يدخل المهرجان الوطني لعبيدات الرمى إنطلاقا من يوم غد دورته التاسعة، وتشرف على تنظيمه جمعية تحمل اسمه، بدعم من وزارة الثقافة وبمساهمة مجموعة من الشركاء الأساسيين، وتشارك فيه مجموعة من فرق الشيوخ تم اختيارها بصفة مباشرة، وهي تسعة، وفرق وجمعيات ومجموعات شابة تم اختيارها عن طريق التصفيات التي تمت في شهر ماي الماضي، حيث عرفت مشاركة 38 فرقة تأهلت منها 27 فرقة. وأشرفت على عملية التصفيات لجنة يتكون أعضاؤها من دارسين وباحثين ينتمون إلى وحدة تحقيق وتوثيق ودراسة التراث المغربي والشفهي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدارالبيضاء، إلى جانب أعضاء يمثلون الجمعية، وقد تم اختيار الفرق المشاركة إلى جانب الشيوخ وفق معايير ومقاييس مضبوطة ومحددة في القانون الداخلي للمهرجان. يقول رئيس جمعية المهرجان الوطني لعبيدات الرمى أحمد زهيري، في تصريح ل«المساء»، إن المقاييس التي اعتمدت في اختيار الفئات الشبابية ركزت على اللباس أو الهندام ومدى احترامه تقاليد عبيدات الرمى، ثانيا الأدوات الموسيقية المستعملة، والتي لا يجب أن تتجاوز الأدوات النقرية ك:«الطعريجة والمقص والبندير»، وألا يتضمن القصيد الغنائي أو الكلمات والمفردات والتعابير السوقية أو الساقطة، الدخيلة على أغاني عبيدات الرمى، وهذا عنصر ثالث، أما العنصر الرابع حسب زهيري، فيتمثل في انسجام أعضاء الفرقة. وفي تعليقه على البلاغ الصحافي الصادر عن مجموعة من الفرق الداعية إلى مقاطعة المهرجان بسبب ما سمته بانفراد الجمعية بتنظيم المهرجان، ووصف التنظيم بالارتجالية، أجاب رئيس الجمعية الوطنية للمهرجان، أن الأمر يتعلق بفرق اعتبرت مقصية من المشاركة في المهرجان بطريقة أوتوماتيكية، لكونها رفضت المشاركة في الإقصائيات، والقانون الداخلي للمهرجان واضح في هذا الشأن، مبرزا أن التنصيص على هذه النقطة لم يأت من فراغ، إذ تحكمت فيه أهداف وخلفيات ذات نية خالصة تروم الحفاظ على خاصيات وأصالة هذا الفن العريق وحمايته من تسرب بعض الظواهر السيئة خاصة لدى الفرق الشابة، سواء على مستوى الكلمات أو الإيقاع والرقصات، لذلك دأب المهرجان، حسب أحمد زهيري، على تنظيم الاقصائيات لضمان الجودة لدى الفرق وتطعيم هذا المقوم بورشات تطبيقية يؤطرها شيوخ عبيدات الرمى لحماية هذا الفن من الابتذال. وفي ما يتعلق بالشق الثقافي أشار منسق الندوة العلمية إلى أن المهرجان رفع شعارا لهذه الدورة «مسؤولية الباحث في صيانة الذاكرة الشعبية»، وهو نفس المحور الذي سيجتمع حوله عدد من الباحثين، وفق مقاربة علمية تمتح من الجانب الأنطروبولوجي في البحث التراثي، ويتفرع الموضوع إلى جوانب فنية جمالية تاريخية تلامس هذا الموروث الشعبي. وأبرز محدثنا أن الندوة ستعطي أهمية كبرى لموضوع المقاومة الذي تناولته أغاني عبيدات الرمى، حيث يعكس هذا الجانب أصالة ووطنية هذه الفرق. كما اعتبر أن هذه الندوة العلمية تندرج ضمن تقليد سنوي رافق أنشطة المهرجان، في سياق جرد ما تبقى من هذا الفن، وتتبعه علميا بالإحصاء والتدوين والتوثيق وبما يتوفر من آليات وأدوات تقنية وعلمية (ندوات-ملتقيات-موائد فكرية-ورشات تطبيقية). وتجدر الإشارة إلى أن المهرجان سيعرف هذه السنة حضور بعض الباحثين في التراث ومسؤولين ببعض إداراته من بعض البلدان العربية في إطار توطيد الصلات المعرفية والتعريف بتراث عبيدات الرمى على هذا الصعيد. وفي إطار أنشطته الموازية تنظم معارض متنوعة لها علاقة بالحياة اليومية والعادات والتقاليد والحرف والصناعات والمهارات اليدوية (صور وملصقات المهرجانات السابقة، معرض الفنون التشكيلية ببهو المركب، معرض لصور عبيدات الرمى قديما، أشرطة فيديو لفرق عبيدات الرمى تتغنى بالمقاومة والجهاد، ومعرضا آخر حول تاريخ عبيدات الرمى، صور فيديو وملصقات صحافية. فيما يشمل المحور التنشيطي الفني عروضا موسيقية للفرق والمجموعات المشاركة، تتوزع أنشطتها على مختلف مدن الإقليم وبعض القرى المجاورة لمدينة خريبكة. يذكر أن هذا الفن ظهر في بعض المناطق كورديغة والشاوية وتادلة والحوز من عهود خلت، ويمكن تصنيف هذا الفن البديع في خانة الفنون الفرجوية الشعبية التي عرفها المغرب ومازالت مستمرة إلى الآن . وتعني كلمة أو لفظ «الرمى» الرماية بالبندقية أو السلاح على وجه التدقيق إلى درجة يمكن فيها القول إن عبيدات «الرمى» هم رماة كان همهم الأساسي هو التدريب على الرماية بالبندقية والاستعداد الدائم للدفاع العسكري. كان ولا يزال لكل فرقة أو مجموعة مقدم يسهر على تسييرها ورعايتها وغالبا ما يكون من أبرز شعرائها ونظامها.