اجتمعت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الجمعة الأخير، بشكل طارئ لتدارس الوضع المقلق للصحافة المكتوبة بالمغرب، بعد الأحكام القضائية الخطيرة التي تعرضت لها أربعة منابر صحفية في أسبوع واحد. وقد سيطر على النقاش ملفا دعوى القذافي ضد ثلاث صحف، هي «المساء» و«الأحداث المغربية» و«الجريدة الأولى»، ثم القضية المرفوعة من طرف شركتي المامونية و«بريماريوس» ضد مجلة «إيكونومي إي أنتروبريز». وتميز اللقاء، الذي حضره جل مدراء وناشري الصحف المغربية، بنقاش صريح تمحور حول الخيارات التي يجب اتباعها من طرف القطاع لوضع حد لهذه المهزلة التي لا تخدم البلاد، لأنها تمس إحدى دعامات الديمقراطية، ألا وهي حرية التعبير والنشر. وقد أجمع جل الحاضرين على أن هناك «جهات» تريد دفع الصحافة إلى تبني رقابة ذاتية وتطويع المنابر الإعلامية حتى تصير كلها ناعمة، مستعملة في ذلك سلاحي القضاء والعقوبات المالية السوريالية، التي تهدد بإغلاق المقاولات الصحفية وتشريد مئات العاملين بها، وهو الوضع الذي لا يخدم بلدا «كان» يعتبر نموذجا حيا لصحافة حرة في محيطه العربي. هذه «الجهات» صارت تضيق ذرعا بجرأة الصحافة، حسب أعضاء الفيدرالية، وتتعامل معها باحتقار، في غياب تام لمخاطب قادر على لعب دور حلقة الوصل بين الصحافة ومن يهمهم الأمر لتفادي سوء الفهم الذي أوصلنا إلى مستوى هذا التشنج، الذي يهدد ثوابت حرية التعبير بالمغرب. وقرر أعضاء الفيدرالية إصدار بلاغ يندد بالتصعيد القضائي ضد الصحافة والمطالبة بأن تكون الغرامات متلائمة مع مستوى المخالفات، والدفع في اتجاه فتح ملف قانون الصحافة من جديد، والمطالبة بتحديد مخاطب رسمي من أعلى مستوى لدراسة كل قضايا الصحافة مع مهنيي القطاع. وقد تم التأكيد، خلال هذا اللقاء، على أن الصحافيين ليسوا ثوارا وإنما مهنيون يريدون لعب دورهم الإعلامي بشكل مهني، وأن يكونوا نبض المجتمع كما يقع في كل الدول التي تحترم مواطنيها والرأي العام. وتقرر، أخيرا، أن يلتحم الجسم الصحفي لمواجهة الأخطار المحدقة وأن يفتح جميع قنوات الاتصال، ويعبر في نفس الوقت عن احتجاجه على هذا الوضع الشاذ بكافة الوسائل المتاحة، ومنها إصدار افتتاحيات بيضاء الجمعة القادم للفت انتباه الرأي العام إلى خطورة الوضع الذي أصبحت تعيشه الصحافة بالمغرب، وهي المبادرة المفتوحة أمام جميع الصحف المغربية باختلاف انتماءاتها السياسية أو الجمعوية أو التنظيمية، لأن التضييق على الحريات يطال الجميع.