قانون جديد ينظم المجلس الأعلى للقضاء، بحيث يطال مشروع القانون الجديد طريقة انتخابه وتسييره والقوانين المرافقة لذلك. ويأتي المشروع الجديد تجسيدا للخطاب الملكي الأخير حول إصلاح القضاء الذي أعلن من خلاله الملك عن ضرورة «إعادة النظر في طريقة انتخابه بما يكفل الكفاءة والنزاهة ويضمن تمثيلية نسوية مناسبة لحضور المرأة في سلك القضاء». وكشف مصدر مطلع أن اللجنة القانونية التي تشرف على صياغة مشروع القانون، يرأسها مولاي الطيب الشرقاوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى، والذي كان وراء إخراج المدونة الجنائية الجديدة إلى حيز الوجود أيام كان مديرا للشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، وهو الذي أنيطت به مهمة الدفاع عن المشروع أمام لجنة العدل بمجلس النواب. وأشار المصدر ذاته إلى أن المجلس الأعلى للقضاء الذي عقد دورة خاصة يوم الجمعة 28 غشت الماضي لمدة ساعتين، من أجل تحديد المسؤوليات بمحاكم المملكة، لن يجتمع إلا بعد نهاية شهر رمضان، فيما أكد مصدر مقرب من المجلس أن الدورة لن تنعقد إلا بعد اتضاح الرؤية حول تكوين المجلس ومدى الذهاب إلى آخر شهر من عمره سينتهي في منتصف السنة القادمة خاصة أن جهات عليا تفكر في حل المجلس والإعلان عن انتخابات مبكرة له في ظل القانون الجديد وطريقة الانتخاب الجديدة. وأكد المصدر ذاته أن أولوية إصلاح القضاء أصبحت محددة من خلال الخطاب الملكي في إعادة النظر في تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، حيث إن الملك أكد في خطابه أن دعم ضمانات الاستقلالية يتم عبر «إيلاء المجلس الأعلى للقضاء المكانة الجديرة به، كمؤسسة دستورية قائمة الذات، وتخويله، حصريا، الصلاحيات اللازمة لتدبير المسار المهني للقضاة وإعادة النظر في طريقة انتخابه...»، وكلمة حصريا التي وردت في هذه الفقرة، تعني، حسب المصدر، العمل على حذف الامتياز المسمى «الانتداب القضائي» الذي يتمتع به وزير العدل والذي يعتبره القضاة السيف المسلط على رؤوسهم متى لم يسايروا مطالبه، وهو ما يضرب في العمق تلك الاستقلالية التي ضمنها الملك. وبخصوص الفقرة التي أكد من خلالها الملك على إعادة النظر في طريقة انتخاب المجلس الأعلى للقضاء وضمان تمثيلية وازنة للعنصر النسوي في جسم القضاء، أكد المصدر أن الملك قد وضع الأصبع على الجرح، حيث اكتشف أن الأعضاء الستة المنتخبين غير كافين. وتجب الإشارة إلى أن خزينة الدولة عن طريق وزارة الداخلية تمول الحملة الانتخابية في أبعد نقطة نائية بالمغرب خلال الانتخابات الجماعية، في حين لا يستفيد القاضي من درهم واحد من أجل القيام بحملة ليس له أن يكون خاضعا لجميل أي كان عندما يتبوأ تلك المكانة بالمجلس الأعلى للقضاء. وأكد المصدر أن مكمن الخلل في منظومة المجلس الأعلى للقضاء يتمثل في شيأين اثنين، يتعلق الأول بألا تبقى دورات المجلس تنعقد في سرية تامة حتى بالنسبة إلى القضاة، «لماذا لا تعلن دورات المجلس كباقي المؤسسات الدستورية ويتم تعميم جدول أعمال الدورات على الفاعلين القضائيين وكذا الإفصاح عن النتائج المقترحة التي سوف يتم رفعها إلى الديوان الملكي من أجل وضع حد لكل التدخلات التي تنشط أثناء انعقاد الدورة ولم لا يتم إحداث مصلحة للتواصل إلى جانب كتابة المجلس»؟ يتساءل المصدر.