أكد المشاركون في الندوة الوطنية حول الخطاب الملكي ومدونة القيم القضائية، الى تمتيع المجلس الأعلى للقضاء بالاستقلال المالي والإداري. واعتبر المشاركون في الندوة، التي اختتمت صباح أمس الأحد بمراكش، أن إصلاح القضاء يندرج ضمن أوراش التحديث المؤسسي والتنموي، لأنه يقع في صلب المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي، الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس،مبرزين أن تحديث المنظومة القانونية، والرفع من النجاعة القضائية رهينان بدعم ضمانات استقلال القضاء، وإصلاح الهياكل الإدارية والقضائية، وتأهيل الموارد البشرية. وأجمع المتدخلون في مختلف الورشات، التي نظمت على هامش الندوة الوطنية، والمتعلقة بمفهوم استقلال القضاء، ودور المجلس الأعلى للقضاء في الإصلاح، ومدونة القيم القضائية والإصلاح، ودور الودادية الحسنية للقضاة في الإصلاح، على أن الأهداف المنشودة من مشروع الإصلاح تتمثل في توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق والقانون، وعماد الأمن القضائي، والحكامة الجيدة، ومحفزا للتنمية. وشدد المشاركون في أشغال هذه الندوة الوطنية، المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة، على ضرورة تمتيع المجلس الأعلى للقضاء بالاستقلال المالي والإداري، وإعادة هيكلته، لجعله سلطة تقريرية في مشروع الإصلاح المنشود ، وتوفير الحصانة اللازمة، والضمانات القانونية للقاضي أثناء مزاولة مهامه، والرفع من مستوى التأطير القضائي، والانفتاح على المهن المرتبطة بالقضاء، وإعادة النظر في الخريطة القضائية، وإحداث لجنة للعمل على تمتين أواصر الترابط والانسجام بين القضاة في النزاعات البسيطة. ودعا عدد من القضاة، المشاركين في الندوة، التي "تهدف إلى تكريس ممارسة العمل القضائي، والتحلي بالقيم الأخلاقية، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، إلى خلق لجنة لحماية مدونة القيم القضائية، التي تجسد النضج المشهود للقضاة، ووعيهم المتقدم بسمو رسالتهم، وأهمية دورهم في المجتمع، وتفعيلها، عن طريق نمط التأطير في المحاكم المغربية بواسطة المسؤولين القضائيين، والعمل على إلحاقها بالنظام الأساسي لرجال القضاء". وأكدت باقي التدخلات على ضرورة الانخراط الفعلي للقضاة في مشروع الإصلاح، لمسايرة التطور، الذي يعرفه المغرب، في كافة المجالات، والمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة،معتبرين الخطاب الملكي في 10 غشت 2009 محطة مهمة في تاريخ القضاء المغربي ، وخطابا تاريخيا، يجسد الأرضية المرجعية للإصلاح، بأبعادها الدستورية والقانونية والفكرية ، ويشكل برنامج عمل طموح واستراتيجي وإجرائي ، ويرسم خارطة طريق واضحة في مشروع إصلاح القضاء. وتمحورت المناقشات في جميع الورشات، التي شارك فيها مجموعة من القضاة ووكلاء الملك من مختلف المحاكم المغربية، حول خطاب إطلاق الإصلاح العميق والشامل للقضاء، الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لثورة الملك والشعب، والذي عبر عن المكانة المحورية للقضاء في بناء دولة المؤسسات القوية بسيادة القانون والعدالة، مؤكدين على دور القضاء في ترسيخ ثقافة القانون وحقوق الإنسان، وفي المساواة، والإنصاف. وقال عبد الواحد الراضي، وزير العدل، في افتتاح أشغال الندوة، التي عرفت مشاركة حوالي 320 مشاركا من مختلف جهات المملكة، الجمعة الماضي، إن "الخطاب الملكي السامي، بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب، يشكل دفعة جديدة وقوية للإصلاح القضائي، ومرجعية أساسية للإصلاح الشامل والعميق للنظام القضائي، وفق خارطة طريق واضحة في مرجعيتها، وطموحة في أهدافها، ومحددة في استباقيتها، ومضبوطة في تفعيلها". وأضاف أن "الإصلاح القضائي يأتي تعزيزا لأوراش التحديث المؤسسي والتنموي، وفق منظور جديد، يهدف إلى بلورة إصلاح جوهري، يمتد بعمقه وشموليته لنظام العدالة بشكل عام"، مستعرضا أهداف الخطاب الملكي للإصلاح الجوهري للقضاء، المرتكزة على توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، وتأهيل القضاء، ليواكب التحولات الوطنية والدولية، والاستجابة لحاجيات المواطنين الملحة. وأوضح أن وزارة العدل عملت، مباشرة بعد الخطاب الملكي، على إعداد كافة النصوص التشريعية والتنظيمية، من مشاريع قوانين ومراسيم، تهم مختلف أبعاد الإصلاح، لتنفيذ خارطة الطريق التي حددها جلالة الملك لتفعيل الإصلاح القضائي، مضيفا بأن الوزارة عملت، بموازاة مع هدده الإصلاحات المؤسساتية، على تنفيذ خطة متكاملة وشاملة لإصلاح المحكمة، ستؤدي في أفق سنة 2010، إلى توظيف 1500 قاض، و 2500 موظف، وبناء 22 محكمة، وتوسيع وتهيئة 40 محكمة أخرى، بالإضافة إلى تعميم المعلوميات والتجهيزات الحديثة على كافة المحاكم. وأكد وزير العدل أن دور القضاة والمسؤولين القضائيين حاسم ومحوري في تفعيل الإصلاح وتحقيق أهدافه ، مشيرا إلى أن مدونة القيم القضائية تواكب أهداف وغايات الإصلاح القضائي ، لاسيما ما يتعلق بتعزيز ضمانات استقلال القضاء، وترسيخ التخليق. وتميز حفل افتتاح أشغال الندوة الوطنية، بتكريم القاضيين عبد المنعم المجبود، (الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى سابقا)، وعبد اللطيف بركاش (الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء سابقا)، اعترافا بجهودهما في المساهمة في تطوير القضاء بالمغرب. وتسليمهما هدايا رمزية ودرع الودادية الحسنية للقضاة.