سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المغرب تمكن من الصمود في وجه الاضطرابات التي عرفتها الأسواق العالمية تبنى خيارات طموحة لتنمية الطاقات المتجددة ورفع من جاذبيته للاستثمار الأجنبي المباشر
الرباط: العلم بالرغم من التحديات الكثيرة التي واجهها الاقتصاد المغربي بسبب الأزمات التي هبت خلال السنوات الأخيرة على الاقتصاد العالمي، مثل ارتفاع أسعار المواد الأولية والطاقية والمواد الغذائية وانهيار الأسواق المالية في العديد من الدول، فإن الاقتصاد المغربي على ما يبدو من النتائج التي حققها قد خرج منها بأقل الأضرار، وبقي في منأى من التداعيات الحادة لهذه الأزمات. وتشير تقارير دولية عديدة إلى أن الكثير من القطاعات الاقتصادية عرفت خلال سنة 2008 تطورات مهمة وسجلت حصيلة جيدة إذا ما تم الآخذ بعين الاعتبار للظرفية الدولية والصعبة. وفي هذا السياق تشير هذه التقارير إلى أن قطاع الطاقة تمكن من تجاوز كل الصعوبات بالرغم من أن المغرب لا يتوفر إلا على احتياطي ضئيل من المواد الطاقية الأولية. ذلك آنه يستورد 96 في المائة من حاجياته الطاقية، وهو ما يفترض أن يجعل المغرب يعاني بحدة من الاضطرابات التي عرفتها الأسواق العالمية بفعل الارتفاع الكبير للأسعار، إلا أنه تمكن من الصمود إلى أن بدأ الانفراج يعرف طريقه إلى الأسواق خلال الأشهر القليلة الأخيرة. وبلغت الفاتورة النفطية المغربية لوحدها، حسب بعض هذه التقارير، 1.1 مليار دولار فقط خلال الفصل الأول من السنة أي ما يعني ارتفاعا بنسبة 69 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، وهذا قبل أن تعرف الأسعار أوجها حيث بلغ سعر البرميل من النفط 147.27 دولار في شهر يوليوز من السنة المنتهية. وقد عمل المغرب للتغلب على الوضعية الصعبة التي كان من الممكن أن تنتج عن هذه الظرفية بتبني خيارات طاقية جديدة تحتل فيها الطاقات البديلة والمتجددة الأولوية بما في ذلك الطاقات الريحية والشمسية والنووية، وهي الأنواع التي ينظر إليها كبدائل ممكنة للنفط وللغاز الطبيعي. وتستهدف البرامج الحكومية في مجال الطاقة إلى رفع مساهمة الطاقة الشمسية في الإنتاج الوطني من الكهرباء إلى 20 في المائة في أفق 2012، ويبدو هذا الهدف في نظر البعض طموحا جدا اعتبارا لحجم المساهمة الحالية والتي لا تتعدى 1 في المائة، ويرى هؤلاء أن هذا الهدف ليس مستحيلا مع ذلك نظرا للإمكانيات الطبيعية التي يتوفر عليها المغرب. ومن أجل ذلك أشارت العديد من التقارير إلى أن المغرب عمل على استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، خاصة شركة «طاقة» الإماراتية وتيوليا الفرنسية المتخصصة في الطاقات المتجددة، وقد وقعت الشركتان على بروتوكول اتفاق لتنمية الطاقة الريحية بالمغرب، وذلك بعد حصولهما معا على الصفقة المتعلقة ببناء واستغلال محطة لإنتاج هذا النوع من الطاقة من فئة 300 ميغاوات في طرفاية. ومن بين الإنجازات الأخرى للمغرب في المجال الاقتصادي خلال سنة 2008، وخلال السنوات القليلة الماضية، أنه تمكن من أن يرفع من جاذبيته في ما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية، بحيث لم تعد فرنسا وبلدان الخليج العربي وحدها التي تستثمر في المغربي، بالرغم من أن هذه البلدان لا تزال تحتل الصدارة في هذا المجال. وفي هذا الإطار، تشير العديد من التقارير إلى أن بلدان شمال إفريقيا وبعض البلدان الآسيوية باتت ذات حضور وازن في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصة في إنتاج الأسمدة والفوسفاط. وكمثال على ذلك وقع المكتب الشريف للفوسفاط والشركة الليبية الإفريقية للاستثمار في ماي الماضي مذكرة تفاهم لبناء ثلاثة مصانع لإنتاج الحامض الفوسفوري والأمونياك والأسمدة، اثنين منها في الجرف الأصفر والثالث إما في ليبيا أو في المغرب، باستثمار بلغ حجمه 1 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، وفي سياق التنوع الذي يعرفه الاستثمار الأجنبي المباشر بالمغرب، كان المكتب الشريف للفوسفاط قد وقع اتفاقا آخر مع شركة بيترو فيتنام وشركة شيميكال جوانت ستوك ، لإنشاء مصنع للأسمدة من نوع DAP باستثمار بلغ حجمه 600 مليون دولار. ومن المنتظر أن تصل الطاقة الإنتاجية لهذه المنشأة التي ستشرع في العمل ابتداء من سنة 2011 إلى مابين 660 ألف و1 مليون طن سنويا من الأسمدة. وبالرغم من تدهور الوضع الدولي ونتيجة للأزمة المالية العالمية فإن التوقعات المتعلقة بنمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب خلال سنة 2009 تبقى متفائلة جدا. وحسب توقعات صندوق النقد الدولي فإن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر سوف يصل إلى 3.8 % من الناتج الداخلي الإجمالي لسنة 2008 مقابل 1.5 % في سنة 2004. كما أن توقعات نمو الاقتصاد المغربي لا تزال قوية. فبالرغم من أن معدل النمو المسجل في سنة 2007 قد انخفض إلى 2.7 % ، بسبب ضعف الموسم الفلاحي، تتوقع الحكومة المغربية وصندوق النقد الدولي نموا تصل نسبته إلى 6.2 % خلال سنة 2008، وهي توقعات متفائلة جدا نظرا لأن الأسواق الرئيسية في أوروبا الغربية التي تشكل الوجهة الرئيسية للصادرات المغربية من المنتظر أن تعرف حدوث تباطؤ في النمو وأيضا من المحتمل أن تعاني من زيادة في أسعار الفائدة.