ليس من الصعب أن يكون المرء متشائما في هذه الأوقات الصعبة، فهناك عدة مؤشرات تلوح في الأفق، حيث إن الأزمة المالية الدولية وآفاق النمو الاقتصادي المنخفض تزيد من خطر الكساد والبطالة على سبيل المثال لا الحصر. في شهر أبريل 2009، استضاف المغرب مؤتمرا عن الطاقة المتجددة في بلدان اتحاد المغرب العربي، وخلال هذا المؤتمر تبادل المشاركون خبراتهم في مجال التقنية في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، علما بأن هذه الموارد يمكن أيضا أن تسهم في تباطؤ الآثار الضارة بالمناخ والتي أصبحت محسوسة بالفعل في جميع بلدان المغرب العربي من خلال زحف التصحر والفيضانات والجفاف. فآثار الجفاف والتصحر قاسية وواضحة للعيان، ويمكن ملاحظة انتشار التصحر وخطر فقدان الأشجار في منطقة أكادير، خاصة شجر الأركان التي تحظى بشعبية كبيرة جدا في المغرب. وهذه الأضرار قد تكون الأسوأ في السنوات القادمة إذا لم نتمكن من إيجاد حل. سنة 2009 قد تمثل نقطة تحول إلى الأسوأ في التاريخ الحديث إذا فشلنا في إدارة هذه الأزمة العالمية، ولكن أيضا إلى الأفضل إذا قمنا بتغيير مواقفنا، وقد اتخذت دولة الدانمارك شعارا ورسالة بسيطة عنوانها: لنجعل من عام 2009 سنة خضراء. ففي دجنبر 2009، ستجتمع دول العالم في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن في مؤتمر الأممالمتحدة حول تغير المناخ (مؤتمر الدول الأعضاء في اتفاقية CoP15) للتوصل إلى اتفاق عالمي جديد لفترة ما بعد كيوتو، وستكون لدينا الفرصة لاتخاذ قرار تاريخي يمكننا من أن نجعل العالم مكانا أفضل للعيش، لأطفالنا وللأجيال المتعاقبة. الدانمارك والاتحاد الأوربي يتحدثان بصوت واحد وهما يقودان المفاوضات الدولية، ففي مؤتمر قمة الاتحاد الأوربي في دجنبر الماضي اتفقت الدول الأعضاء على أهداف طموحة لخفض انبعاثات الغاز وحصة مصادر الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوربي، واتفقنا أيضا على تقاسم هذا العبء، ويمثل هذا الاتفاق منطلقا قوياًَ لإقناع الآخرين. يجب علينا جميعا، فرادى ودولاً، إعطاء المثل بسلوكنا، فخلال 30 عاما تمكنت الدانمارك من الحفاظ على معدل نمو اقتصادي بلغ 7 ٪ دون زيادة استهلاك الوقود الأحفوري، فقد وضعت الطاقة المتجددة الأساس لاقتصاد أخضر، وهذا جزء من تاريخ الدانمارك الذي ترك انطباعا طيبا لدى القادة وصناع القرار في جميع أنحاء العالم، وهو يشجع التجارة والاستثمار والسياحة. وأعتقد أن المغرب لديه فرصة لتطوير مفهوم الاقتصاد الأخضر على الأرض، لأنه لا توجد دول كثيرة في العالم تتوفر على مصادر غنية من الطاقة المتجددة (الشمس والبحر والريح) كالدانمارك، والمغرب يتوفر على إمكانات هائلة لاستخدام الرياح كمصدر بديل للطاقة. ولكن لا المغرب ولا الدانمارك، ولا الاتحاد الأوربي يمكنها أن تحل تحديات التغير المناخي وحدها، ونحن بحاجة إلى مساعدة شركائنا الدوليين، سيما الدول الرئيسية التي تساهم في انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وهي الولاياتالمتحدة والصين والهند وروسيا والبرازيل وغيرها. وقد وجهت الإدارة الأمريكية الحالية إشارات إيجابية في هذا الاتجاه، وهذا يعزز توقعاتنا لنتائج مؤتمر كوبنهاجن. يمكننا أن نجعل من عام 2009 سنة خضراء، فلنعمل معا!