قرر المخرج عمر الشرايبي الهجرة احتجاجا على الواقع السينمائي المغربي، الذي يحمل مسؤوليته لنور الدين الصايل مدير المركز السينمائي المغربي، ويتهمه ب «البريكولاج» في التعاطي مع قضايا السينما المغربية وبتبذير المال العام وتقديم الدعم لمهرجانات الأصدقاء والأقارب... إلى غيرها من القضايا التي أثارها عمر الشرايبي في حوار مع «المساء». - سمعنا من مصادر مقربة منك عن نيتك مغادرة المغرب، ما هي الأسباب؟ < لو أردت الحديث عن أسباب قراري مغادرة المغرب، سأحتاج إلى ساعات طويلة من الحديث والتفاصيل والمشاكل، لكن بشكل مقتضب، يمكن أن ألخص قرار المغادرة بربطه بأمرين أساسيين، الأول ذاتي والثاني مهني، من جهة أولى، فأنا مغربي تربيت في مناخ تربوي يتأسس على قوة القيم الأخلاقية والعائلية كمنطلق ومحدد للسلوكات. لقد تربيت على احترام الآخر ولقنت أسس المجتمع السليم، هذه التربية كانت ثمرة الجو العائلي والبعد التربوي، فالمدرسة كانت تقوم بدور أساسي في تلقين الطفل مبادئ الأخلاق والتربية بشكل سليم وفاعل، أما الآن فالمدرسة لم تعد تقوم بهذا الدور، كما أن المناهج لم تعد تقوم بدورها كما كان في السابق، في ظل هذا المعطى تخوفت على أبنائي من الضياع، فاتخذت قرار الهجرة، هذا القرار مرتبط بمعطى مهني ثان - كما أسلفت الذكر- فأنا كما تعلم مخرج، ولا مهنة لي سوى السينما ولم أتعلم غيرها في حياتي، إلا أنني أجد صعوبة كبيرة في الاشتغال، آخر مثال لهذه الصعوبة أنني حينما طالبت بالشطر الرابع من ميزانية الفيلم السينمائي «حديث اليد والكتان» للترويج له، دخلت في مسلسل طويل من التسويف، مع التذكير بأن هذا الشطر سأخصصه كاملا للمادة الإعلامية فقط. - وهل تفترض أن هناك أسبابا لهذا السلوك؟ < أول شيء أود توضحيه أن السينما التي يشتغلون بميزانيتها نحن من أسسها وحاولنا أن نؤسسها كصناعة حقيقية. للأسف أن البعض ينظر إليها كنوع من «الرشوق» أو أنها مهنة يمكن أن نطلق عليها «مبدأ اقضي باش ماعطا الله»، نحن نحاول أن نكون مضبوطين في العمل، هذا الانضباط لم يرده البعض، لهذا حاولوا أن يفرضوا أسلوب الارتجالية في التعامل مع بعض المخرجين. تخيل أنهم دققوا في الميزانية لأسباب لا أعرفها، وحينما وجدوا أن كل شيء مضبوط، لم يفرجوا عن الشطر الرابع من الميزانية، هذه المشاكل مرتبطة بشخص واحد لا غير. - لكن المركز السينمائي المغربي يعلن أنه يدعم السينما المغربية من خلال آلية الدعم أو من خلال إقامة المهرجانات؟ < ميزانية الدعم مكسب دافعنا عنه لعدة سنوات وحاربنا من أجله، ولكننا نتكلم عن امتيازات وسلوكات لا يمكن أن تتطور السينما بوجودها، وهنا يمكن التساؤل عن الميزانية التي تخسرها السينما المغربية في مهرجان «كان»، فمنذ أربع سنوات والمركز السينمائي المغربي يكتري محلا لأهداف قيل إنها مرتبطة بترويج السينما المغربية في الخارج، والحقيقية أننا لم نبع أي صورة طوال هذه المدة دون أن نتحدث بطبيعة الحال عن إمكانية بيع أي فيلم مغربي، إذن لماذا نخسر كل هذه الأموال الباهظة التي تقدر بمئات الملايين دون هدف معين؟ فإذا كان الهدف هو أن تأخذ لنور الدين الصايل صور تذكارية في مهرجان «كان»، فأظن أنه يمكن أن يصور في المغرب وتنشر صوره في الجرائد المغربية دون أن نضيع فلوس المغاربة في «كان». هذا أمر يسيء إلى السينما المغربية. - لنعد إلى الدعم، هل هو كاف؟ < نحن لا نتحدث عن دكم كاف أو غير كاف، نحن نحتاج إلى جواب عن سؤال ملح، ماذا نريد بالسينما المغربية؟ وهل هناك تصور لهذه السينما؟ قرأت، مؤخرا، مقالا حول وجود 285 قاعة في الثمانينيات حين كان عدد سكان المغرب أقل من نصف ماهو موجود الآن، للأسف أن العدد لم يعد يتجاوز اليوم الخمسين قاعة ، كما أن مدنا كبيرة من حجم فاس ومكناس لا توجد فيها قاعة سينمائية، فهل هذا معقول؟ للأسف أن السينما تحتاج إلى رؤية واضحة من لدن الوزارة والمركز السينمائي تتجاوز منطق «البريكولاج» الذي يتم التعاطي به مع السينما المغربية. - إذن في ظل هذه المؤشرات، في نظرك، ما هو الدور المفترض للمركز السينمائي؟ < يجب أن نطرح السؤال بشكل معكوس هل له دور الآن؟ وإذا كانت هناك أهداف من وراء عمل المركز السينمائي المغربي فأنا لم ألمسها، ففي ضوء ارتفاع القرصنة وإغلاق القاعات السينمائية وتبذير الأموال في المهرجانات دون نتيجة تذكر، أتساءل عن دور أو أهداف المركز السينمائي المغربي، والغريب أننا لم نسمع أن مسؤولا قال أو يقول: أهدافنا حول السينما المغربية هي كذا وكذا... سمعت في إحدى المحطات الغربية أن هناك مخططات 2050 وفق رؤية واضحة ولم نسمع أي أحد يتكلم عن مستقبل السينما المغربية. - هل الخلل في المركز كهيئة أم أن الأمر يتعلق بأداء المسؤولين عنه؟ < هناك شخص واحد هو المشكل، مع الإدارة ما قبل الماضية، كان الحرفيون يشتغلون وسارت السينما إلى الأمام. كل شيء قامت به غرفة المنتجين، هذا المدير لم يقم بأي شيء يذكر، فقط وجد الأمور جاهزة وسار في طريقه وأسلوبه الخاص في التعامل مع السينما بشكل لم يستفد معه الحرفيون الحقيقيون. - ولكن البعض يقول إن تنظيم مهرجانات هو مؤشر نجاح هذه السينما؟ < هناك شيء ملتبس في القضية. فالبعض يعتقد أن المركز يدعم كل المهرجانات التي تقام، الحقيقة أن 10 أو 12 مهرجانا تحارب للبقاء والاستمرار، والمركز السينمائي يدعم المهرجانات إذا كان أحد المنظمين قريب أو صديق المدير، في الأسبوع ما قبل الماضي حضرت المهرجان السينمائي ببني ملال الذي ينظمه أساتذة جامعيون، وجدت أن هؤلاء يضحون لتنظيم تظاهرة بسيطة يعرضون فيها 6 أو7 أفلام. لماذا مثلا لا يقدم لهؤلاء تقنيات للصوت، ولماذا لا تخصص ميزانية مهرجان «كان» لاستثمارها في الجانب التقني بدل تبذيرها دون جدوى.