شهدت الساحة السينمائية الوطنية، مؤخرا، أحداثا «سينمائية» تعكس صورة واضحة عن واقع سينمائي تلتبس فيه الأهداف والنتائج، أولها محاولة ضخ دماء جديدة في لجنة الدعم السينمائي بتعيين الناقد السينمائي محمد الكلاوي رئيسا للجنة بدل وزير الثقافة الحالي بنسالم حميش، وما شاب ذلك من ملابسات وكواليس سابقة، ثانيها حصيلة المشاركة السينمائية المغربية في المهرجان المتوسطي للفيلم القصير بطنجة. وثالث المعطيات خروج مسؤولين عن المركز السينمائي للحديث عن «الطفرات» السينمائية التي يشهدها المغاربة، دون تحفظ، هذا فضلا عن إغراءات تمنح لشركات أجنبية للتصوير في المغرب لأهداف غير واضحة. فبعد أن أسر مصدر ل«المساء»، في وقت سابق، بأن نور الدين الصايل، مدير المركز السينمائي طلب من بنسالم حميش الاستقالة من لجنة الدعم السينمائي التي تحتاج إلى تفرغ لقراءة النصوص السينمائية، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض الأولي، جاءت الكلمة الفصل لوزير الاتصال خالد الناصري بتعيين محمد الكلاوي رئيسا للجنة الدعم، دون أن يقدم حميش استقالته، حسب ما أكد مصدر مسؤول من وزارة الاتصال. وفي ارتباط بهذا الدعم، يتساءل المهتمون بالشأن السينمائي عن حصيلة هذه اللجنة على المستوى القيمي، وعن شفافية الاختيار التي يجب أن تكرس طلب الممثل محمد مفتاح والمخرج سعد الشرايبي في برامج تلفزيونية بتوضيح معايير الاختيار التي تسوغ قبول أعمال دون أخرى، هذا فضلا على ضرورة أن يثبت «كل» الأعضاء، عبر مستوى الأعمال المدعمة، حقيقة أنهم بالفعل قرؤوا سيناريو هذه الأعمال، وهو الشيء الذي نفاه مصدر مطلع على حال اللجنة. وفي السياق ذاته، خرجت السينما المغربية خاوية الوفاض من الدورة الأخيرة من مهرجان الفيلم السينمائي القصير، مما يطرح السؤال حول مآل هذه السينما التي تراهن على إقامة المهرجانات واستضافة النجوم العرب والعالميين دون أن تترك الميزانيات المالية الكبيرة المخصصة أثرها على مستوى الإنتاج السينمائي الحقيقية الذي يتناغم مع التحول المجتمعي الذي يعرفه المغرب، ويتناغم بدرجة ثانية مع تسويغ منح الدعم المالي لبعض المخرجين الذين «يتدربون» في ميزانية العمل المدعم. هذا الواقع الذي ينضاف إلى استمرار إغلاق القاعات السينمائية واستمرار نفور المغاربة من هذا التعبير الفني، يفند ما اعتاد الإعلام على تصويره من كون المغرب يعرف طفرة سينمائية لا تستقر-للأسف- إلا في مخيلة المسؤولين عن المركز السينمائي الذين يروجون لسينما غير موجودة على أرض الواقع. ومن غرائب «مدبري» هذه السينما أن تمنح لشركات أجنبية امتيازات وتخفيضات ضرائبية للتصوير في المغرب، دون أن يوضع الإطار القانوني لحماية الممثلين المغاربة المشتغلين في هذه الأعمال بشكل يحمي صورة الممثل المغربي، ودون أن تأخذ بعين الاعتبار وضعية هذا الممثل في عائدات التصوير على المدى البعيد، بتخصيص نسبة لصندوق دعم الممثل بدل أن تخفض النتائج في ظروف ملتبسة، بعيدا، بدرجة أخرى، عن التفكير في تنمية المناطق المغربية التي تحتضن مواقع التصوير كورزازات. هي بعض من حالات سينمائية كثيرة تجعل مستقبل هذه السينما على كف عفريت، إذا لم تتخذ إجراءات عملية تعيد الاطمئنان إلى المشاهد المغربي الذي هجر القاعات، مكرها، في زمن صارت فيه السينما مهنة لمن لا مهنة له، على حساب الوظيفة التثقيفية والترفيهية لهذا الجنس الذي يشهد الطفرات السينمائية الحقيقية في الدول التي تحترم فيها الخصوصيات والحساسيات المجتمعية والدينية والإبداعية، وتسير السينما بمنطق الجودة وليس بمنطق القرب من أصحاب القرار السينمائي، حسب ما أكد عمر الشرايبي، في تصريح سابق.